أصدر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال الأسبوع الحالي، حزمة جديدة من القرارات الإدارية والأمنية المختلفة، كان من أبرزها إلغاء جميع الاستثناءات في القبول بالكليات والمعاهد التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية، والتي تشترط العمر والتحصيل الدراسي ومواصفات جسمانية للمتقدم.
يُذكر أن عملية القبول كانت في السنوات السابقة تخضع لما يعرف بالاستثناءات من تلك الشروط، والتي يتم منحها للأحزاب وزعماء الكتل السياسية، في وجه آخر للمحاصصة السياسية في البلاد منذ عام 2003.
وجاء في كتاب رسمي صادر عن مكتب السوداني، إن الأخير "أمر بإلغاء كافة الاستثناءات بالقبول في الكليات العسكرية والأمنية، والاعتماد على التنافس حسب القانون والمعايير ضماناً لتحقيق العدالة والمساواة بين المتقدمين".
واستغلت الأحزاب والكيانات السياسية والفصائل المسلحة هذه الاستثناءات لزج عناصرها في الكليات والمعاهد الأمنية والعسكرية، في سبيل تعيينهم في مفاصل أمنية مهمة ومكاتب المسؤولين، وفقاً لمصادر سياسية.
وتفيد هذه المصادر، بأن "الدورات الأمنية والعسكرية التي تعلن عنها السلطات العراقية، الخاصة بتخريج الضباط، تشهد حالات كثيرة لقبول طلاب لا تنطبق عليهم كل المعايير والمواصفات الخاصة بالمقبولين، ومنها الوزن والعمر ومعدل الدرجات والتحصيل الدراسي"، مبينةً أنه "لم يعد يحق لأي جهة منح هذه الاستثناءات اعتباراً من الآن".
في السياق، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي، إن "هذا القرار يرفع الظلم عن كثير من الراغبين بالتقدم للكليات والمعاهد العسكرية، الذين كانوا يُرفضون بسبب التدخلات الحزبية، وهذا القرار سيمنح الفرصة لتأسيس جيل جديد من الضباط الذين يحبون العمل في القطاع الأمني والعسكري، ودون وجود عناصر يتم تعيينهم بالواسطات والتأثيرات الشخصية والسياسية".
وأضاف تقي، في اتصالٍ هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "الأحزاب استحوذت على الكليات العسكرية خلال السنوات الماضية، وجرى قبول أعداد كبيرة دون مراعاة المواصفات والمعايير المنصوص عليها في قوانين الكليات"، مشيراً إلى أنه "في عهد وزير معين، جرى قبول العشرات من الطلاب في الكليات العسكرية لأنهم أقرباء الوزير".
وسبق أن استخدمت الاستثناءات بقبول أعداد كبيرة من المتقدمين إلى الكليات العسكرية والأمنية، كانت أكثرها إثارة للجدل هي ورقة المقبولين في سبتمبر/أيلول 2020، التي صدرت عن وزارة الدفاع العراقية، التي ضمّت مئات الأسماء المتقدمة للالتحاق بالكلية العسكرية واحتوت على اسم طائفة كل متقدم.
من جهته، بيَّن النائب المستقل في البرلمان العراقي باسم خشان، أن "إلغاء الاستثناءات من أهم المطالبات المدنية التي تسعى إليها القوى الوطنية والنواب المدنيون داخل مجلس النواب طيلة السنوات الماضية، وإلغاء استخدام الألقاب، إضافة إلى ما يُعرف بالتوازن الطائفي".
وأكمل خشان لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب والفصائل والجهات هي صاحبة النفوذ والقرار والتأثير في الكليات العسكرية والأمنية اليوم، لأنها تسعى دائماً للتغول في المؤسسات الأمنية الحساسة في سبيل تشكيل جبهات أمنية تخدم المشاريع السياسية".
لكن الناشط السياسي من بغداد أيهم رشاد، توقع أن "الأحزاب ستنزعج من قرار إلغاء الاستثناءات، لكنها في الوقت نفسه ستعمل على الاحتيال على هذا القرار بتعيين عناصرها المنتمين لها، من خلال ما تملكه من مساحات صداقة وعلاقة مع قادة أمنيين وضباط"، معتبراً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحل لهذه المشكلة هو إبعاد الكليات الأمنية والعسكرية والوزارات والهيئات الأمنية عن المحاصصة الحزبية والطائفية".