اتجه الكويتيون، اليوم السبت، إلى صناديق الاقتراح في الانتخابات البرلمانية الثامنة عشرة في تاريخ البلاد، وسط إجراءات صحية مشددة بسبب فايروس كورونا أدت إلى اصطفاف طوابير طويلة من الناخبين، إلا أن انخفاض درجات الحرارة، وزخات المطر غير الاعتيادية، أدّيا إلى ازدياد إقبال الناخبين في بعض الدوائر الانتخابية رغم طوابير الانتظار.
وأدلى كبار السياسيين والمسؤولون المهمون بأصواتهم، إذ أدلى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم بصوته مبكراً في الدائرة الثانية، كما أدلى وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر الصباح بصوته مع والده رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح.
وشهدت الدوائر الثالثة والرابعة والخامسة إقبالاً انتخابياً كبيراً حتى عصر اليوم، إذ حشدت كافة القبائل الكويتية أفرادها في محاولة للحصول على أكبر قدر ممكن من الأعضاء داخل البرلمان، كما شهدت الدائرة الأولى إقبالاً كبيراً من الشيعة والقبائل، فيما أحجم كثير من الحضر عن التصويت والحضور حتى عصر اليوم، وفق مصادر انتخابية، وشهدت الدائرة الثانية، والتي تعد أقل دائرة من حيث عدد الناخبين، ومعقلاً رئيسياً من معاقل التجار، ضعفاً في الإقبال.
وبحسب ما يقول الناخبون، فإن الوقوف في طوابير الانتظار وصل إلى ساعة كاملة، وهو ما أدى إلى تخوف كثير من الناخبين في بعض الدوائر، وإحجامهم عن القدوم خوفاً من الازدحام. لكن اللافت في هذه الانتخابات هو الإقبال النسائي الكبير، حيث سيطر الحضور النسائي على الدائرتين الرابعة والخامسة، فيما كان الحضور أقل بشكل كبير في الدائرتين الثانية والثالثة.
ووفقاً للخبير الانتخابي جابر باقر، فإن الصوت النسائي سيحسم وصول كثير من أعضاء مجلس الأمة، وذلك بسبب ارتفاع الوعي النسائي السياسي في البلاد، واختيار كثير من النساء التصويت لقناعاتهن، عوضاً عن اتباع صوت الزوج أو الأب كما كان معمولاً به سابقاً، وذلك طبعاً لعينة مسحية أجرتها مؤسسات مستقلة.
لكن هذا لا يعني وصول المرأة الكويتية، وفق ما يقول الخبير الانتخابي عبد الرزاق الشايجي لـ"العربي الجديد"، والذي أكد أن هذا البرلمان سيكون "ذكورياً بامتياز" نتيجة عدم وجود مرشحة يمكن لها أن تنافس داخل قاعة البرلمان. واختارت مها سعود، وهي ناخبة من الدائرة الخامسة، التصويت للمرشح صالح ذياب المطيري، بحسب قولها لمراسل "العربي الجديد".
وذكرت مها، والتي تعمل مدّرسة ثانوية، أنها اختارت مرشّحاً مخالفاً لاختيار عائلتها وقبيلتها، وذلك لأنها "سئمت من الفساد وتبعية النواب للحكومة". ولم تشر الجهات الرسمية إلى أعداد الناخبين حتى الآن، لكن تقديرات الجهات المستقلة لـ"العربي الجديد" أكدت أن نسبة الناخبين بلغت 35% حتى عصر اليوم.
واشترطت وزارة الداخلية على كافة الناخبين والمرشحين الحضور بالقفازات والكمامة والجنسية الأصلية لدخول اللجنة الانتخابية. وشهدت منطقة الجهراء، إحدى أكبر مناطق الدائرة الرابعة، منع عدد كبير من الناخبين قدموا بدون ارتداء القفازات، كما شهدت الدائرة الثالثة حالة شطب لناخب، وهو النائب السابق الدكتور وليد الطبطبائي، على خلفية قانون "شطب المسيء"، والذي يمنع كل من عليه قضية إهانة للذات الإلهية أو الأميرية من التصويت والترشيح.
وقال الطبطبائي، لـ"العربي الجديد": "فوجئت بشطبي من سجلات الانتخابات كناخب رغم أنني نائب في البرلمان منذ عام 1996 وهو أمر ينتقص من حقوقي الدستورية كمواطن كويتي".
وتقدم عدد من المواطنين، ومن بينهم المرشح المعارض بدر الداهوم، بشكوى إلى وزارة الداخلية بعد تأكيده دخول عدد من الناخبين إلى اللجان الانتخابية وتصويتهم وهم يرتدون الكمامات من دون طلب الشرطة ومسؤولي اللجان الانتخابية مطابقة الصورة مع الوجه، وهو ما قد يؤدي إلى إشكال قانوني كبير.
وقال سعود الكندري، وهو ناخب في الدائرة الأولى، لـ"العربي الجديد": "دخلت إلى اللجنة وقمت بالتصويت ولم يطلب مني أحد رفع الكمامة، ربما نسوا، لكن هذا الإجراء خطير جداً وسمعت من قريب لي أن هذا ما حدث له أيضاً في الدائرة الخامسة". وأكد فلاح العازمي، الناخب في الدائرة الثانية، ما حدث أيضاً، قائلاً إنه لم يُسأل عن إنزال الكمامة ولم تتم مطابقة وجهه مع صورته الشخصية الموجودة في الجنسية.
ويرى قانونيون أن "العملية غير الاعتيادية" للانتخابات اليوم في ظل الظروف الوقائية لفايروس كورونا قد تؤدي إلى وجود اعتراضات كبيرة من المرشحين، وترفع إلى المحكمة الدستورية التي قد تبطل البرلمان كما حدث في عام 2012. لكن الخبير القانوني عمر العتيبي يقول لـ"العربي الجديد" إنه من السابق لأوانه الحديث عن أمر مثل هذا.