إيطاليا تنسحب من المجموعة الأممية لمراقبة حقوق الإنسان في سورية

20 سبتمبر 2024
تظاهرة في روما ضد نظام بشار الأسد، 7 أكتوبر 2017 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انسحاب إيطاليا من مجموعة جنيف**: انسحبت إيطاليا بصمت من مجموعة جنيف الأممية لمراقبة حقوق الإنسان في سورية، مما يعكس توجهها نحو تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد.

- **زيارات دبلوماسية وتعيينات جديدة**: تزامن الانسحاب مع زيارة رئيس الاستخبارات الإيطالية إلى دمشق وتعيين سفير جديد، مما يعزز احتمالية تطبيع العلاقات.

- **انتقادات وتحركات داخلية ودولية**: واجه القرار انتقادات من حقوقيين وخبراء قانونيين، مع انقسام داخل الاتحاد الأوروبي وضغط من الكنيسة الكاثوليكية لرفع العقوبات عن النظام السوري.

يبدو أن مسيرة إيطاليا نحو تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد في سورية تمضي قدماً بخطى حثيثة. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "إل فوليو" الإيطالية، في تقرير نشرته في عددها الصادر اليوم الجمعة، أن إيطاليا انسحبت بصمت، منذ يوم أمس الخميس، من مجموعة جنيف المركزية الأممية لمراقبة احترام حقوق الإنسان في سورية. وقالت الصحيفة إن إيطاليا لم تظهر بين الدول الموقّعة على مسودة القرار الذي صودق عليه يوم أمس خلال اجتماعات الدورة السابعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.

وأوضحت الصحيفة أنه وفقاً لما توفر لديها من معلومات، فإن قرار الانسحاب من مجموعة جنيف، التي تضم ثلة من الدول بالغة التأثير في الملف السوري مثل فرنسا وألمانيا وهولندا وقطر وتركيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كان يدور في الآفاق منذ مدة، واكتسب اليوم طابعاً رسمياً.

وتزامنت هذه الخطوة من قبل الحكومة الإيطالية مع تأكيد مصدرين بين روما ودمشق، تواصلت معهما "إل فوليو"، حصول زيارة في مايو/أيار الماضي لرئيس جهاز الاستخبارات الإيطالية جاني كارافيللي إلى دمشق للاجتماع مع نظيره السوري حسام لوقا ورئيس النظام السوري بشار الأسد نفسه، حيث تناولت إمكانية إنشاء منطقة آمنة بالقرب من مدينة حمص من أجل إعادة اللاجئين السوريين في الخارج. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإيطالية كانت قد نفت خبراً مماثلاً، ولكنها أصدرت بعد شهر من هذا اللقاء قراراً بتعيين ستيفانو رافانيان سفيراً جديداً لها في دمشق.

ووصفت مديرة الاتصالات بحملة سورية لحقوق الإنسان رنيم أحمد قرار الحكومة الإيطالية بأنه "مخزٍ ويثبت مرة أخرى، خاصة على ضوء تعيين السفير الجديد في دمشق، أنه لا مصلحة لإيطاليا في ضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي"، مؤكدة، في تصريحات للصحيفة، أنه "يتعين تذكير إيطاليا بأن أي خطوة تُتَخَذ لمصافحة الديكتاتور السوري (بشار الأسد) تمثل خرقاً للأحكام الصادرة سواء عن المحاكم الأوروبية أو عن محكمة العدل الدولية".

من جهتها، رأت الخبيرة القانونية الإيطالية لبرنامج التنمية القانونية السوري فيرونيكا بيللينتاني، في تصريحات لـ"إل فوليو"، أن "إيطاليا توصل، من خلال هذه الخطوة، رسالة مفادها أنها على استعداد لتجاهل الجرائم الخطيرة، مثل التعذيب والقتل والقمع الممنهج، باسم البراغماتية السياسية والمواءمات".

وأشارت "إل فوليو" إلى أن عملية التقارب تسارعت في الأشهر الأخيرة مع قرار آخر اتخذته الحكومة الإيطالية، وهو أن تصبح محوراً لمجموعة محدودة من دول الاتحاد الأوروبي لإنشاء مناطق آمنة داخل سورية لإعادة المهاجرين السوريين الذين فروا إلى أوروبا. وأضافت: "بما أن هذا الملف بالغ الحساسية يتعلق أيضا بالأمن القومي، فإنه يشهد انخراطاً حتمياً لوزارة الداخلية في إدارته، حيث يشكل السوريون حتى اليوم الجنسية الثانية بين المهاجرين الذين وصلوا إلى سواحلنا بواقع 8061 شخصاً منذ بداية العام. وكان من المحتم أن تتولى وزارة الداخلية إدارة جزء من المشروع".

ولفتت إلى أن ثمة انقساماً في الاتحاد الأوروبي حيال العلاقات مع النظام السوري. فهناك فريق، يمثله الممثل الأعلى للسياسة الخارجية جوزيب بوريل، يرى أنه من الضروري احترام قرارات الأمم المتحدة، وفريق آخر، تمثله رئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين، يؤكد أن شيئا ما يجب أن يتغير في العلاقات مع الأسد.

ومن بين الأصوات الأكثر إصراراً على تطبيع العلاقات بين إيطاليا وسورية وفقاً للصحيفة، يبرز صوت الكنيسة الكاثوليكية. ففي يونيو/ حزيران الماضي، زار وزير خارجية الكرسي الرسولي الكاردينال بييترو بارولين لبنان، حيث عاين المأساة الإنسانية لبلد يبلغ عدد سكانه 5.5 ملايين نسمة فقط ويستقبل حوالي مليوني لاجئ سوري.

في هذا الإطار، أوضح السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري أن "مئات المهنيين والخريجيين يفرون من سورية كل يوم تاركين فراغاً يجب ملؤه، وهو أمر صعب بالنظر إلى العمليات الانتقامية التي ينفذها النظام ضد أولئك الذين حاولوا العودة إلى ديارهم". وشدد زيناري على أن "أي عودة لهؤلاء يجب أن تتم وفق الشروط التي تمليها الأمم المتحدة على أساس طوعي، وفي أجواء آمنة وبما يحفظ كرامتهم".

ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد الزلزال الذي ضرب سورية في عام 2023، زاد العالم الكاثوليكي، مثل جماعة "سانت إيجيديو" ومنظمة "مساعدة الكنيسة التي تعاني"، من الضغط على الحكومة الإيطالية لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري جزئيا على الأقل. ومن الطبيعي ألا يصم الفاتيكان والخارجية الإيطالية آذانهما حيال مثل هذه النداءات.