تظاهر النظام السوري بضبط النفس أمام احتجاجات السويداء: الموالون يتولون التحريض

26 اغسطس 2023
سوريون يتظاهرون في إدلب دعماً لحراك الجنوب السوري (فرانس برس)
+ الخط -

أربكت الاحتجاجات المستمرة في محافظة السويداء، وزخمها المتنامي، النظام السوري، الذي يتردد في استخدام القوة لقمع حراكها، نظراً لخصوصية المحافظة التي تقطنها أغلبية من الدروز، في وقت يعجز فيه عن تلبية مطالب المحتجين، ليحاول في المستوى الرسمي امتصاص غضب المتظاهرين والخروج من مواجهتهم بأقل خسائر. مع ذلك، بدا أن موالين للنظام يجهرون علناً بما يدور في خلد أصحاب القرار، مطلقين تهديدات صريحة لأهالي السويداء، مستخدمين لغة طائفية تارة، وتحريضية تارة أخرى.

في هذا السياق، يبرز الإعلامي الموالي رفيق لطف، الذي ينشط على صفحته في "فيسبوك" بمقاطع مصورة ومنشورات، إما تهدد المحتجين أو تخوّنهم أو تشكك بحقيقة الاحتجاجات، ليزعم أنّ معظم ما يجري في محافظة السويداء مفبرك عبر منصات التواصل الاجتماعي و"ليس له وجود على أرض الواقع"، ما يذكّر بمزاعم النظام حين انطلاق الثورة السورية عام 2011، ودأبه حينها على إنكار وجود تظاهرات أو احتجاجات شعبية ضده.

وفي تحريض واستخفاف بالمحتجين في السويداء، يقول رفيق لطف: "نملة لا تصارع جملاً ويجب أن ندوس كل هذا النمل"، ويضيف في أحد المقاطع المصورة التي نشرها على صفحته: "هؤلاء تمادوا ووصلوا إلى حد العمالة"، زاعماً أنّ المحتجين يسعون إلى "حكم ذاتي في محافظة السويداء"، ويحذرهم بقوله: "عيون الأمن مفتوحة، والجيش قوي وأقوى مما كان قبل 2011، ونحن قادرون على المواجهة".

كما دعا أهالي السويداء إلى تجاهل المحتجين الذين وصفهم بـ"الزعران".


وادعى لطف أن المحتجين يقبضون 20 دولاراً لواحدهم، و25 للنساء منهم، مقابل خروجهم في التظاهرات، زاعماً أنّ صفحة "السويداء 24" المحلية التي ترصد التطورات في السويداء تدار من هولندا وإسرائيل.

وفي أحد مقاطعه المصورة، يهاجم لطف، ابن السويداء المعارض ماهر شرف الدين، وغيره ممن يدعمون مطالب المحتجين، ويحذر من تعاونهم مع من سماهم "الدواعش" للقيام بتفجيرات واغتيالات في السويداء واتهام قوات النظام بتنفيذها.

وزعم لطف أن كل مشايخ المحافظة ينسقون مع النظام السوري، وأن هناك استجابة لمطالب المحتجين، لكن هناك من يخطط لتفجيرات تقطع الطريق على هذه التفاهمات.

وتستمر منذ نحو أسبوع تظاهرات في عموم الجنوب السوري الخاضع لسيطرة نظام بشار الأسد احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، وسرعان ما تحولت للمطالبة بإسقاط النظام، معيدة للأذهان بدايات الثورة السورية التي انطلقت في العام 2011 للتحرر من النظام الاستبدادي، وواجهها الأسد بحملة قمع وحشية أسفرت عن مقتل وتهجير ملايين المدنيين، ولاحقاً تفكك البلاد.

رايات طائفية

من جهته، هاجم المغني الموالي ريبال الهادي أهالي السويداء بعبارات طائفية، واستنكر "زج اسم السيد الرئيس في المطالب المعيشية"، وخاطب المحتجين بقوله: "من أنتم لتفكروا بإسقاط الرئيس الأسد، وهو ما عجزت عنه 200 دولة؟".

واتهم المحتجين برفع رايات طائفية، مهدداً برفع رايات مماثلة من جانب أهالي الساحل، وقال: "نحن (يقصد أهل الساحل) لم نقل كلمتنا بعد؟ وإذا قلنا كلمتنا إنتو حقكن رشة مي".

وبعد شتم للمتظاهرين، وتلويح بصدامات طائفية ومناطقية، استهزأ الهادي بحراك السويداء، فقال: "إذا دخلت دبابة واحدة لمناطقهم سيولون هاربين"، وختم بأن "العالم العربي لا يليق به إلا الحذاء، ولا يستحق الديمقراطية".

شاليش: حلوها أو اضربوهم بيد من حديد

أما القيادي السابق لدى النظام رياض عيسى شاليش، ابن عمة بشار الأسد، فهدد بضرب محافظتي درعا والسويداء بيد من حديد، عقاباً على احتجاجاتهما.

وقال شاليش في منشور على صفحته في "فيسبوك"، يوم الاثنين الماضي: "لن أتوجه بأي كلمة لمن خرج في كل من درعا والسويداء لأن صوتنا بح من كثرة ما تحدثنا عمن يخرج هناك من أول الأزمة باسم الحرية وهدفه معروف... اليوم أتوجه إلى الدولة كلها، القيادة الجهات الأمنية، إما أن تتخذوا قرارات اقتصادية جريئة تنتشلنا وتُخرسون هؤلاء أو تضربوهم بيد من حديد".

وخاطب شاليش، الذي كان ضابطاً برتبة لواء في قوات النظام في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، وأحد رموز الفساد حين تولى لفترات طويلة إدارة مؤسسة الإسكان العسكرية، بشار الأسد ونظامه بقوله: "أنتم من أوصل البلد إلى هذا الدمار الاقتصادي وأنتم من عليه أن يجد الحلول سريعاً، وأنتم من تعامل بتراخٍ مع هاتين المحافظتين، وأنتم من عليه التصرف اليوم بحكمة أو بغير الحكمة (لا يهم ). الشعب غير مضطر لتحمل عبء إضافي في هذا الوطن الذي لم يتجاوز الحرب والإرهاب. كفى!".

ولا يخفي شاليش استخفافه بقيادة بشار الأسد، قائلاً في منشور آخر مرفقاً بصورة لحافظ الأسد: "آه كم نحن بحاجة إليك في هذه الأيام العصيبة. يكفي تنظيراً من ورا الشاشات، عملوا شي، لاقوا حل".


اعتقال الناشط أيمن فارس 

ولم تترد قوات النظام في اعتقال بعض الناقدين الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، في مناطق تعتبر تقليدياً حاضنة اجتماعية للنظام، منهم الناشط أيمن فارس، الذي اعتقل، صباح اليوم السبت، أثناء توجهه من جرمانا في ريف دمشق إلى مدينة السويداء، حيث كان ينوي الاحتماء فيها، بعد هروبه من اللاذقية.

وقالت شبكة "الراصد" المحلية إن قوات النظام اعتقلت فارس وشاباً آخر من السويداء، هو باسل صياح الحسين، الذي كان يرافقه، على حاجز العادلية على طريق دمشق السويداء، خلال توجهه من مدينة جرمانا إلى محافظة السويداء، قبل أن تفيد بإطلاق سراح الحسين وبقاء مصير فارس مجهولاً.

وكانت شبكة "السويداء 24" قد ذكرت أن فارس انتقل من اللاذقية إلى جرمانا بريف دمشق، وبقي فيها يومين، تحضيراً للتوجه إلى السويداء، بعد أن طلب الحماية فيها بتنسيق مع بعض شباب المحافظة.

هاجم فارس، وهو ناشط من مدينة اللاذقية على الساحل السوري، رئيس النظام بشار الأسد، وتحداه بأن يأتي إليه بنفسه لاعتقاله، عقب محاولة اعتقاله من قبل أجهزته الأمنية، على خلفية انتقاده للأوضاع المعيشية والاقتصادية.