استئناف مفاوضات القوى الكردية لحسم مرشح الرئاسة العراقية

25 مايو 2022
ارتفعت حظوظ صالح لولاية رئاسية ثانية (أيمن يعقوب/الأناضول)
+ الخط -

بعد قطيعة دامت أكثر من شهرين عاد الحزبان الرئيسان في إقليم كردستان العراق، (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني)، إلى طاولة المفاوضات مجدداً، حول الأزمة المتعلقة بالاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية، الذي جرى العرف السياسي في العراق بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 وفقاً لمبدأ المحاصصة، أن يكون كردياً.

وأبلغت مصادر كردية في مدينتي أربيل والسليمانية، المعقلين التقليديين للحزبين الرئيسين، "العربي الجديد"، بأن عودة اللقاءات مجدداً جاءت بمبادرة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، الساعي إلى عقد اتفاق شامل بما فيه منصب محافظ كركوك، الذي لا يزال يُدار بالوكالة منذ نهاية عام 2017، إلى جانب مناصب حكومية داخل الإقليم وأخرى في الحكومة الاتحادية ببغداد.

وتستأنف اللقاءات بين الطرفين بعد زيارة مفاجئة لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني إلى السليمانية، لحضور حفل تخرّج دفعة من قوات الأمن الداخلي.

وعقد البارزاني على هامشها اجتماعاً مع الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني وقيادات أخرى من الحزب، إضافة إلى اجتماعه مع الأمين العام للاتحاد الإسلامي صلاح الدين بهاء الدين، ورئيس جماعة العدل الكردستانية علي بابير.

وأفادت المصادر نفسها بأنّ الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني، أبدى مرونة في قضية ترشيح الاتحاد الوطني الكردستاني للرئيس الحالي برهم صالح لولاية ثانية، بعد أن كان رافضاً لها وهو ما قد يكون مفتاحاً لحل الأزمة داخل البيت السياسي الكردي.

بنود استئناف المفاوضات الكردية

وكشف سياسي كردي بارز في إقليم كردستان لـ"العربي الجديد"، عن اتفاق حول عودة المفاوضات عبر ممثلين عن الحزبين لحسم الخلاف الحالي حول منصب رئاسة الجمهورية وملفات أخرى داخل الإقليم وأخرى تتعلق بمناصب محافظ كركوك، ورئاسة أركان الجيش ووكلاء وزراء من نصيب القوى الكردية في بغداد ضمن الحكومة الاتحادية.

واعتبر أن عودة المفاوضات بعد أكثر من شهرين من توقفها "خطوة جيدة وقد تكون مشجعة للقوى السياسية الشيعية في بغداد على عودة المفاوضات لإنهاء الخلاف على مرشح رئيس الوزراء".


اجتماع السليمانية الأخير بين البارزاني والطالباني أعاد الحوار مجدداً

من جهته، أكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، لـ"العربي الجديد"، عودة اللقاءات بين حزبه والحزب الديمقراطي الكردستاني. وقال إنها "تهدف لإنهاء الخلافات وتوحيد موقف البيت الكردي والتوجه إلى بغداد متفقين، خصوصاً بما يتعلق بقضية حسم مرشح رئاسة الجمهورية خلال المرحلة المقبلة".

وأوضح أن "أجواء اجتماع نيجيرفان البارزاني مع بافل الطالباني كانت جيدة جداً، وتم الاتفاق فيها على الكثير من القضايا المشتركة، ومنها إيقاف التصعيد الإعلامي بين الطرفين، من أجل توفير أجواء مناسبة للحوار والتفاوض في الأيام المقبلة".

وأضاف السورجي أن "الخلافات الكردية لا يمكن أن تُحسم باجتماع أو اثنين، لكن اجتماع السليمانية الأخيرة (يوم الأحد الماضي)، فتح باب المفاوضات مجدداً، والاتفاق أن تشمل هذه الحوارات كل القضايا وليس قضية رئاسة الجمهورية فقط". واستبعد في الوقت نفسه تخلي حزبه عن ترشيح برهم صالح لولاية ثانية لرئاسة الجمهورية.

في المقابل، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، إن "اجتماع السليمانية الأخير بين البارزاني والطالباني أعاد الحوار مجدداً، بعد انقطاع، والأيام القليلة ستشهد اجتماعات جديدة بين الطرفين لتسوية كل الخلافات وفق الاتفاق والتوافق لا وفق فرض الإرادات".

وأكد في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "حل الخلافات داخل البيت السياسي الكردي، يمكن أن يعالج حالة الانسداد السياسي، الذي يشهده العراق منذ أشهر طويلة، ولهذا نحن جادون بحسم الخلافات من أجل إنهاء أزمة تشكيل الحكومة الجديدة. ويبقى الأمر متروكاً لنتائج الحوارات والمفاوضات خلال الأيام المقبلة، خصوصاً أن الجميع مطالب بتقديم التنازلات من أجل المصلحة العليا للبلاد".


عودة المفاوضات لا تعني تخلي الاتحاد الوطني الكردستاني عن تفاهماته مع الإطار التنسيقي

وعلّق العضو البارز في تحالف "الإطار التنسيقي"، علي الفتلاوي على عودة المفاوضات الكردية ــ الكردية، بالقول إنها "لا تعني تخلي الاتحاد الوطني الكردستاني عن تفاهماته مع الإطار التنسيقي، فيما يتعلق بكونهم جزءا من الثلث الضامن"، في إشارة إلى الثلث المعطل لجلسات البرلمان المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية.

وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "المفاوضات السياسية داخل إقليم كردستان هي لحسم قضية مرشح رئاسة الجمهورية، وليست لبناء تحالفات سياسية جديدة".

وأشار الفتلاوي إلى أن الاتحاد الوطني الكردستاني "على تواصل مباشر مع قادة الإطار التنسيقي، ولا يوجد أي طرح لذهاب الاتحاد مع التحالف الثلاثي، بهدف إكمال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديدة، وهذا ما أكده لنا قادة الاتحاد قبل اجتماع السليمانية الأخير وبعده".

بوادر حلّ الخلافات الكردية

وحول التطور الجديد في المشهد السياسي، قال الباحث بالشأن العراقي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "بوادر حل الخلافات داخل البيت السياسي الكردي، ظهرت للعلن عند اجتماع نيجيرفان البارزاني مع بافل الطالباني في السليمانية، وما تسرب عنه من أجواء إيجابية، يبدو أنها ستؤسس لصفقة تفاهم شاملة بينهم".

وتوقع أن ينعكس "حل الخلاف داخل البيت الكردي على كامل الأزمة السياسية في العراق". واعتبر أن اجتماع السليمانية يوم الأحد الماضي بين الحزبين الكرديين: "رفع من رصيد برهم صالح لتولي ولاية ثانية لرئاسة الجمهورية خلال المرحلة المقبلة، مع إصرار الاتحاد على هذا الترشيح، ومع تقديم الديمقراطي تنازلات للاتحاد بطلب وضغط من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لضمان توفير النصاب الكامل لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية".

وأضاف الشريفي أن "حصول اتفاق نهائي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، قد يدفع قوى الإطار التنسيقي إلى تقديم تنازلات لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من أجل توحيد البيت الشيعي، وكذلك عدم تشكيل أي حكومة من دون قوى الإطار خلال المرحلة المقبلة، ولهذا فإن حلّ الخلاف الكردي، سيغير الكثير من المواقف السياسية، ويدفع الجميع نحو البحث عن حلول للأزمة".

ويصرّ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من معقله التقليدي في مدينة السليمانية بزعامة بافل الطالباني، على تجديد الولاية للرئيس الحالي برهم صالح، وهو ما يرفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، بزعامة مسعود البارزاني، والذي طرح رسمياً وزير داخلية إقليم كردستان ريبر أحمد مرشحاً منافساً لصالح. ولم يسبق للحزب الديمقراطي الكردستاني أن حصل على منصب رئيس الجمهورية، إذ كان رؤساء العراق الثلاثة بين 2005 و2018 من الاتحاد الوطني الكردستاني.

المساهمون