وقالت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الموقف المصري-الحمساوي كان متوافقاً إلى حد بعيد بشأن تظاهرات مسيرة العودة أول من أمس. ولفتت إلى أنه "للأسف تلك التظاهرات، وعلى الرغم مما سال فيها من دماء وسقط خلالها أكثر من 60 شهيداً، إلا أنها سترت الموقف العربي، خصوصاً أنها جاءت في وقت حفل نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة بمشاركة ابنة الرئيس الأميركي إيفانكا ترامب".
وشددت المصادر على أن الأجهزة المصرية أصدرت تعليماتها لمقدمي البرامج بالثناء على التظاهرات، وعدم تشويه حركة حماس كما كان يحدث في السابق. وأشارت إلى أن ذلك جاء لمنع تنظيم تظاهرات داعمة لغزة قد تخرج عن السيطرة في القاهرة وعواصم عربية أخرى حليفة.
وأوضحت المصادر أن القاهرة في نهاية اليوم الدامي أبلغت حركة حماس بضرورة تخفيف أعداد المتظاهرين على الشريط الحدودي في ذكرى النكبة، لتفويت الفرصة على جيش الاحتلال لتوسيع المجزرة في صفوف المتظاهرين، وهو ما استجابت له "حماس".
في المقابل مدّدت السلطات المصرية فتح معبر رفح استثنائياً لفترة غير محددة، مع دفعها بشحنات كبيرة من المواد الغذائية والأدوية ومستلزمات غرف العمليات التي وجّهتها إلى مستشفيات القطاع للتعامل مع أعداد المصابين الكبيرة. كذلك أبلغت حركة حماس، بحسب قيادات بارزة تحدثت مع "العربي الجديد"، عن توفير 65 سيارة إسعاف مجهزة على أعلى مستوى تم الدفع بها عند معبر رفح لنقل الحالات الخطيرة. كذلك وافقت السلطات المصرية على عبور شاحنة مساعدات كبرى دفعت بها مشيخة الأزهر إلى القطاع.
وقال قيادي بارز من حركة حماس إن "الحركة لمست من الجانب المصري حرصاً حقيقياً هذه المرة على المصلحة الفلسطينية، وهو ما تجاوبت معه بشكل كبير، لتفويت الفرصة على مساعٍ إسرائيلية إلى توتير العلاقات مجدداً بين الحركة والقاهرة"، مشيراً إلى أن شعب غزة اكتفى أمس الثلاثاء بالتجمع في محيط الشريط الحدودي، مع مراعاة عدم الوصول إلى نقاط الاشتباك.
وشدد القيادي البارز في الحركة على أن "هذا ليس معناه وقف التظاهرات وفعاليات مسيرات العودة"، مؤكداً أن "المسيرات ستستمر خلال الفترة المقبلة، ولن تتوقف كما يظن البعض، لحين كسر الحصار". وتابع "الشعب الفلسطيني قرّر أن ينتزع أرضه وحريته بنفسه، وألا يلتفت إلى أطراف رأت أن في تخلّيه عن أرضه وقبوله بما يرمى له مصلحة عربية يجب تحقيقها، بعدما جلست تلك الأطراف في لقاءات سرية مع وزراء الاحتلال الصهيوني ليرسموا خطة تجميد القضية الفلسطينية". ولفت إلى أنه "للأسف هناك أطراف عربية ليس لديها أي اعتراض على مشهد إقامة مستوطنة أميركية في القدس"، في إشارة إلى نقل السفارة الأميركية.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، إن الشعب الفلسطيني لن يرضى في أي حال من الأحوال أن يعيش تحت وطأة الحصار المفروض على قطاع غزة، مشدداً على أنه "قرر كسر الحصار مرة واحدة وإلى الأبد".
وأضاف قاسم في تصريحات صحافية أن "نضال شعبنا وكفاحه على الأرض هو من سيحدد مستقبل القدس وشعبنا سيكتب بنفسه وثيقة تقرير مصيره". وأضاف "أن مدينة القدس المقدسة هي جوهر تاج فلسطين وحريتها، وهي هدف نضال شعبنا الذي سيتواصل حتى يتم تحريرها".
من جهته هدّد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خليل الحية، بتصعيد عسكري تقوده حركة حماس عبر كتائب عز الدين القسام، مؤكداً أن صبر فصائل المقاومة الفلسطينية لن يستمر طويلاً حال استمرار التصعيد الإسرائيلي.
وأكد الحية، في مؤتمر صحافي له في غزة، مساء الإثنين، أن دماء الشعب الفلسطيني غسلت عار التطبيع وغسلت عار المساومة، وردت على كل من يحاول أن يجعل الاحتلال جزءاً من المنطقة، موضحاً أن القدس خط أحمر، دونها الرقاب والمُهج والدماء، وفي سبيلها ترخص الأرواح وتهون التضحيات، ومن أجلها سنواصل المسير.