إيران تعلن العودة "قريباً" إلى مفاوضات فيينا النووية وتطلب الإفراج عن 10 مليارات دولار كـ"حسن نية"
على وقع عودة التوتر أخيراً بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعلنت طهران، في وقت متأخر مساء السبت، أنها ستعود "قريباً" إلى مفاوضات فيينا بشأن ملفها النووي، من دون أن تعلن موعداً محدداً لذلك.
وفي تصريحات للتلفزيون الإيراني، أكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أنّ بلاده ستعود قريباً إلى مفاوضات فيينا، لكنه قال في الوقت ذاته "لم نحدد موعداً محدداً للمفاوضات، لأنه لم نصل إلى تقييمنا النهائي بعد، ربما يحصل ذلك بعد أسبوع أو شهر أو أكثر من ذلك، ليس واضحاً بعد".
وأكد أنّ "المعاونية السياسية للخارجية الإيرانية هي التي ستتابع المفاوضات والاتفاق الذي سيحصل (في فيينا) سيكون على مستوى وزراء خارجية أطراف المفاوضات"، مشيراً إلى أنّ "العمل جارٍ لإنهاء تشكيل تركيبة فريق المفاوضات".
وأضاف وزير الخارجية الإيراني أنّ "الأميركيين يسعون دائماً للتواصل معنا وإرسال رسائل، لكن إذا هم لديهم نية حقيقية فليفرجوا عن 10 مليارات دولارات من أموالنا المجمدة (في الخارج) لنتلقى ذلك مؤشراً إيجابياً ونعود إلى طاولة المفاوضات سريعاً".
وأشار إلى حديث واشنطن عن "خطة ب" في حال فشلت المفاوضات، قائلاً إنّ "أقوالهم تحمل نوعاً من التهديد أيضاً"، لافتاً إلى أنّ بلاده "حققت تقدماً ملحوظاً في التقنية النووية. بالنسبة للعقوبات لم يحدث شيء لصالحنا، والأميركيون ليسوا مستعدين للإفراج عن جزء من أرصدة الشعب الإيراني، لديهم تخرصات ويريدون إرغامنا على العودة للمفاوضات في أقرب وقت، لكنني قلت لهم: لا تخوفوا الشعب الإيراني من هذه الخطط".
ويأتي حديث وزير الخارجية الإيراني عن ربط عودة بلاده إلى المفاوضات بالإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة، فيما كشف "العربي الجديد" في 9 سبتمبر/ أيلول الماضي، نقلاً عن مصادر إيرانية، عن شروط إيرانية للعودة إلى هذه المفاوضات، منها مطالبة الولايات المتحدة عبر الوسطاء بـ"ضرورة الإفراج عن أموال إيرانية مجمّدة في الخارج قبل استئناف المفاوضات"، مشيرة إلى أنّ إيران "طالبت بالإفراج عن 20 مليار دولار من أموالها المجمدة، في اليابان وكوريا الجنوبية ودول أوروبية".
وشدد عبد اللهيان على أنّ "معيارنا هو أفعال أطراف المفاوضات وليس أقوالها"، مخاطباً الأطراف الأميركية والأوروبية بدعوتهم بـ"ألا يخطر ببالهم حتى التفكير بالتفاوض حول البرنامج الصاروخي والمنطقة".
وأكد أنه "كما لن نربط مصير البلاد بالغرب، لن نربطه أيضاً بالصين وروسيا. لدينا مصالح متبادلة وفي إطار هذه المصالح نتعاون مع جميع الدول".
تحذير فرنسي إلى إيران: "باب المفاوضات لن يبقى مفتوحاً إلى الأبد"
على صعيد المفاوضات، جدّد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، اليوم السبت، طلب بلاده من طهران للعودة إليها "دون التأخير"، مضيفاً، في مقابلة تلفزيونية، أنّ باب المفاوضات مع إيران "لن يبقى مفتوحاً إلى الأبد". وقال إنّ خطوات الأمر الواقع الإيرانية النووية تعقد العودة إلى مفاوضات فيينا.
وكانت الخارجية الفرنسية قد طلبت قبل يومين من الصين حثّ طهران على العودة لهذه المفاوضات سريعاً.
إلى ذلك، أكد مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، في مقابلة تلفزيونية أنّ "المفاوضات النووية هي السبيل الوحيد لمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية"، قائلاً إنه لا يتوقع فشل مفاوضات فيينا.
في الأثناء، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، في حوار مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنّ بلاده تقوم حالياً بدراسة كيفية استمرار المفاوضات وأنها ستستأنف، مشيراً إلى أن الحكومة الإيرانية الجديدة تقوم بمراجعة الجولات السابقة من المفاوضات لخوضها "بشكل فعال ومؤثر بعد اتضاح جميع الأبعاد والتفاصيل".
وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد قال، الخميس الماضي، إنّ "الكرة ما زالت في الملعب الإيراني، لكن ليس لفترة طويلة"، مضيفاً أنّ "الفرصة محدودة وبدأت تتقلص".
وانطلقت مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة بين طهران وواشنطن بواسطة أطراف الاتفاق النووي، فرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا، خلال إبريل/نيسان الماضي، وعقدت ست جولات منها، لكنها لم تفض إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي، وعودة الولايات المتحدة الأميركية وإيران إلى التزاماتهما بموجب الاتفاق.
لكن هذه المفاوضات توقفت يوم 20 يونيو/ حزيران الماضي بطلب من طهران بحجة فترة انتقال السلطة التنفيذية، ورغم انتقال السلطة من الرئيس السابق حسن روحاني إلى الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي منذ قرابة شهرين، إلا أنه مرّ أكثر من ثلاثة أشهر على وقفها ولم تستأنف إلى الآن.
إيران تسعى لـ"طمأنة" الذرية الدولية
وتأتي التصريحات الإيرانية، بينما من المقرر أن يعود المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، قريباً، إلى طهران في زيارة ثانية بعد إجرائه زيارة أخرى، يوم الثاني عشر من الشهر الماضي.
وعن الزيارة التي تأتي تبلية لدعوة إيرانية تلقاها غروسي خلال زيارته السابقة، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، مساء السبت، لقناة "الخبر" الإيرانية، إنّ بلاده تسعى لـ"رسم العلاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أساس القوانين، فيما ميثاق الوكالة بطريقة ما يفقد النفوذ السياسي للأجانب تأثيره" على الوكالة، متهماً البعض بـ"السعي دوماً لتلويث الأجواء من خلال إنتاج أخبار تعتمد على إيرانوفوبيا حيث يعرضون صورة عن إيران على أنها تغرد خارج السرب"، بحسب وصفه.
وأضاف أن مباحثاته القادمة مع غروسي تهدف إلى "طمأنة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران كما كانت ملتزمة حتى الآن بالتزاماتها ستعمل مستقبلاً على أساس الاتفاق".
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعلنت، الأحد الماضي، أنّ إيران تقاعست عن الوفاء الكامل بشروط اتفاق أبرمته معها قبل ثلاثة أسابيع، ويسمح لمفتشيها بصيانة أجهزة المراقبة في الجمهورية الإسلامية.
وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في بيان: "المدير العام (لوكالة الطاقة الذرية رافائيل غروسي) يشدد على أن قرار إيران عدم السماح للوكالة بدخول ورشة تصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي في كرج، يتناقض مع الشروط المتفق عليها في البيان المشترك الصادر يوم 12 سبتمبر/ أيلول".
وأعلنت الولايات المتحدة، في اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الاثنين الماضي، أنه يجب على إيران منح الوكالة حق الوصول إلى ورشة عمل في مجمع "تساي كرج" لإعادة تركيب الكاميرات، وفقاً لما تم الاتفاق عليه هذا الشهر، أو مواجهة إجراء دبلوماسي من قبل المجلس.
إلا أن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أكد خلال زيارة له إلى موسكو، الأربعاء الماضي، أن طهران لن تقبل طلب الوكالة الدولية للوصول إلى منشأة "تسا" بكرج، قائلاً إنّ بلاده لن ترضخ لإصرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوضع كاميرات المراقبة في المنشآت النووية الإيرانية "المتضررة"، في إشارة إلى المنشآت التي تعرضت "لعمليات تخريبية" خلال السنوات الأخيرة.
وتوصل الطرفان إلى اتفاق خلال زيارة قام بها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران يوم الـ12 من الشهر الماضي.
ونص الاتفاق على موافقة طهران على قيام مفتشي الوكالة بعمليات الصيانة لأجهزة المراقبة في المنشآت النووية الإيرانية، واستبدال بطاقات الذاكرة في هذه الأجهزة من دون تسليم بياناتها للوكالة. وربطت السلطات الإيرانية تسليم هذه البيانات بالتوصل إلى اتفاق خلال مفاوضات فيينا المتعثرة.