اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل أن المراجعة المدخلة على مشروع الدستور المقترح لم تعالج الاختلالات الأساسية التي تعيق بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء نظام سياسي مدني ديمقراطي اجتماعي قائم على الفصل بين السّلطات والتوازن بينها وحماية الحقوق والحرّيات.
ونشر اتحاد الشغل التونسي، الأربعاء، قراءة للتعديلات التي قام بها الرئيس قيس سعيد على مشروع الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء، وشملت 46 فصلاً.
وأكد الاتحاد على أن التعديلات "تواصل الإخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلطات، بما هما أساس كلّ نظام وبناء ديمقراطي وليسا مجرّد إجراء شكلي كما يدّعي البعض، كما تحافظ على تحكّم رئيس الجمهورية في جميع السلطات وعلى مركزية جميع الصلاحيات بين يديه وجعله فوق كلّ محاسبة ومراقبة وتحصينه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية"
وانتقد الاتحاد "الإبقاء على حالة الاستثناء دون تسقيف زمني ودون رقابة من المحكمة الدستورية وجعلها سلطة من السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية".
واعتبر الاتحاد أن "هذه المراجعة التي قام بها رئيس الجمهورية وما أدخله عبرها من تعديل على مضمون النص الدستوري المقترح على الاستفتاء، تمثّل اعترافاً صريحاً بمشروعية وصواب القراءة النقدية التي قام بها الاتحاد العام التونسي للشغل، إلى جانب العديد من الهيئات والشخصيات والخبراء من المجتمع المدني والسياسي والأكاديمي، لمشروع الدستور المقترح الذي اعترته نقائص وإخلالات كثيرة وجوهرية".
واعتبر الاتحاد في المقابل، أن "الاكتفاء بإصلاح بعض التعابير في التوطئة دون تعديلات جوهرية على منظومة القيم والمرجعيات هو إصرار على تغييب القيم الكونية لمنظومة حقوق الإنسان ورغبة جامحة في إعادة كتابة مسار التاريخ من منظور ذاتي".
وانتقد الاتحاد "الإبقاء على صلاحية الالتجاء إلى الاستفتاء التشريعي والدستوري المباشرين بيد رئيس الجمهورية، بما يسمح له بتجاوز السلطة التشريعية لمجلس نواب الشعب وحتّى السلطة التأسيسية، والإبقاء على صلاحية تعيين رئيس الحكومة وتسمية أعضائها وإقالتها أو إقالة أحد أعضائها تلقائياً بمحض إرادة رئيس الجمهورية مع تحصينها فعلياً ضد الرقابة التشريعية من خلال فرض أغلبية معزّزة من المجلسين لإمكان توجيه لائحة لوم والمصادقة عليها".
وأوضح أن التعديلات تضعف صلاحيات الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب على عمل السلطة التنفيذية من خلال فرض شروط شبه مستحيلة لممارسته، وكذلك التقليص إلى حدّ خطير من استقلالية هيئات الدولة ومؤسّساتها التي يُفترض توفّر شرط الاستقلالية فيها كالبرلمان والقضاء والجماعات المحلّية والهيئات الدستورية.
وانتقد الاتحاد العديد من الفصول الأخرى في مشروع الدستور، التي لم تشهد تعديلاً، بما يبقى على نفس المخاوف من إعاقة مشروع الدستور وبناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء نظام سياسي مدني ديمقراطي اجتماعي قائم على الفصل بين السّلطات والتوازن بينها وحماية الحقوق والحرّيات وإنفاذها.