أعلنت البعثة الأممية في ليبيا، اليوم السبت، اختتام اجتماعات اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي، ليل أمس الجمعة، التي استمرّت ثلاثة أيام، لاستكمال المناقشات في القاعدة الدستورية اللازمة للانتخابات المقرّر عقدها في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وفيما أشادت البعثة، في بيان لها، بجهود أعضاء اللجنة القانونية، أشارت إلى أن الاجتماعات مرّت، منذ الأربعاء الماضي، بانقسامات كبيرة وخلافات في بعض النقاط الخلافية، من دون أن توضحها.
وبحسب بيان البعثة، سترفع اللجنة تقريراً لملتقى الحوار السياسي حول ما اتُّفق عليه "من مبادئ وعناصر للقاعدة الدستورية"، مشيرة إلى تعهد المبعوث الأممي بـ"تيسير عقد اجتماع افتراضي للجلسة العامة للملتقى لمناقشة التقرير".
لكن بيان البعثة أشار إلى استمرار الخلافات بين أعضاء اللجنة، فقد نقل عن المبعوث الأممي يان كوبيتش، تقديره، في كلمته في اختتام اجتماعات اللجنة، لجهود بعض أعضائها في تجاوز الانقسامات بينهم، لكنه أكد أن "بعض الاختلافات السياسية لا تزال تكمن وراء الانقسام بينكم، وتقف حائلاً دون الوصول إلى مقترح موحد توافقي حتى الآن".
وتوجه كوبيتش إلى أعضاء اللجنة بالقول: "رسالتي الرئيسة إليكم اليوم، هي أن أحثكم على بذل جهد آخر للتوصل إلى تسوية ملائمة، والمحافظة على النجاح المهم الذي حققه ملتقى الحوار السياسي الليبي حتى الآن، وذلك عبر تقدمكم خطوة أخرى بالغة الأهمية صوب هدف الانتخابات الوطنية".
تعهدت اللجنة باستكمال مهمتها نحو "تعزيز الشرعية السياسية عبر انتخابات عامة حرة نزيهة، يستعيد فيها الشعب الليبي القرار في اختيار ممثليه"
وحث كوبيتش أعضاء اللجنة على "تحديد السبيل الأكثر تماسكاً وتوافقاً لتوحيد مناقشاتكم، وتقديم تقريرٍ إلى الملتقى يجمع نقاط الاتفاق بينكم، ويسلّط الضوء على القضايا العالقة"، مضيفاً: "أحثكم على التركيز على الخروج بنتيجة واضحة تأخذ في الاعتبار آراءكم التي يمكنكم عرضها على الملتقى للنظر فيها".
وأكد كوبيتش أن تقرير اللجنة الذي سيُقدَّم للملتقى "سيمثل الفرصة التي أمامكم للتقدم خطوة أخرى نحو الانتخابات" المقبلة.
وكانت اللجنة القانونية قد أعلنت، ليل أمس الجمعة، اختتام اجتماعاتها في تونس، وعزمها على تقديم تقرير نهائي عن مشاوراتها حول القاعدة الدستورية للانتخابات المقبلة "في أقرب وقت للنظر فيها"، وتعهدت اللجنة باستكمال مهمتها نحو "تعزيز الشرعية السياسية عبر انتخابات عامة حرة نزيهة، يستعيد فيها الشعب الليبي القرار في اختيار ممثليه.
وقال عضو اللجنة القانونية للملتقى، عبد القادر حويلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن اللجنة توافقت على إجراء الانتخابات البرلمانية، لكن الخلاف كان في ما يتعلق بكيفية إجراء الانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أن التقرير النهائي الذي سيرفع إلى الملتقى سيشمل توضيحاً للخلاف حول عدم وجود نصوص دستورية تستند إليها الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن الملتقى هو من سيبتّ في نقاط الخلاف.
وافتتح المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش الأربعاء اجتماعات اللجنة، بتأكيد أن قرارات اللجنة القانونية "ستكون تعزيزاً لعملية سياسية شاملة"، محذراً من أن غياب التوافق سيخلّ بالتزامات ملتقى الحوار بخريطة الطريق التي تحدّد مسار المرحلة الحالية الموقتة.
وحثّ المبعوث الأممي اللجنة على ضرورة وضع مقترحات ملموسة وقابلة للتطبيق، من شأنها تمكين الليبيين من إجراء الانتخابات بموعدها، داعياً أعضاء اللجنة إلى "الارتقاء فوق الانقسامات".
ووفق قراءة أستاذ القانون الدستوري في الجامعات الليبية، أحمد العاقل، فإنّ عدم إعلان اللجنة القانونية لشكل القاعدة الدستورية التي اتفقت عليها، "انتكاسة لأعمال اللجنة"، مرجحاً أن اللجنة لم تتفق إلا على خطوط عريضة للقاعدة.
ويوضح العاقل رأيه لـ"العربي الجديد" بالقول إن "الانتخابات البرلمانية لا خلاف في كونها ستجري مباشرة من الشعب، فالإعلان الدستوري تضمّن نصوصاً واضحة، خصوصاً تلك التي بعد التعديلات، والتي استندت إليها الانتخابات البرلمانية في 2014"، مشيراً إلى أن الخلاف الذي دار حول الانتخابات الرئاسية جاء بسبب عدم وجود دستور توضح نصوصه شكل الدولة، برلمانية أو رئاسية، وصلاحيات الرئيس.
وأضاف أن "الخلاف كان منذ عام 2012، عندما جرى تجاوز انتخاب الرئيس والذهاب نحو انتخابات برلمانية مباشرة، وحدث ذلك أيضاً في انتخابات عام 2014، حتى أثيرت المسألة إبان انطلاق الحوار السياسي، الذي أفرز اتفاق الصخيرات، وتم فيه الاتفاق على أن يكون البديل مجلس رئاسي من تسعة رؤوس، وتم تقليص أعضائه في ملتقى الحوار السياسي إلى ثلاثة، هم محمد المنفي ونائباه الحاليَّان"، وقال: "كان على ملتقى الحوار البت في مسألة الرئيس منذ البداية، وإقراره بأن يكون مجلساً رئاسياً من ثلاثة رؤوس مهّد للخلافات التي دارت في اجتماع اللجنة القانونية حول الانتخابات الرئاسية".
ويحدّد العاقل أصل المشكلة في غياب الدستور الذي توضح نصوصه صلاحيات ومهام الرئيس وتقسيم الدوائر الانتخابية وشكل الدولة، وعرقلة مجلس النواب الاستفتاء عليه منذ إقراره من هيئة صياغة الدستور في يوليو/ تموز 2017، مضيفاً: "في اجتماعات الغردقة، اتفق ممثلو مجلس النواب ومجلس الدولة على الاستفتاء على الدستور، وأن يكون القاعدة للانتخابات المقبلة، وفيما صدّق مجلس الدولة على ذلك، لا يزال مجلس النواب يماطل من آخر اجتماع في الغردقة في فبراير/ شباط الماضي".
وفيما يرجّح حويلي أن تُعتمد القاعدة الدستورية من قبل ملتقى الحوار بعد البتّ في المسائل الخلافية بشأن الانتخابات الرئاسية، يعارضه العاقل بالقول إن "من أسّس لاستمرار الخلاف حول الانتخابات الرئاسية هو الملتقى نفسه، بأن أقرّ مجلساً رئاسياً من ثلاثة رؤوس يمثلون أقاليم ليبيا التاريخية الثلاثة"، معتبراً أنه ترسيخ لمبدأ المحاصصة وفق منطق الإقليم.
ووفق رأي العاقل، كان على الملتقى معالجة الأمر من خلال توزيع أكبر للدوائر الانتخابية، بدلاً من الاختيار عبر الأقاليم الثلاثة، مشيراً إلى أن العراقيل بشأن انتخاب رئيس للدولة جاءت بسبب مخاوف الشرق والجنوب من تركز الكتلة السكانية في الغرب، وإمكانية حصول أي مرشح عن الغرب على منصب الرئيس مرجح بشكل كبير.
وكوّنت البعثة الأممية في 21 ديسمبر/ كانون الأول الماضي لجنة قانونية مؤلفة من 17 عضواً من أعضاء الملتقى، للتشاور مع اللجنة الدستورية المشتركة بين مجلسي النواب والدولة حول قاعدة دستورية للانتخابات في عضون ستين يوماً، انتهت في 2 فبراير الماضي، من دون أن تتوصل المشاورات التي استضافتها مدينة الغردقة المصرية إلى أي نتائج.
وبحسب نصوص خريطة الطريق، المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي، يؤول اختصاص النظر في إنشاء قاعدة دستورية للانتخابات المقرّرة في ديسمبر المقبل إلى اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي.