كشفت مصادر مصرية خاصة، مطلعة على ملف الوساطة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، عن اتصالات مكثفة، أجراها المسؤولون في جهاز المخابرات العامة المصرية، في محاولة لتبريد الأوضاع، في أعقاب التصعيد الذي تبع اغتيال قوات الاحتلال، ثلاثة مقاومين من كتائب "شهداء الأقصى"، بمدينة نابلس.
وأوضحت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن الاتصالات المصرية، هدفت لمنع أية عمليات من شأنها زيادة التصعيد بالأراضي المحتلة، أو انتقال التوتر إلى قطاع غزة والأراضي المحتلة المتاخمة له، خاصة في أعقاب اختراق شبان فلسطينيين، السياج الأمني المحيط بقطاع غزة المحاصر، وإضرام النار بآلية عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
أكدت حماس أن عملية إعادة الإعمار لن تكون سيفاً مسلطاً على رقبة المقاومة
وحسب المصادر، فقد طالب المسؤولون في جهاز المخابرات العامة المصرية، قيادات في حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، بضرورة الحفاظ على حالة الهدوء، وعدم الإقدام على أية تصرفات من شأنها تعطيل عجلة إعادة الإعمار التي انطلقت.
ضبط الأوضاع على السياج مع غزة
وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين المصريين طالبوا حركة حماس بضبط الأوضاع على السياج الفاصل مع مستوطنات غلاف غزة، لمنع أية عمليات. وأكدوا، خلال الاتصالات، أنهم سيتواصلون مع حكومة الاحتلال لمنع الرد على عملية حرق الآلية الإسرائيلية.
وكشفت المصادر، أن قيادتي كل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، استغلتا الاتصالات لمطالبة الجانب المصري، في إطار جهود الوساطة، بإبلاغ رسالة لحكومة الاحتلال بشأن الأوضاع في السجون، ووقف الانتهاكات، والإجراءات العقابية التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق الأسرى.
وقالت المصادر إن "المسؤولين بحركة حماس في قطاع غزة، أكدوا خلال الاتصالات للجانب المصري، أن عملية إعادة الإعمار والشروع فيها لن تكون سيفاً مسلطاً على رقبة المقاومة، للي ذراعها، وصرفها عن قضاياها الرئيسية، والتي تأتي في مقدمتها القدس والأسرى".
غزة قادرة على رد أي عدوان
وشددت قيادات الفصائل في اتصالاتها مع المسؤولين في مصر، على ضرورة التأكيد على الفصل بين الملفات. وأكدت أن حالة التهدئة في قطاع غزة، هي مطلب إسرائيلي بالأساس، وأن غزة قادرة على رد أي عدوان، وتحويل الأوضاع إلى جحيم بالنسبة للاحتلال وليس العكس. وأكدت، في الوقت ذاته، أنهم "لا يزالون متمسكين بالدور المصري، ومقدرين له" بحسب المصادر.
وكشفت المصادر أن القاهرة بدأت أخيراً في تنفيذ المشروع السكني "دار مصر" في قطاع غزة، ضمن المبادرة المصرية لإعادة إعمار القطاع. وقالت إن "القاهرة لا ترغب في تعطيل الجهود الرامية للوصول إلى اتفاق تهدئة طويل المدى".
وكانت فصائل المقاومة الفلسطينية، عبرت عن غضبها في أعقاب اغتيال ثلاثة من المقاومين التابعين إلى "لواء الشهيد نضال العامودي" في "كتائب شهداء الأقصى"، الجناح العسكري لحركة "فتح"، في مدينة نابلس الثلاثاء الماضي. وأكدت أن تلك العملية "لن تمر مرور الكرام"، حيث شددت الكتائب على أنه "سيتم الرد عليها بكل الوسائل المتاحة".
من جهتها، أكدت حركة حماس أيضاً أن "الجريمة النكراء، لن تمر مرور الكرام". وجددت حركة الجهاد الإسلامي، من جانبها، التأكيد على أن "هذه الجريمة الإرهابية لن تمر دون رد، سيدرك معه العدو أن المقاومة لن تهدأ، وأن التنسيق الأمني لن يحميه ولن يحمي مستوطنيه".
في المقابل، دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجماهير الفلسطينية لخوض معركة قاسية وطويلة مع الاحتلال، لتحويل احتلاله إلى مشروعٍ خاسر، وضرورة تبني برنامج المقاومة الشعبيّة المرتكزة على أشكال كفاح شعبي متنوعة.
جاء ذلك في الوقت الذي تبع العملية الإسرائيلية حدث، وصفه الاحتلال بالاستثنائي على حدود غزة، بعد أن اخترقت مجموعة من الشبان الفلسطينيين، السياج الأمني المحيط بقطاع غزة المحاصر، وأضرمت النار في آلية عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
حرق آلية عسكرية للاحتلال تطور نوعي
وما جعل الحدث يمثل تطوراً نوعياً هو محاولة الشبان، بحسب التقارير الإسرائيلية، الاستيلاء على معدات عسكرية، وحين لم يتمكنوا من ذلك، أضرموا النار بآلية الاحتلال بواسطة زجاجات حارقة "مولوتوف"، وهي مركبة شحن تابعة للوحدات الهندسية في جيش الاحتلال.
طالبت مصر حماس بضبط الوضع على السياج مع مستوطنات غلاف غزة
في غضون ذلك، أقدمت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، أمس الأول الخميس، على إغلاق جميع الأقسام داخل كافة السجون احتجاجاً على تقليص عدد الأسرى في "الفورة" (الخروج إلى ساحة السجن)، كخطوة أولى باتجاه التصعيد.
وبحسب مكتب إعلام الأسرى، فإن الأجواء متوترة داخل سجون الاحتلال احتجاجاً على الإجراءات العقابية التي تفرضها إدارة السجون على الأسرى. وقالت الحركة الأسيرة إنه في حال لم تتراجع إدارة سجون الاحتلال عن إجراءاتها العقابية، فـ"سنتخذ المزيد من الخطوات التصعيدية".