كشفت مصادر ليبية مطلعة النقاب عن اتفاق عدد من قادة المجموعات المسلحة في الغرب الليبي على سحب تحشيداتهم المسلحة من مناطق غرب وجنوب غرب العاصمة طرابلس، وتولي عناصر مديريات الأمن مهمة التمركز في هذه المناطق، بعد أن زاد حجم المجموعات المسلحة المتمركزة هناك خلال اليومين الماضيين.
ووفق معلومات المصادر، التي تحدثت لــ"العربي الجديد"، فإن اجتماعاً عقد البارحة، في أحد معسكرات جنوب طرابلس، ضم عدداً من قادة مجموعات مسلحة من مدن طرابلس والزاوية ومصراتة والزنتان، انتهى إلى الاتفاق على خفض حدة التوتر في قطاع جنوب وجنوب غرب طرابلس، وسحب آلياتهم وأفرادهم من المنطقة إلى مقارهم العسكرية.
وأكدت المصادر التي فضلت عدم نشر هويتها أن القادة اتفقوا على "ترتيب اجتماع آخر لا يتجاوز منتصف الأسبوع المقبل لترتيب إجراءات أجرى تتعلق بالتهدئة وخفض حدة التوتر".
وجاء الاجتماع بعد أن قام آمر المنطقة العسكرية اللواء أسامة الجويلي الموالي للحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا بحشد وحدات من قواته في مناطق الكريمية والسواني، جنوب غرب العاصمة، فيما قامت قوات موالية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بتحشيد مضاد، تمركزت خلاله داخل مطار طرابلس القديم وحوله، جنوبي العاصمة طرابلس.
وفي وقت تابع فيه نشطاء حالة التحشيد عبر منصات التواصل الاجتماعي بعدد من الفيديوهات التي أظهرت أرتالاً مسلحة تتوافد على المنطقة، برّر العميد محسن الزوبيك، آمر قوة دعم الدستور والانتخابات، وهو مسمى تعمل تحته المجموعات الموالية للدبيبة، في تصريحات صحافية ليل البارحة، التحشيد العسكري داخل مطار طرابلس القديم وفي محيطه بأنه استعداد لعرض عسكري "تجريه القوات المسلحة لإحياء الذكرى الــ 82 لتأسيس الجيش الليبي".
وأكدت المصادر أن الاجتماع جاء بطلب من الجويلي مع قادة التشكيلات المسلحة بطرابلس والزاوية ومصراتة بهدف إقناعهم بضرورة دعم حكومة باشاغا وسحب ولائهم من حكومة الدبيبة، وتأمين مغادرة سلمية لحكومة الأخير من العاصمة، قبل أن يفشل في ذلك مقابل إصرار كبير من القادة الموالين للدبيبة.
وقال أحد المصادر إن "قادة طرابلس العسكريين هددوا الجويلي بحرب جديدة ضد قواته وذكروه بحرب فجر ليبيا التي خسرها الجويلي واضطر للانسحاب إلى داخل مدينته في الزنتان"، مؤكداً أن قبول الجويلي بسحب قواته من الكريمية والسواني جاء بعد قناعته بعدم تكافؤ قواته مع قوة مناوئة.
وفيما أجمعت المصادر أن الجويلي رجع بقناعة مفادها استحالة دخول باشاغا بأية قوة عسكرية لطرابلس، أشارت إلى أن التوتر الكبير في المنطقة تسبب في تأجيل اجتماع كان مقرراً أن يعقد في بنغازي، اليوم الأربعاء، بين رئيس أركان الجيش الفريق محمد الحداد، التابع لحكومة الوحدة الوطنية، ورئيس أركان قوات خليفة حفتر، الفريق عبد الرزاق الناظوري، بمشاركة أعضاء لجنة 5 + 5، لمواصلة اجتماعاتهم التي بدأت في سرت، قبل أشهر، وفي طرابلس الأسبوع الماضي.
وكان الحداد قد قدّم للمجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش، أمس الثلاثاء، إحاطة كاملة حول الإجراءات التي اتخذها بعد قرار تكليفه من المجلس الرئاسي بالمتابعة والإشراف على وقف إطلاق النار في طرابلس، عقب الأحداث التي شهدتها العاصمة فجر الجمعة الماضية، بحسب مكتب إعلام رئاسة أركان حكومة الوحدة الوطنية.
وجاء التوتر بعد أيام من توتر أمني كبير بين مجاميع مسلحة موالية للدبيبة وباشاغا الذي وصل إلى مصراتة، نهاية الأسبوع الماضي، كما شهدت مدينة الزاوية لقاء بين عدد من القيادات الاجتماعية بالمنطقة الغربية بوزراء حكومة باشاغا، أكد خلاله المشاركون دعم حكومة باشاغا، وضرورة تسلمها مهامها من طرابلس.
وجاءت تحشدات الجويلي بعد أيام من اشتباكات عنيفة شهدتها طرابلس الجمعة الماضي خلفت 16 قتيلاً و52 جريحاً، فيما يبدو أنه سعى لاستغلال حالة الانقسام والخلاف التي خلفتها بين المجاميع المسلحة في المدينة لاقتحامها وتمكين باشاغا من السلطة.
ومع أن الاشتباكات اندلعت نتيجة قبض قوة جهاز الحرس الرئاسي على أحد أفراد قوة جهاز الردع، إلّا أن اصطفاف الكتائب فيها تشكل بنكهة سياسية، فآمر جهاز الحرس الرئاسي أيوب بوراس من الموالين لحكومة الدبيبة، فيما يعرف جهاز الردع بقربه من لواء النواصي الذي مكّن باشاغا من دخول طرابلس، منتصف مايو/ أيار الماضي، قبل أن يضطر لإخراجه بعد تعرضه لهجوم من مؤيدي الدبيبة.