إشارات إيجابية من مالي تجاه الجزائر.. "محكوم علينا العيش والعمل معاً"

03 فبراير 2024
أسيمي غيوتي يريد أن تكون العلاقات بين البلدين في ظل الاحترام المتبادل (الخارجية الجزائرية)
+ الخط -

أرسلت الحكومة المالية إشارات بالغة الإيجابية إلى الجزائر، بشأن رغبة أكيدة في تجاوز الأزمة الدبلوماسية الطارئة في العلاقات بين البلدين، ورأب الصدع وتسوية الخلافات التي أعقبت استقبال الجزائر لشخصيات وقيادات مالية مناوئة للسلطة في باماكو، وقرار السلطة الانتقالية المالية إنهاء العمل باتفاق الجزائر للسلام.

وكشف وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، أمس الجمعة، أن خطوات ومبادرات تتم في الوقت الحالي عبر القنوات الدبلوماسية، لتسوية الأزمة مع الجزائر، قائلا في حوار عبر التلفزيون المالي: "لقد شرحنا في بيان رسمي سابق ما حصل، لكن يتوجب علي التأكيد أن الجزائر ومالي دولتان تربط بينهما علاقات الجوار والأخوة وهما مرتبطتان بحكم الجغرافية والتاريخ والروابط الاجتماعية، ولذلك محكوم علينا العمل معا من أجل تحقيق السلام والاستقرار".

وأضاف الوزير ديوب أنه من المؤشرات الإيجابية عودة سفيري البلدين بعد استدعائهما، موضحا أنه "في العلاقات بين الدول، تكون هناك فترات سوء تفاهم قد تحدث، ونستخدم خلالها القنوات الدبلوماسية مثل استدعاء السفراء للتشاور، لإرسال رسائل سياسية، أؤكد أنه قبل فترة عاد السفير الجزائري إلى شغل منصبه لدينا، وعاد السفير المالي إلى الجزائر لمواصلة عمله".

وكانت أزمة دبلوماسية قد طرأت بشكل غير مسبوق بين الجزائر ومالي، منذ 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عقب استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للشيخ محمود ديكو أبرز المرجعيات الدينية المناوئة للسلطة الانتقالية في مالي، إضافة إلى استقبالها لقيادات في حركات الأزواد، حيث احتجت باماكو وأعقب ذلك استدعاءها للسفير الجزائري لحسن رياش للاحتجاج، ثم جرى استدعاء متبادل للسفيرين الجزائري والمالي إلى بلديهما للتشاور، وتفاقمت الأزمة قبل أسبوعين، عقب اعلان السلطة الانتقالية إنهاء العمل باتفاق الجزائر للسلام الموقع عام 2015 بين حكومة باماكو وحركات الأزواد، ووجهت باماكو اتهامات حادة للجزائر، مثل "القيام بأعمال عدائية وغير ودية والتدخل في الشؤون الداخلية لمالي، ومحاولة فرض فترة انتقالية على السلطات المالية من جانب واحد". لكن الجانب الجزائري فضل التعامل بحكمة وضبط للنفس ولم يرد على هذه الاتهامات.

وجدد المسؤول المالي التأكيد أن باماكو"على استعداد كامل بكل روح ايجابية لتسوية كل الخلافات بالحوار عبر القنوات الدبلوماسية، وبعض هذه القنوات يتم توظيفها في هذا السياق، من أجل تقديم التوضيحات اللازمة لضمان أن تكون علاقاتنا على أرضية متينة تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة"، مضيفا: "الرئيس أسيمي غويتا تحدوه الإرادة والحكومة والشعب المالي أيضا لديه الرغبة الإيجابية لأن تكون العلاقات في ظل الاحترام المتبادل، هذه التوضيحات ضرورية لتجنب أي سوء تفاهم، وسواء مع الجزائر او مع غيرها من الدول، ليس لنا أية مشكلة للعمل معا، وأجدد القول -بالنسبة للجزائر- إنه محكوم علينا العيش والعمل معا" .

وردا على سؤال حول ما إذا كانت الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي قد باتت وراء الظهر وتم تجاوزها بالكامل، قال الوزير ديوب: "نحن بصدد ذلك والنتائج يجري التوصل إليها، ولا أرغب في الحديث كثيرا عن كل التفاصيل في الوقت الحالي، لكن نأمل في أن تجد هذه الأزمة حلولا عبر القنوات الدبلوماسية والحوار، وهناك خطوات ومبادرات يتم تنفيذها ميدانيا من أجل ذلك".

من جهته قال رئيس الوزراء المالي شوغيل كوكالا ميغا، خلال لقائه بمسؤولين وأعضاء المنظمات المهنية والمنظمات الجامعة للقطاع الخاص، إن "مالي تميز بين الأخطاء الحالية للحكومة الجزائرية، وأواصر الصداقة والأخوة وحسن الجوار الممتدة منذ قرون والتي تربط الشعبين الشقيقين في البلدين".

ووصف الكاتب والمحلل السياسي عمار سيغة التصريحات المالية بأنها إيجابية، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الإشارات المالية تحمل إيجابية بالغة، ويمكن أن يتم البناء عليها لتسوية الأزمة وتجاوزها، فالخطاب إيجابي ويحترم بعض مقتضيات الجغرافيا والجوار والروابط التاريخية بين البلدين، وهذا يحد من اندفاع الماليين نحو التأزيم، ويفرض عليهم الانتباه إلى هذه العوامل"، مضيفا: "من الواضح أن ظروف الحالة المالية فرضت على السلطة الانتقالية في باماكو إعادة تقدير الموقف وعقلنة خطابها اتجاه الجزائر، وتجنب تصعيد الموقف والأزمة بصورة لا تخدم البلدين".

وأضاف سيغة: "هذه التصريحات المالية أعتقد أنها المؤشر على الرغبة في مصالحة و مراجعة حسابات المجلس العسكري مع دولة حليفة إقليميا، طالما جابهت التهديدات المحدقة بأمن واستقرار الساحل الافريقي، ووقفت في وجه الجماعات المتطرفة و رفضت كل أشكال التدخل الاجنبي في دول المنطقة"، لافتا إلى أن "الجزائر دعت منذ الوهلة الاولى إلى ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الجهات المغرضة التي تغذي مواقف المجلس العسكري في مالي، والتي من شأنها أن تزيد من العزلة الإقليمية وتعيد المنطقة برمتها إلى مربعاتها الأولى، فضلا عن عودة المواجهة المسلحة مع حركات الطوارق في شمال مالي".

دلالات
المساهمون