طلبت إيران من المملكة العربية السعودية إعادة فتح بعثاتها الدبلوماسية واستئناف العلاقات بين البلدين كمقدمة لإنهاء الحرب في اليمن، إلا أنّ توقيت القيام بهذه الخطوة بقي نقطة الخلاف الرئيسة في المحادثات التي توسط فيها العراق بين الطرفين، وفقاً لما نقلته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، اليوم الخميس، عن مصدرين على دراية بمجريات المفاوضات.
وفي الوقت الذي تدفع فيه القوى العالمية لإجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني؛ أجرت إيران بهدوء أربع جولات من المفاوضات مع السعودية، عقد آخرها في 21 سبتمبر/أيلول ومن المتوقع عقد جولة أخرى قريباً. وتهدف هذه اللقاءات بحسب "بلومبيرغ" إلى التخفيف من التوتر الذي استمر لسنوات بين الطرفين، وقد انصب التركيز فيها على اليمن، حيث يدعم البلدان طرفين متعارضين.
وتسعى المملكة العربية السعودية، التي تواجه مقاتلي الحوثي المدعومين من إيران في اليمن منذ عام 2015؛ إلى إنهاء الصراع الذي بات يعرّض منشآتها النفطية لهجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية؛ حيث أدى هجوم للحوثيين، قبل عامين، على بقيق السعودية إلى إيقاف نصف الطاقة الإنتاجية، للمصدر الأكبر للنفط في العالم، الأمر الذي نتج منه اضطراب في الأسواق العالمية.
وقالت المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها لـ"بلومبيرغ"، إنّ إيران تريد اتفاقاً بشأن اليمن كخطوة أولية نحو إعادة العلاقات الدبلوماسية، التي قطعت في عام 2016، كما اقترحت إعادة فتح القنصليتين في مدينتي مشهد الإيرانية وجدة السعودية على التوالي، كدليل على حسن النية.
وتقول المصادر إنّ المفاوضات تحرز تقدماً بشكل عام، لكنها تميل إلى التعثر عند الحديث عن التفاصيل.
ومع انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، سعت السعودية، وهي الحليف الرئيس، إلى تحسين العلاقات مع حلفاء إيران العرب، وتقليل التوترات الإقليمية لتعزيز أمنها، وفق ما تشير إليه "بلومبيرغ". في المقابل، وعلى الرغم من العقوبات الأميركية المفروضة عليها؛ فإن إيران في وضع سياسي أفضل. وبفضل استجابتها للقوى العالمية وقدرة أذرعها المسلحة على إحداث الفوضى في اليمن والعراق ولبنان؛ فإنّ موقفها يبدو قوياً في أية مفاوضات بحسب "بلومبيرغ".
ورغم تعثّر المفاوضات النووية التي بدأت في فيينا بين القوى العالمية وإيران منذ انتخاب المحافظ إبراهيم رئيسي رئيساً في يونيو/حزيران؛ فإن رئيسي أدلى بتصريحات أكثر إيجابية حول تواصل بلاده مع السعودية، مؤكداً حرصه على إعادة فتح السفارات.
وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في 8 أكتوبر/تشرين الأول، إنه تم التوصل إلى عدة اتفاقات خلال المفاوضات الجارية، لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل. في حين قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في وقت سابق من هذا الشهر، إن المحادثات لا تزال في "مرحلة استكشافية"، على الرغم من أن بلاده تأمل أن يؤدي الحوار إلى "حل القضايا العالقة بين البلدين".
وانعكست هذه المحادثات قلقاً متزايداً على الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والمدعومة من السعودية، حيث تخشى الحكومة أنّ أي اتفاق مع إيران قد يأتي على حسابها، وقد حذر رئيس الوزراء معين عبد الملك، يوم الإثنين، من أن بلاده "لا ينبغي أن تكون ورقة مساومة"، مضيفاً أن وصول حكومة متشددة في طهران يشير إلى أنه لن يكون هناك تهاون في دعم الحوثيين في محاولتهم السيطرة على البلاد.
إلى جانب ذلك، تبرز عقبة أخرى، إذ ثمة خشية من أن عملية التفاوض سوف تتراجع إذا أسفرت الانتخابات البرلمانية هذا الأسبوع في العراق عن استبدال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
ويُنظر إلى الكاظمي، وهو رئيس مخابرات سابق له صلات بمسؤولين أمنيين وسياسيين من كلا الجانبين، على أنه وسيط موثوق به. ويرى دبلوماسيون أن التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن يدين بالكثير لمصداقية الكاظمي ورغبته في تعزيز دور بغداد، بوصفها جسراً بين الدول العربية وإيران، التي حكم حلفاؤها العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.