دخل اتفاق أُبرِم بين النظام السوري واللجنة المركزية في محافظة درعا، ينهي حصاراً على أحياء درعا البلد، حيّز التنفيذ، لكن النظام يواصل حشد قواته في المنطقة تحت ذريعة ضمان تنفيذ هذا الاتفاق، بينما لا يزال التوتر يسود غربي نهر الفرات على خلفية مقتل جنود أتراك من قبل ما يُعتقد أنها قوات كردية.
وأكد الناشط الإعلامي أبو الطيب، والموجود في درعا البلد، لـ "العربي الجديد"، أن النظام السوري "فتح حاجز السرايا صباح (أمس) الإثنين إيذاناً ببدء تنفيذ الاتفاق مع اللجنة المركزية في درعا". كما أكد دخول "لجنة" إلى مخفر درعا البلد للبدء في إجراء التسويات لعشرات الشبان من أبناء الحي. إلى ذلك، ذكرت مصادر عدة، منها "تجمع أحرار حوران"، أن النظام السوري يواصل حشد القوات في محيط أحياء درعا البلد في جنوب سورية، رغم إبرام اتفاق الأحد الماضي مع اللجنة المركزية في محافظة درعا لإنهاء حصار استمر لأكثر من شهر.
نص الاتفاق على دخول لجنة تسوية، بمرافقة لجنة من الأهالي، إلى أحياء درعا البلد لإجراء تسويات لمطلوبين
ونص الاتفاق، الذي يُنفذ على عدة مراحل، على تسليم أنواع من الأسلحة التي طالبت بها قوات النظام خلال خمسة أيام، مقابل وقف العمليات الاستفزازية من قبل هذه القوات، وسحب السلاح من اللجان الأمنية والقوات الرديفة التابعة للأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وإيقاف عملها داخل المدينة. كما ينص على دخول لجنة تسوية، بمرافقة لجنة من الأهالي، إلى أحياء درعا البلد لإجراء تسويات لمطلوبين، يبلغ عددهم 135 شخصاً، وفتح المعابر وإنهاء الحصار. ونقلت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، عن قائد شرطة محافظة درعا العميد ضرار دندل زعمه أن الأرتال العسكرية، التي تتوافد تباعاً إلى المحافظة، والمقدر عددها بآلاف العناصر مع عشرات المدرعات والدبابات، "هدفها تعزيز الأمن في كامل المحافظة، وليس فقط درعا البلد، وتسليم السلاح وتسوية أوضاع المطلوبين". وأشار إلى أنه "سيتم وضع نقاط أمنية وعسكرية داخل درعا البلد، والمخيم وطريق السد"، مؤكداً أن فتح جميع الطرق باتجاه درعا البلد لن يتم إلا بعد تنفيذ البنود بشكل كامل.
وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن الأرتال العسكرية التي وصلت إلى درعا الأحد الماضي هي من "الفرقة الرابعة"، التي يقودها ماهر الأسد، ومن مليشيات يقودها العميد سهيل الحسن والمعروف بـ"النمر"، مشيرة إلى أن هذه الأرتال تضم دبابات وراجمات صواريخ، وهدفها ترويع أهالي المناطق التي لا تزال خارج السيطرة الفعلية لقوات النظام والأجهزة الأمنية. وكان النظام السوري حاصر 11 ألف عائلة في أحياء درعا البلد منذ أكثر من شهر، في إجراء عقابي بسبب رفض أهالي هذه الأحياء المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي أجراها أواخر مايو/ أيار الماضي. ودخلت اتفاقات التسوية، التي أجراها النظام تحت إشراف روسي في عموم درعا، عامها الثالث، إلا أن أوضاع المحافظة، الأمنية والمعيشية، تزداد سوءا وفق مصادر محلية، أشارت إلى أن النظام ماضٍ في فرض هيمنة كاملة على الجنوب السوري، رغم أن الاتفاقات المذكورة تُحرّم عليه دخول المدن والبلدات الخارجة عن سيطرته.
ومن جنوب سورية إلى شمالها، حيث يسود التوتر ريف حلب الشمالي، على الرغم من مرور يومين على مقتل جنود أتراك من قبل مجموعة يُعتقد أنها مرتبطة بـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ذات الطابع الكردي، والتي لا تزال تسيطر على مناطق غرب نهر الفرات، على تماس مباشر مع مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية التابعة للجيش التركي. وكان قُتل جنديان تركيان وجرح آخران، في ريف حلب الشمالي، مساء السبت الماضي، جراء هجوم يُعتقد أنّ "قسد" تقف وراءه. وكان الجيش التركي قد قصف ليل الأحد- الإثنين مواقع تابعة لـ"قسد" في قرى مرعناز، وشوارغة، والإرشادية، وكفر أنطون، وتات مرعش، وقلعة شوارغة بناحية عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، ومناطق في قرى عين دقنة، وبيلونية، وشيخ عيسى، وتل رفعت في ريف حلب الشمالي.
بموازاة ذلك، عاود الطيران الروسي، أمس الإثنين، قصف تلال الكبينة بريف اللاذقية الشمالي الشرقي، بينما قصفت قوات النظام بالمدفعية بلدة سفوهن في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، في إطار الضغط على نحو 35 قرية في هذه المنطقة، والمستمر منذ مطلع الشهر الماضي.
عاود الطيران الروسي قصف تلال الكبينة، بينما قصفت قوات النظام بالمدفعية بلدة سفوهن
واستعصت تلال الكبينة على الروس وقوات النظام السوري طيلة سنوات، حيث فشلت كل محاولات هذه القوات للسيطرة عليها رغم حملات القصف الجوي من الطيران الروسي. وفقدت هذه القوات المئات من ضباطها وعناصرها خلال أكثر من حملة، ما دفعها إلى التوقف والاكتفاء بالقصف الجوي بين وقت وآخر. وتقع هذه التلال ضمن جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وتطل على منطقتي سهل الغاب في ريف حماة، والروج وجسر الشغور في ريف إدلب الغربي. وتعد هذه التلال أبرز المواقع، وربما أهمها، التي لا تزال بيد فصائل المعارضة السورية في شمال غربي سورية، وهو ما يشكل خط دفاع متقدماً عن ريف إدلب الغربي ومدينة جسر الشغور الاستراتيجية التي يضعها النظام على رأس أولوياته منذ طرده منها في العام 2015.
من جانبه، أشار القيادي في فصائل المعارضة في شمال سورية النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "عودة القصف إلى الشمال الغربي من البلاد بعد الجولة الـ16 من مسار أستانة تضع إشارات استفهام حول ما تم الاتفاق عليه، أو حول نقاط الخلاف". وأضاف: "العودة لقصف الكبينة، المنطقة الاستراتيجية التي استعصت على الروس والإيرانيين ونظام الأسد، تدل على نيّتهم التقدم إليها من جديد، لتصبح ورقة قوية، وموقعاً عسكرياً مهماً بيد روسيا، تستطيع من خلاله التأثير على مناطق واسعة في الشمال المحرر، وبالتالي تستطيع فرض شروطها كما تريد".