قصفت إيران، ليل الاثنين الثلاثاء، بالصواريخ الباليستية مواقع في كل من إقليم كردستان العراق وسورية، موقعة قتلى وجرحى، بينهم مدنيون، وفق مصادر طبية عراقية كردية.
وقالت مصادر طبية عراقية كردية في إقليم كردستان العراق، اليوم الثلاثاء، إنّ حصيلة ضحايا القصف الصاروخي الإيراني على مدينة أربيل، الذي وقع ليل الاثنين الثلاثاء، بلغت 10 قتلى وجرحى، أصغرهم طفلة بعمر عام واحد، فيما طالب رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني، في بيان له، المجتمع الدولي بإدانة القصف.
وقالت مصادر طبية عراقية كردية في أربيل إنّ القصف الذي نفذه الحرس الثوري الإيراني بواسطة صواريخ أسفر عن مقتل 4 وجرح 6 آخرين، جميعهم مدنيون، وأحدهم بحالة حرجة. وأضاف الطبيب هورامي عبد الله، من دائرة صحة أربيل، متحدثا لـ"العربي الجديد"، أنّ "أصغر الضحايا طفلة بعمر عام واحد قضت مع والدها ووالدتها بالهجوم على منطقة الملا عمر، شرقي أربيل".
وأفادت مصادر أمنية في جهاز "الأسايش" بأنّ "القصف طاول مباني سكنية في مناطق شمال وشرقي أربيل، من بينها منزل رجل الأعمال الكردي البارز بيشرو دزيي، الذي قتل هو وزوجته وابنه وابنته البالغة من العمر عاما واحدا".
كما نقلت محطة تلفزيون "رووداو" عن مصادر أمنية تأكيدها اعتقال الأمن شخصاً إيرانياً كان قرب أحد المواقع التي طاولها القصف وبحوزته هاتفان أحدهما إيراني، إلى جانب بطاقات مصرفية، وكان يتحدث بالهاتف عبر تطبيق واتساب خلال اعتقاله في المكان.
إيران تقول إنها استهدفت مقراً لـ"الموساد" الإسرائيلي في كردستان العراق و"داعش" في سورية
وفي ثلاثة بيانات متتالية، أعلن الحرس الثوري الإيراني عن قصفه بالصواريخ الباليستية "مقر تجسس" تابع للموساد الإسرائيلي في إقليم كردستان العراق، تزامناً مع قصف مماثل وبالأسلحة نفسها على مواقع قال إنها لتنظيم "داعش" الإرهابي في سورية.
وجاء في بيان للحرس الثوري الإيراني أنه "رداً على الجرائم الإرهابية الأخيرة لأعداء إيران الإسلامية قمنا بقصف مقرات التجسس والتجمع للمجموعات الإرهابية المعادية لإيران في أجزاء من المنطقة في منتصف الليل بالصواريخ الباليستية".
ولم يحدد الحرس طبيعة الأهداف والمنطقة التي استهدفها، لكن الأنباء الأولية تشير إلى تعرض قواعد أميركية والقنصلية الأميركية في إقليم كردستان العراق لهجمات بالصواريخ والمسيرات الليلة الماضية.
وفي بيان ثان بعد دقائق من الأول، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه دمر "مقرات لقادة وعناصر مرتبطة بالعمليات الإرهابية الأخيرة، خاصة داعش، في الأراضي السورية بعدد من الصواريخ الباليستية"، لافتاً إلى أن هذا القصف جاء "رداً على مقتل عدد من المواطنين الإيرانيين في مدينتي كرمان وراسك أخيراً".
وتوعد الحرس في آخر بيانه الثاني بملاحقة من وصفها بـ"المجموعات الإرهابية" ومعاقبتها على أعمالها، مشيراً إلى أنه "سيتم الإعلان عن بقية الأهداف المدمرة".
إثر ذلك، أكد الحرس الثوري الإيراني في بيان ثالث أنه قصف بالصواريخ الباليستية "أحد المقرات الرئيسية التجسسية للكيان الصهيوني (الموساد) في إقليم كردستان العراق ودمره".
وأفاد بأنّ "هذا المقر كان مركزاً لتوسيع العمليات التجسسية والتخطيط للأعمال الإرهابية في المنطقة وخاصة في بلدنا".
وأضاف أن عملياته "الهجومية ستستمر حتى الانتقام لآخر قطرات من دم الشهداء"، بحسب البيان.
حكومة إقليم كردستان تطالب المجتمع الدولي بالتدخل
من جانبه، أصدر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني بياناً قال فيه إنّ "أربيل أصبحت مرة أخرى هدفاً لهجوم صاروخي من قبل الحرس الثوري الإيراني، وللأسف هناك شهداء وجرحى من المدنيين نتيجة هذا الهجوم غير المبرر".
وفي بيانه، طالب البارزاني الحكومة العراقية في بغداد بـ"اتخاذ موقف صارم ضد هذا الانتهاك للسيادة العراقية وإقليم كردستان"، كما دعا المجتمع الدولي إلى "رفع صوته ضد القمع الذي يتعرضون له"، مؤكداً أنه سيبقى "على اتصال دائم مع المجتمع الدولي من أجل وضع حد لهذه الهجمات الوحشية".
وأصدرت السلطات الأمنية بالإقليم بياناً شرحت فيه الضربات الإيرانية على أربيل، وجاء في البيان أنه "في الساعة 11:30 من ليل أمس الاثنين، قصف الحرس الثوري الإيراني عدّة مناطق مدنية في أربيل بصواريخ بالستية، وحسب الإحصائيات الأولية، استشهد أربعة مواطنين مدنيين واصيب ستة آخرون، والوضع الصحي لبعضهم غير مستقر".
وأضاف البيان أن "الحرس الثوري أعلن ان الهجوم استهدف بعض المواقع لمجموعات معارضة لإيران، وهذا عذر عار من الصحة ومرفوض، مع الأسف هم يستخدمون ذرائع لا أساس لها من الصحة دائماً لمهاجمة أربيل، وأربيل باعتبارها منطقة مستقرة لم تكن بأي وقت مصدر تهديد لأي طرف".
ووصف مجلس أمن إقليم كردستان الاستهداف الايراني بأنه "انتهاك صارخ لسيادة إقليم كردستان والعراق، ويجب على الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي عدم الصمت تجاه هذه الجريمة".
الحكومة العراقية تعتزم تقديم شكوى لمجلس الأمن بحق إيران
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية العراقية، في بيان لها، عن إدانتها للهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف مدينة أربيل، مؤكدةً أنه "عدوان استهدف المدنيين".
وأوضحت الخارجية العراقية أن "حكومة جمهورية العراق تعرب عن استنكارها الشديد وإدانتها للعدوان الإيراني على مدينة أربيل، المتمثل بقصف أماكن سكنية آمنة بصواريخ باليستية، ما أدى إلى وقوع ضحايا بين المدنيين"، مبينةً أنه "بالنظر إلى الخراب الذي سببه القصف ووقوع العديد من الضحايا الأبرياء، فإن حكومة جمهورية العراق تعد هذا السلوك عدواناً على سيادة العراق وأمن الشعب العراقي، وإساءة إلى حسن الجوار وأمن المنطقة".
وأكدت أن "الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات القانونية تجاه القصف، ومن ضمنها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع)، مشيرةً إلى أن "رئيس مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة برئاسة مستشار الأمن الوطني للتحقيق في الهجوم وجمع المعلومات لدعم موقف الحكومة دولياً، وتقديم الأدلة والمعلومات الدقيقة، وسوف يتم الإعلان عن نتائج التحقيق ليطلع الرأي العام العراقي والدولي على الحقائق وإثبات زيف ادعاءات الجهات التي تقف وراء هذه الأفعال المدانة".
بدورها، أدانت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) الهجوم الإيراني، وقالت إنّه تسبب بسقوط ضحايا مدنيين.
وشددت البعثة في بيان لها على ضرورة أن "تتوقف الهجمات التي تنتهك سيادة العراق وسلامة أراضيه من قبل أي جانب، ويجب معالجة الشواغل الأمنية من خلال الحوار وليس الهجمات".
مسؤولان أميركيان: منشآتنا لم تستهدف ولا إصابات في صفوفنا
قال مسؤولان أميركيان إن الضربات الصاروخية في العراق لم تستهدف أي منشآت أميركية ولم تقع إصابات في صفوف الأميركيين، بحسب "رويترز".
كما ندّدت واشنطن بالقصف الإيراني، وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان إنّ "الولايات المتحدة تدين بشدّة الهجمات التي شنّتها إيران على أربيل اليوم وتقدّم تعازيها لأسر القتلى. نحن نعارض الضربات الإيرانية الصاروخية المتهوّرة التي تقوّض استقرار العراق"، بحسب فرانس برس.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو قالوا إنها للانفجارات التي هزت أربيل.
Additional Footage claimed to show the Impact of at least 4 Ballistic Missiles launched by the Iranian-Backed Groups towards the U.S. Consulate and International Airport within the City of Erbil in Northern Iraq. pic.twitter.com/KMYznylXDU
— OSINTdefender (@sentdefender) January 15, 2024
وكانت تفجيرات انتحارية قد استهدفت مراسم إحياء ذكرى قائد "فيلق القدس" السابق، الجنرال قاسم سليماني، في مدينة كرمان، جنوب شرقي إيران، في 3 يناير/ كانون الثاني، ما أودى بحياة 94 شخصاً مع إصابة العشرات، ومن بين القتلى 14 من الأفغان، فضلاً عن 33 امرأة و16 طفلاً.
وتبنّى تنظيم "داعش" تلك التفجيرات، معلنا أن انتحاريين اثنين من التنظيم نفذاها، غير أن السلطات الإيرانية اتهمت، أيضا، الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء هذه التفجيرات وهي الأقوى تقريبا في إيران منذ عقود، وتقول طهران إن "داعش صنيعة أميركية وإسرائيلية".
كما قُتل ضابط إيراني في هجوم مسلح استهدف مقر الشرطة الإيرانية في قضاء راسك، الواقع في محافظة سيستان وبلوشستان، جنوب شرقي إيران، في 10 يناير الجاري، وأفادت وكالة "تسنيم" الإيرانية وقتها بأنّ منظمة "جيش العدل" المعارضة تبنت مسؤولية الهجوم على مقر الشرطة في قرية بيدلد في قضاء راسك.
وكانت منظمة "جيش العدل" قد نفّذت هجوماً، في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، على مقر قيادة قوات الشرطة في مدينة راسك، أدى إلى مقتل 12 شرطياً وإصابة سبعة آخرين.
وتنشط جماعة "جيش العدل" المعارضة المصنفة بأنها "منظمة إرهابية" على الحدود الإيرانية - الباكستانية في محافظة سيستان وبلوشستان، وتقوم بعمليات من حين لآخر. وزادت عمليات المجموعة خلال السنوات الأخيرة.