- نتنياهو يوافق على إرسال وفد إلى واشنطن للتباحث حول رفح بعد ضغوط من بايدن وتوترات ناتجة عن خطاب شاك شومر الداعي لإطاحة نتنياهو، لكن الموافقة مبدئية ولم يُحدد موعد اللقاء.
- الإدارة الأميركية تواجه تحديات في إقناع إسرائيل بالتراجع عن قراراتها العسكرية وتحاول تأجيل الاجتياح، مع تحفظ على نتائج المباحثات الجارية في واشنطن لكن بتفاؤل حذر حول إمكانية تحقيق هدنة.
الخلاف حول رفح بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان من البداية محكوماً بالتفاقم والوصول إلى عقدة مستعصية. إصرار رئيس الحكومة على استكمال حرب الإبادة والتجويع بعد أن اعتاد على عدم أخذ تحذيرات بايدن على محمل الجد، اصطدم بعدم قدرة الرئيس على تحمل مجزرة إضافية في حرب اكتوت منها حملته المهتزة أصلاً في عدة ولايات وبما يهدد إعادة انتخابه.
النتيجة كانت انسداد التلاقي بينهما حول هذا الموضوع. ولما كان لا بدّ من التفاهم، تقرر أن يجري البحث عنه حول طاولة حوار في واشنطن. وبحسب مستشار الرئيس جيك سوليفان، فقد وافق نتنياهو على إرسال وفد من المسؤولين المختصين إلى واشنطن في الأيام القليلة القادمة، للتباحث مع المعنيين في الإدارة حول مسألة اقتحام رفح، لكن الموافقة ما زالت مبدئية ولم يُحدد بعد موعد اللقاء بينهما. هذه الصيغة طرحها الرئيس بايدن بعد أن تعذر عليه حمل رئيس الحكومة خلال اتصال أجراه معه اليوم لأكثر من عشرين دقيقة، على صرف النظر عن الاقتحام واستبداله "بطرق أخرى تحقق الأهداف أنفسها".
جاء ذلك على خلفية التوتر العالي الذي سبّبه خطاب السيناتور الديمقراطي شاك شومر في مجلس الشيوخ أواخر الأسبوع الماضي والذي بدا بمثابة دعوة لإطاحة نتنياهو بوصفه "عقبة في طريق السلام". كلمته غير المسبوقة بمضمونها ومكان إلقائها، بدت وكأنها ألقيت نيابة عن الرئيس بايدن ولو أنه تبنّاها بصورة خجولة وعابرة، في حين وظّفها الجمهوريون وبقوة ضد البيت الأبيض والسيناتور شومر من باب أنها "تدخل في الشؤون الداخلية لبلد سيد وحليف".
وقد استند نتنياهو على موقف الجمهوريين في مقابلات أجراها مع وسائل إعلام أميركية، ضد خطاب شومر ومؤيديه وبما جعله يبدو وكأنه استعاد المبادرة ليعزز تمسكه بقرار الاجتياح. وبحسب بعض التقديرات، ربما أسعفه ضعف استثمار الخطاب ليعمل على تسريع عمليته العسكرية في رفح. فالفرصة كانت سانحة للإعلان في أعقاب هذا الخطاب، عن خطوات عملية تتعلق بالتسليح أو بفرض قيود على استخدام بعض الأسلحة، بهدف الردع ومنع تنفيذ العملية العسكرية. بدلاً من إجراءات كهذه، اختار البيت الأبيض الاتصال بنتنياهو بعد 32 يوماً من انقطاع التواصل معه وبما انتهى إلى صيغة المباحثات في واشنطن. عملياً اختار مناشدة نتنياهو لإعادة النظر في قرار رفح. وفي ضوء ما أدت إليه سياسة المناشدة بخصوص حماية المدنيين وتمرير المعونات الإنسانية، لا يتوقع المراقبون أن تنتهي هذه المباحثات إذا انعقدت، إلى أكثر من فرملة مؤقتة وملغومة للعملية
في أحسن الأحوال، خاصة أن انعقادها غير مشروط بامتناع إسرائيل عن القيام بأي عمل عسكري في رفح خلال جلساتها. الإدارة "تأمل بأن لا تُقدم" الحكومة الإسرائيلية على اجتياح المدينة فحسب، قبل نهاية هذه المشاورات. وحذر سوليفان أو بالأحرى نصح إسرائيل بأن الدخول الميداني إلى رفح "غلطة". التعبير نفسه استخدمته الإدارة في البداية عندما حاولت نهي إسرائيل عن دخول القطاع والذي تجاوزته هذه الأخيرة من غير مساءلة.
إسرائيل تدرك محدودية تحذيرات إدارة بايدن، بل طلباتها الشكلية. البيت الأبيض طلب منذ 28 فبراير/شباط الماضي، تزويده مسبقاً بخطة لعملية رفح العسكرية للاطلاع والتأكد من "قابليتها للتنفيذ بصورة تضمن حماية المدنيين ووصول المساعدات إليهم". حتى اليوم لم تتسلم واشنطن أي رد من إسرائيل في هذا الخصوص. كل ما حققه البيت الأبيض بشأن رفخ، كان تجميد اجتياحها حتى الآن. وما زالت تتوسل التأجيل وهذه المرة عبر المباحثات، علّ التوصل إلى صفقة رهائن وهدنة قابلة للتمديد، يحوّل التأجيل إلى واقع مستمر، ولذا هي تنزل بكل وزنها في المفاوضات الجارية لبلوغ مثل هذه النتيجة وتتحدث بتفاؤل وإن بتحفظ عن إمكانية تحقيق هذا الغرض. حسابات الانتخابات لا تتقبل نهاية مختلفة للمفاوضات الجارية.