شهدت أسواق مدينة الباب الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "درع الفرات" التي يُسيطر عليها "الجيش الوطني السوري" المعارض، والحليف لتركيا، شرقي محافظة حلب، عصياناً مدنياً وإضراباً عاماً اليوم السبت، احتجاجاً على اغتيال الناشط الإعلامي والثوري محمد عبد اللطيف، المعروف باسم "أبو غنوم"، الذي قُتل ليل الجمعة هو وزوجته وجنينها برصاص مجهولين وسط المدينة.
وشيّد نشطاء المدينة خيمة عزاء للناشط الثوري والإعلامي "أبو غنوم" بالقرب من دوار السنتر وسط مدينة الباب، بالتزامن مع تجمع عشرات المدنيين عند خيمة العزاء، استعداداً لتشييعه ظهر اليوم السبت إلى مثواه الأخير.
وأعلن نشطاء مدينة الباب في بيانٍ موحد، عصياناً مدنياً وإغلاقاً عاماً لمدينة الباب يبدأ من صباح اليوم السبت، "حداداً على روح شهيد الثورة محمد أبو غنوم، ورفضاً لجميع السياسات المتبعة من قبل المؤسسات والفصائل والمؤثرين الخارجيين"، مشددين في البيان إلى أن الهدف من الإضراب والعصيان، هو "وضع حدّ عملي وعاجل للمهزلة الأمنية الموجودة في المدينة، النابعة أولاً من فساد المسؤولين وتبعيتهم العمياء وارتهانهم للخارج".
واعتبر النشطاء أن "اغتيال الناشط الثوري محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته وجنينها على مرأى ومسمع جميع أشباه المؤسسات الكرتونية والفصائل، ما هو إلا وصمة عار وخزي لجميع القائمين واللا مسؤولين عن هذا البلد وأمن هذه المدينة".
وأكد النشطاء في بيانهم، أن "مدينة الباب أصبحت مرتعاً تسرح فيه عصابات المخدرات والاغتيالات والمهربين والعملاء، بسبب ما يتلقونه من حماية المفسدين وتغاضي القانون عن القصاص منهم"، مُشيرين إلى أن "كل من يصدح بكلمة الحق، ويقف في وجه كل طاغٍ، مصيره هو الموت".
بدوره، قال الناشط معتز الناصر، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "إضراب مدينة الباب هو دعوة شعبية احتجاجية تداعى لها سكان المدينة، حداداً على روح فقيد المدينة محمد أبو غنوم، وللتعبير عن احتجاجهم على فشل ما يسمونه محلياً أشباه المؤسسات الكرتونية، ويقصدون بها مؤسسات سلطة الأمر الواقع، التي جعلت الشمال المحرر منذ خمس سنوات ونصف حتى الآن في فوضى وعبث كبيرين".
ولفت الناصر إلى أن "استمرار الإضراب زمنياً يقرره سكان المدينة، فهم من اتخذوا قرار الإضراب، وهم يطالبون بإنهاء هذا العبث المستمر في مدينتهم منذ خمس سنوات، وإقامة القصاص العادل بكل من يستحقه قضائياً لإيقاف حالة الفوضى الأمنية، بكشف ملابسات جريمة اغتيال الناشط أبو غنوم وعائلته".
وشدد الناصر على أن "الحل للفلتان الأمني في المنطقة، هو تغيير جذري لإدارة المنطقة، وللقائمين عليها، ثم يصبح بالإمكان تنفيذ باقي الحلول النظرية المطروحة".
وكانت "الحكومة السورية المؤقتة" قد أصدرت بياناً ليل الجمعة، أدانت فيه "هذه العملية الجبانة، والتي تندرج في سياق العمليات التي تهدف إلى ترهيب المدنيين وضرب أمن واستقرار المنطقة، بما يحقق أهداف النظام المجرم ومليشيات حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابية"، مؤكدةً أنها "ستتابع بشكل حثيث عمل الأجهزة المختلفة لكشف المتورطين في هذه الجريمة النكراء، ومن يقف وراءهم، لتتم محاسبتهم، وسنضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بأرواح المدنيين وتهديد أمن المنطقة واستقراره".
وعلى الرغم من العديد من العمليات الأمنية لفصائل "الجيش الوطني السوري"، بالاشتراك مع الاستخبارات التركية في مناطق "درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام" التي تُسيطر عليها شمال سورية، ضد خلايا تنظيمات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) و "داعش"، إلا أن تلك العمليات لم تحد من حالة الفلتان الأمني، في ظل تزايد عمليات الاغتيال والقتل وتفجير العبوات الناسفة التي دائماً ما تُسجل ضد مجهول، بالإضافة إلى حالة التناحر بين فصائل "الجيش الوطني السوري" على عائدات المعابر، دون الالتفات إلى الواقع الأمني الهش في المنطقة.