استمع إلى الملخص
- التحديات الداخلية للسلطة الفلسطينية وحركة فتح: تواجه السلطة الفلسطينية وحركة فتح تحديات كبيرة بسبب اقتتال جنين، حيث قد يؤدي ذلك إلى تفكك مكونات السلطة، مع تعقيد الأزمة بسبب انتماء العديد من المقاومين لعائلات في الأجهزة الأمنية أو حركة فتح.
- محاولات حل الأزمة وتعقيداتها: تتعقد الأزمة في مخيم جنين بسبب التداخل بين الفصائل الفلسطينية والأجهزة الأمنية، مع مقتل الطفل محمد العامر مما يزيد الوضع تعقيداً ويضع "فتح" في موقف صعب.
لليوم الخامس عشر على التوالي، يعيش مخيم جنين حصاراً وإطلاق نار متواصلاً أدى إلى مقتل ثلاثة مواطنين وإصابة آخرين بجروح خطرة سقطوا برصاص أجهزة الأمن الفلسطينية التي تسعى لنزع سلاح المقاومين في كتيبة جنين، التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي. ملاحقة المقاومين من قبل السلطة الفلسطينية ليست بالأمر الجديد، لكن العملية التي تجريها السلطة في المخيم تحت عنوان "حماية وطن" تبدو مختلفة، فحدة اقتتال جنين وتوقيت العملية وطول مدتها وما يصاحبها من حملة منظمة لتشويه وشيطنة المقاومة، تجعلها أكثر تعقيداً هذه المرة.
ولم يعد الأمر يتعلق بتأييد المقاومة المسلحة للاحتلال من عدمه في الضفة الغربية، ولا بموالاة حكام رام الله أو معارضتهم، ذلك أن من شأن أي فلسطيني أن يتساءل: إن سلّمنا جدلاً أن السلطة الوطنية الفلسطينية عاجزة عن مواجهة جيش الاحتلال الذي ستبيح الضفة من شمالها إلى جنوبها، وبكافة تصنيفات مناطقها التي رسمها اتفاق أوسلو، استيطاناً وقتلاً وتدميراً للمنازل وسرقة للبيوت والأراضي، فلماذا لا تقوم بأبسط واجبات الدفاع عن الفلسطينيين في مواجهة المستوطنين وعصاباتهم ومسلحيهم، هم الذين تتعاطى معهم حتى عواصم غربية حليفة لإسرائيل على أنهم منظمات إرهابية أو شبه إرهابية وتفرض على رموزهم عقوبات؟ في ظل هذا الموقف المتفرج، تبادر السلطة إلى شنّ حملة أمنية ضد شبان فلسطينيين يحاولون بقدر المستطاع مقاومة الاحتلال، بدءاً من جنين شمالي الضفة، وهو ما لا تخفي إسرائيل سعادتها بحصوله ورغبتها بتمدد اقتتال جنين إلى كافة أنحاء الضفة، جنوبي الضفة وشماليها ووسطها.
أنور رجب: الحملة الأمنية ستستمر حتى بسط سيادة القانون
في ظل اقتتال جنين المستمر، يؤكد الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، العميد أنور رجب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحملة الأمنية التي تنفذها الأجهزة في مخيم جنين ستستمر حتى يتم بسط سيادة القانون واستعادته من أيدي من اعتبرهم "الخارجين على القانون"، الذين وصفهم بأنهم اختطفوا السلطة وحاولوا تحويلها إلى جزيرة معزولة عن سيادة السلطة، من خلال استخدام أساليب بلطجة والاستعداد لإراقة الدماء تجاه المواطنين وقوى الأمن. ويصف رجب المجموعات المستهدفة في الحملة بأنها تعتمد على التخفي خلف أسماء وعناوين مضللة بهدف استغلال العاطفة الشعبية وكسب التعاطف، قائلاً إنه "لو استمعت إلى خطابهم ستجدهم يتقمصون أدواراً مختلفة، أحياناً يظهرون بثوب (تنظيم) داعش، وأحياناً بثوب حماس، وأحياناً أخرى بثوب الجهاد الإسلامي، وذلك بناءً على مصادر التمويل التي يحصلون عليها". ويشير إلى أن هذه المجموعات لا تمتلك أرضية فكرية أو عقيدة حقيقية، بل تتقمص أدواراً تخدم مصالحها المادية، معتبراً أن "الارتزاق هو العامل الأساسي الذي يفرض عليهم هذه الأدوار المختلفة، فهم يلبسون ثوباً لا يعكس حقيقتهم ولا ينتمي إليهم".
السلطة وفتح أكبر خاسرين من اقتتال جنين
يرى خبراء وقيادات ميدانية في أحاديث مع "العربي الجديد"، أن السلطة الفلسطينية وحركة فتح قد تكونان أكبر خاسرين في هذه المواجهة، خصوصاً مع تصاعد الإشارات التي تعكس بداية تفكك مكونات السلطة الفلسطينية. ويوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، معاوية موسى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الجانب الأميركي صحيح أنه يقف خلف التظاهر بدعم السلطة الفلسطينية، لكن الهدف هذه المرة ليس تعزيز قبضتها، فقد تحقق الهدف الذي كانت الولايات المتحدة تريده في السابق، والآن هدفها على العكس تماماً وهو الدفع باتجاه مزيد من التحلل والتفكك داخل جهاز السلطة الفلسطينية.
شامي الشامي: "فتح" ستدفع فاتورة ما يفعله الأمن في جنين
من جهته يرى القيادي في "فتح"، النائب السابق في المجلس التشريعي المنحل، شامي الشامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن حركة فتح "ستدفع فاتورة ما يفعله الأمن في مخيم جنين"، موضحاً أن معظم آباء المقاومين في كتيبة جنين ينتمون إلى حركة فتح، ما يجعل الأزمة أكثر تعقيداً. وينتمي الضحايا الثلاثة في مخيم جنين، ربحي الشلبي ويزيد جعايصة ومحمد العامر إلى عائلات تعمل في أجهزة الأمن الفلسطيني، وينتمي بعض أفرادها لحركة "فتح"، ما يجعل معضلة السلطة في مخيم جنين الذي يُطلق عليه "عش الدبابير"، أكبر من أي مكان في الضفة الغربية المحتلة.
هكذا بدأت الأزمة
استعدادات الأجهزة الأمنية الفلسطينية لتنفيذ حملة واسعة في مخيم جنين كانت مسألة وقت، في ظل الحديث المستمر عن وجود تسريبات حول نية الأجهزة الأمنية في تنفيذ عملية في المخيم، رغم أن اقتتال جنين الحالي، بدأ فعلياً يوم الثالث من الشهر الحالي. اندلعت شرارة الأحداث عندما اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية الأسيرين المحررين عماد أبو الهيجاء وإبراهيم الطوباسي، وصادرت أموالاً بحوزتهما كانت موجهة لدعم أسر الشهداء والأسرى، فيما تم اتهامهما بأنهما "لصوص وقطاع طرق". وفي الخامس من الشهر الحالي، استولى أفراد من كتيبة جنين على مركبتين تابعتين للسلطة الفلسطينية (واحدة للارتباط العسكري والأخرى لوزارة الزراعة)، ورفعوا أعلام الكتيبة عليها، ما أدى إلى تسارع الأحداث وحصار المخيم من قبل الأمن الفلسطيني، وبدء الاشتباكات بين الطرفين التي لم تتوقف حتى الآن. وأسفرت المواجهات خلال اقتتال جنين المتواصل حتى اللحظة عن مقتل ثلاثة مواطنين برصاص الأمن الفلسطيني، وهم: ربحي الشلبي والطفل محمد العامر، وأحد قادة كتيبة جنين يزيد جعايصة، إضافة إلى إصابة العشرات، بينهم ثلاثة في حالة خطرة. في حين لم تصرّح الأجهزة الأمنية بعدد المصابين في صفوفها، إلا أنه تم نقل عدد منهم إلى مستشفيات مختلفة لتلقي العلاج.
محاولات حل الأزمة
بعد يوم من تصاعد وتيرة الأحداث في مخيم جنين، كانت شخصيات قيادية واعتبارية بالمخيم تحاول احتواء الأزمة، إذ يوضح القيادي في "فتح" شامي الشامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك اقتراحاً قدمه خلال اجتماع مساء الجمعة في 13 من الشهر الحالي، لحل الأزمة، وذلك بعد التشاور مع أهالي الشهداء وكتيبة جنين. تمثل المقترح، وفق الشامي، بنزول وفد أمني إلى المخيم من دون مصفحات، فيما تقوم فرقة تفكيك المتفجرات بعملها من منطقة حي الزهرة إلى دوار العودة، إضافة إلى دخول المخيم بسيارات الأمن وعتادها وليس بالمصفحات، لأن عنصر أمن في مصفحة قتل الشاب ربحي الشلبي. يتبع ذلك بحسب المقترح، التجول في حارات وأزقة المخيم والجلوس في أحد دواوينه، ما من شأنه أن يكسر الحاجز بين الأمن والمخيم، وفي اليوم التالي تمارس الشرطة الفلسطينية عملها بالمخيم بطريقتها، وفي حال كان هناك مطاردون إذ ما تم التوصل إلى حل معهم لتسوية أوضاعهم سيكون أمراً جيداً لأن عددهم أكبر من المعلومات التي لدى السلطة.
ويوضح الشامي: "قلنا لهم إن هذا أفضل اقتراح، لأنه يضمن أن يتم حل الأزمة على مراحل"، لافتاً إلى أن رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، رد حينها بالقول: "ندرس الاقتراحات ونرد عليكم". لكن اقتتال جنين استمر، ووفق الشامي، بدأ بعد ذلك النقاش يعلو بين قادة الأمن ويحتد إلى أن قرر فرج: "سأدخل المخيم بألف جندي، وسأفكك جميع العبوات، وسأعتقل جميع عناصر الجهاد الإسلامي المسلحين". وبالفعل، دخلت قوات الأمن أطراف المخيم صباح السبت الماضي، واندلعت اشتباكات جديدة لا تزال مستمرة. ويعقب الشامي، بالقول إن "الحل على طريقة الأمن صعب جداً، وإذا كانت إسرائيل تهدد بدخول المخيم عبر جرافاتها التي تستعد على حواجز جنين منذ يومين، فلتفعل، هذا أفضل من أن يقتتل الأمن مع المخيم".
معادلة جنين
تُعدّ المعادلة في مخيم جنين أكثر تعقيداً من أي مكان آخر في الضفة الغربية المحتلة، إذ باءت جميع محاولات الرئيس محمود عباس للقضاء على المقاومة في المخيم بالفشل على مدار السنوات الماضية. يعود ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها الحاضنة الشعبية القوية للمقاومة في مدينة ومخيم جنين، والتي تظل متماسكة رغم الضربات الكبيرة التي تلقتها باعتقال رموز سياسية وتنظيمية بارزة مثل عضو المجلس الثوري جمال حويل ومسؤول إقليم "فتح" في المخيم عطا أبو رميلة وغيرهما. هؤلاء القادة كانوا يقومون بدور رجال الإطفاء، إذ يسارعون لفض أي سوء تفاهم أو خلاف قبل أن يتفاقم سواء بين الفصائل في المخيم أو بين الأجهزة الأمنية والمخيم. الوضع في جنين مختلف تماماً عن نابلس، حيث لا يمكن تطبيق نموذج التسويات الأمنية مع المطاردين في جنين كما جرى في نابلس. في نابلس، تولّت قيادات أمنية محلية تفكيك مجموعات المقاومة، مستخدمة أساليب الترغيب والترهيب مع المقاومين المطلوبين، بما في ذلك الوصول لاعتقال من ينشر صورة أو يضع "إعجاب" (لايك) لمقاوم. وبلغ هذا الأسلوب ذروته قبل اغتيال الأسير المحرر عبود شاهين (برصاص الاحتلال مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، عندما تم استدعاء العشرات لمقرات الأمن الفلسطيني.
أما في جنين، فتزداد الأمور تعقيداً بسبب التداخل القوي بين حركة فتح والأجهزة الأمنية والمقاومين من مختلف الفصائل الفلسطينية بشكل مميز على صعيد الضفة الغربية. وإضافة لما يؤكده الشامي أن معظم آباء المقاومين في مخيم جنين من حركة "فتح"، فإن المؤثرين في وفد المخيم الذي قابل قادة الأجهزة الأمنية في جنين، هم من عناصر الأمن وآباء لشهداء قاوموا في صفوف الكتيبة التي تستوعب جميع الشبان من مختلف الفصائل الفلسطينية. بالتالي من الصعب على هؤلاء أن يوافقوا على أي حلول أمنية أو يلتفوا على الكتيبة بحلول مضللة- رغم أنهم يعملون في الأمن- تجحف بحق رفاق أبنائهم في الكتيبة.
مقتل ابن ضابط في الأمن يعقد الأمور
زاد من تعقيد الأمور مقتل الطفل محمد العامر، نجل اللواء في الأمن الوقائي عماد العامر، في أول أيام الحملة الأمنية على المخيم، السبت الماضي، وبدء اقتتال جنين بين أجهزة السلطة ومقاومين. وصرّح اللواء العامر حينها لمراسل "التلفزيون العربي" قائلاً: "صرخت على عساكر السلطة بأنهم بجوار بيت لواء خلال دخولهم مخيم جنين، ولكنّ قناصاً من أجهزة السلطة أطلق النار على طفلي محمد وقتله أمام باب المنزل". ونشر العامر صورة لاجتماع قيادات الأجهزة الأمنية في محافظة جنين، وكتب على منصة فيسبوك: "اجتمعتم جميعاً، من أجل قتل طفلي البريء محمد عماد العامر، كيف يذهب الدم!".
عمق الشرخ
التداخل بين "فتح" والأجهزة الأمنية، الذي كان حجر الزاوية في بناء السلطة الفلسطينية لضمان أن تكون الأولوية لأبناء "فتح" داخل الأجهزة الأمنية، واليد الطولى في العمل بالأجهزة الأمنية، بات ثقلاً اليوم على كليهما، مع تصاعد اقتتال جنين الحالي. يروي معتصم جعايصة، شقيق القيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة الذي قتل برصاص الأمن، يوم السبت الماضي، لـ"العربي الجديد": "قتلوا أخي يزيد على مسافة أمتار. كان يحمل بندقية، لكنه لم يوجهها للأمن في حياته. كان يقف وحوله عدة أطفال، ومع ذلك قتلوه". الأمر لم يقتصر على قتل يزيد بحسب شقيقه، بل اقتحم الأمن منزله وطرد شقيقه الذي يعمل بحرس الرئاسة الفلسطيني مع زوجته وأطفاله وأمه، وحوّلوا المنزل إلى ثكنة عسكرية. بعد أيام دخلت عائلة جعايصة منزلها، بعد تنسيق مع السلطة، يوم الثلاثاء الماضي، لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان يزيد وتشييعه، وبعد انتهاء الدفن تم طرد العائلة من المقبرة، لتعود وتجد الأمن قد احتل المنزل من جديد، بعد أن دمّروه أثناء تفتيشه بكل وحشية، بحسب معتصم جعايصة. ويشير الأخير إلى الخلفية التنظيمية للعائلة قائلاً: "خالي اللواء أبو رعد الخازم، وأخي في حرس الرئاسة، ووالدي رحمه الله كان من كوادر فتح طيلة حياته، لكن بعد مقتل أخي، نرفض أي تسوية مع السلطة تقوم على دفع راتب شهيد أو غيره من التسويات التي طالما استخدموها لإسكات الناس بعد قتل أبنائهم".
"فتح" وفاتورة الحملة الأمنية في المخيم
"هل هي حركة فتح التي دفعت سنين عمري وأنا أقاتل في صفوفها، أنا من فتح أبو عمار"، يقول محمد والد الفتى ربحي الشلبي (19 عاماً) الذي قضى برصاص الأمن الفلسطيني، في التاسع من الشهر الحالي، مع اندلاع اقتتال جنين. ويتابع محمد الشلبي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الأمن قتل ابني الذي يعمل في توصيل الطلبات على دراجته النارية عن مسافة صفر، بعد أن قطع حاجز الأمن الفلسطيني الأول، وفحصوا أوراقه وكانت قانونية"، مضيفاً أن "بعد 150 متراً كان هناك حاجز آخر للأمن على مدخل مخيم جنين، حيث رفع ابني يده أمام المصفحة، لكن أحد عناصر الأمن قتله بدم بارد". ويقول إن "رجال الأمن منعوا أحد المواطنين من التقدم لإسعاف ابني الذي أصيب برصاصتين في الصدر من مسافة صفر، كما أصيب شقيقي (عمره) 15 عاماً، برصاصة اقتلعت عينه، وبقي ابني ينزف ثماني دقائق والأمن يمنع إسعافه". ويوضح الشلبي أن "الأمن نفى ببيانه في اليوم الأول أنه قتل ابني وأصاب شقيقي، وبعد أن جمعنا كل الكاميرات من المنطقة وتبين أن من قتل (ابني) هو عنصر أمن، خرج الناطق باسم الأمن في اليوم التالي ببيان جديد (قال) إنه يفحص الأمر إلى أن اعترفوا بمقتله". ويضيف الشلبي: "لقد اعترفوا بقتل ابني لأن الكاميرات فضحتهم، ولن يعترفوا بقتل الطفل محمد العامر وغيره لأنه لا دليل ضدهم".
أمضى محمد الشلبي سنوات شبابه في كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكرية لحركة فتح ما بين معتقل في سجون الاحتلال ومطارد لها مدة أربع سنوات، إلى أن تم احتجازه في مقاطعة جنين أكثر من عامين، ليحصل على عفو جزئي من الاحتلال ضمن عناصر كتائب شهداء الأقصى حسب الترتيبات السياسية التي بدأت بتولي الرئيس محمود عباس الحكم (2005)، والتي كانت تقوم على تفكيك كتائب شهداء الأقصى. وحتى في المقاطعة نجا محمد الشلبي من محاولة اغتيال عام 2006. يقول محمد الشلبي: "ليست هذه فتح التي نعرفها، والتي قاتلت في صفوفها واستشهد جميع أصدقائي وهم يحملون رايتها، مضيفاً: "تواصلت الجهات الرسمية في السلطة مع أخي أحمد وهو أسير محرر ومفروز على جهاز الأمن الوقائي لأنني رفضت الحديث معهم، ورفضت ما قدموه من قبول دية وراتب شهيد". ويؤكد أنه سيتوجه "لكل الجهات القانونية في البلد، ولو اضطرني الأمر سألج للمحاكم الدولية ضد من قتل ابني".
عبد الفتاح حمايل: الأحداث غير مبررة بالمفاهيم الوطنية
العضو السابق في المجلس الثوري لحركة فتح، عبد الفتاح حمايل، يرى في حديث مع "العربي الجديد"، أن أحداث مخيم جنين غير مبررة بالمفاهيم الوطنية والفتحاوية كونها صراعاً فلسطينياً داخلياً، حتى لو كانت الحجة وجود أخطاء في إطار العمل المقاوم. ويتساءل حمايل: "من يقول إن المقاومة خارجة على القانون! عن أي قانون نتحدث عندما نكون تحت الاحتلال، ومن واجبنا أن نناضل ونكافح؟". ويتابع حمايل أن "البعض يأتي ليصف المقاومة بالخروج على القانون، هذا كلام معيب ومخجل وطنياً، لكن على الجانب الآخر يجب على من يقاوم أن يبتعد عن مظاهر الاستعراض بالشوارع، لأن ذلك لا ينسجم مع سرّية العمل المقاوم وقد يخدم الاحتلال".
وفي إجابته على سؤال "العربي الجديد" حول موقف حركة فتح المنحاز للأجهزة الأمنية بموضوع اقتتال جنين والأحداث في مخيمها، يجيب حمايل: "هذا موقف لا ينسجم مع تاريخ ومبادئ ومسيرة فتح التاريخية، ولا يجوز تحت أي ظرف إبداء مثل هذا الموقف". ويضيف: "إن وصلنا لمرحلة قول آمين لمن يقود الحركة فهذه خطيئة كبرى، لأن فتح ليست دكّاناَ أو ملكاَ لأحد، وعلى المجلس الثوري واللجنة المركزية للحركة أن يقولوا ما يخدم الحركة ويصوبوا مسارها".