من المقرر أن تختتم الاجتماعات القائمة بين رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، اليوم الأربعاء، بعد توصلهما إلى توافقات كبيرة في ما يخص الإطار الدستوري المفضي إلى إجراء الانتخابات المؤجلة من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وبدأ صالح والمشري، أمس الثلاثاء، اجتماعاً في جنيف السويسرية برعاية مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، لمناقشة مسودة الإطار الدستوري للانتخابات، وإكمال ما انتهت إليه اجتماعات اللجنة الدستورية المشتركة من مجلسي النواب والدولة خلال جولاتها الثلاث التي انعقدت في القاهرة في الفترة من 12 إلى 20 يونيو/ حزيران.
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، عزم صالح والمشري على توقيع وثيقة دستورية تتضمن حسماً لكل النقاط العالقة بشأن الإطار الدستوري للانتخابات، خصوصاً شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، والحكم المحلي ونظام الحكم، يعقب ذلك مؤتمر صحافي لهما بمشاركة المستشارة الأممية للشأن الليبي، ستيفاني وليامز.
لقاءات مكثفة للتوصل إلى اتفاق بشأن الوضع الحكومي
وبحسب المصادر، لم ينتهِ صالح والمشري إلى توافق حول رؤية مشتركة لشكل الوضع الحكومي خلال المرحلة الانتقالية التي ستقود إلى الانتخابات، مشيرة إلى أن مستشاري الرئيسين أجريا لقاءات مكثفة خلال الساعات الماضية من مساء أمس، دون أن يصلا إلى رؤية موحدة.
وأوضح أحد المصادر أنه في الوقت الذي رحّب فيه المشري بقبول مقترح يقوم على أساس إعادة النظر في التشكيلة الوزارية لحكومة باشاغا واعتمادها الحكومة الشرعية في البلاد، إلا أنه عبّر عن مخاوف كبيرة بشأن تمسك رئيس حكومة الوحدة الوطنية بالسلطة، في ظل تحالفه مع مجموعات مسلحة في العاصمة طرابلس ترفض هي الأخرى وجود باشاغا في طرابلس.
أكد الدبيبة في عديد الاتصالات التي أُجريت معه أن الاتفاق السياسي جاء به إلى السلطة ضمن حزمة تنفيذية واحدة، وأن مغادرته أو بقاؤه يجب أن يكون مقرونا بجميع أفراد تلك السلطة
وأضاف: "المشري أكد أن الدبيبة لا يحظى بدعم مطلق من المجلس الأعلى، لكنه حليف لمجموعات مسلحة قوية في العاصمة طرابلس، وأن وجود مجموعات مسلحة أخرى ترحب بحكومة باشاغا يعني انقساماً كبيراً قد يؤدي إلى فوضى مسلحة "، مؤكداً أن ذلك كان أهم أسباب عدم تكوين رؤية مشتركة بشأن الوضع الحكومي في البلاد.
ومن بين الإشكالات القائمة بشأن الوضع الحكومي، أوضح المصدر أن الدبيبة أكد في عديد الاتصالات التي أُجريت معه أن الاتفاق السياسي جاء به إلى السلطة ضمن حزمة تنفيذية واحدة، وأن مغادرته أو بقاءه يجب أن يكون مقروناً بجميع أفراد تلك السلطة، في إشارة إلى اشتراكه في تكوين السلطة التنفيذية مع المجلس الرئاسي الذي يترأسه محمد المنفي.
ورجحت المصادر توقيع صالح والمشري للوثيقة الدستورية بشكل مبدئي، والاتفاق على إحالتها على مجلسي النواب والدولة للتصديق عليها، دون الاتفاق على تحديد شكل السلطة التنفيذية ووضعها، لكنها أشارت في ذات الوقت إلى عزم صالح على التمسك بحكومة باشاغا، لكونها الحكومة الشرعية في البلاد.
نورلاند: يمكن إجراء انتخابات عامة دون شرط حل الأزمة بين الحكومتين المتنافستين
وبالتزامن مع ذلك، أشار السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إلى وجود سبل للمضي نحو إجراء الانتخابات دون الحاجة لوجود حكومة ليبية واحدة، وقال: "يمكن إجراء انتخابات عامة في ليبيا دون شرط حل الأزمة بين الحكومتين المتنافستين"، بحسب تصريحات أدلى بها لوكالة "رويترز".
وجاءت تصريحات نورد لاند بعد زيارة أجراها أمس الثلاثاء للعاصمة طرابلس التقى خلالها رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله.
واعتبر نورلاند أن العمل على إيجاد آلية للإشراف على عائدات النفط "قد تساعد في الحكم لفترة مؤقتة"، وذلك في إطار حديثه عن وجود حلول للمضي نحو الانتخابات دون ضرورة توحيد الحكومات.
وأضاف: "يمكن الفصائل التي هيمنت على أجزاء مختلفة من ليبيا قيادة مناطقها بشكل منفصل، نحو انتخابات وطنية"، مؤكدا أنه "لا يمكن أي طرف الخروج بنتيجة وحل، بفعل واقع المشهد السياسي، وأن الصيغة الوحيدة التي ستنجح هي اجتماع الفاعلين الرئيسيين والتفاوض على حل وسط".
وعن إمكانية عدم نجاح لقاء صالح والمشري في الوصول إلى توافق، توقع نورلاند "المزيد من المفاوضات التي ستواصل العمل على المجالات التي اتُّفق عليها بالفعل".
وأشارت الوكالة إلى أن واشنطن تضغط للحد من الصراع، بضمان إنفاق عادل وشفاف لعائدات النفط حتى تتمكن حكومة منتخبة من تولي السلطة. ونقلت عن السفير الأميركي قوله إن بلاده وشركاء دوليين عقدوا "اجتماعات مع شخصيات ليبية للتوصل إلى اتفاقات بشأن أولويات الإنفاق، والشفافية، ومخصصات التمويل، والإشراف على كيفية استخدام الأموال".
وبحسب السفير الأميركي، هناك أطراف في غرب ليبيا وشرقها "تؤيد فكرة إيجاد آلية لإدارة عوائد النفط، وهو ما يتطلب مشاركة واسعة حتى تشعر كل التوجهات السياسية في البلاد بأن مصالحها تؤخذ بالاعتبار".
أحزاب ليبية تدعو إلى حراك سلمي شعبي حال تعثر لقاء صالح والمشري
وعلى صعيد المتابعة الليبية لمجريات لقاء صالح والمشري، دعا 26 حزباً سياسياً ليبياً إلى حراك سلمي شعبي في حال تعثُّر لقاء جنيف بين صالح والمشري، للمطالبة بضرورة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وأكدت الأحزاب في بيان مشترك، اليوم الأربعاء، ضرورة عمل صالح والمشري على اتخاذ خطوات جيدة لوصول البلاد إلى مرحلة الانتخابات، مشيرة إلى أن البلاد عانت لسنوات جراء النزاع.
وقال البيان إن "مطالب الشعب مشروعة"، مشدداً على تحميل المسؤولية لمن يعرقل مسار التسويات للوصول إلى توافق على الأساس الدستوري للانتخابات.
المجلس الرئاسي الليبي يؤكد أهمية وجود حراك شعبي ضاغط لتحقيق الانتخابات
ومساء أمس الثلاثاء، أكد نائب المجلس الرئاسي موسى الكوني، أهمية وجود حراك شعبي ضاغط في اتجاه تحقيق الانتخابات، مشيراً إلى أن الحراك هو الطريق "لانتزاع المبادرة لتحديد موعد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
وأكد الكوني خلال لقائه عدداً من المترشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ترحيب المجلس الرئاسي بكل المبادرات الداعية إلى سرعة إجراء الانتخابات، بما فيها الحراك الشعبي المطالب بضرورة تحديد موعد دقيق للانتخابات "الذي عجزت عنه كل المشاورات والمؤتمرات والمبادرات في السابق".