أعلن رئيس حكومة يسار الوسط في السويد، ستيفان لوفين، استقالته اليوم الإثنين، على خلفية عجزه عن تأمين أغلبية برلمانية، بعد حجب الثقة عنه الإثنين الماضي، ورفضه الإعلان عن انتخابات مبكرة قبل عام من الانتخابات المقررة مسبقا.
وتنتهي المهلة الأسبوعية الممنوحة للوفين مساء اليوم الإثنين بحسب الدستور، الذي يخيّره بين الاستقالة أو الدعوة لانتخابات مبكرة، لكن يبدو أن تعنت الأحزاب السياسية في موقفها بعدم منحه أغلبية 175 صوتا من أصل 349 في البرلمان ترك رئيس حكومة ائتلاف الاجتماعي الديمقراطي وحزب "ميليو" (البيئة، أقرب إلى اليسار) أمام خيار صعب، دفعه بالنهاية إلى وضع حد لأزمة حكومة عانت انقساما في مواقفها من الموازنة العامة وقضية إيجار المنازل.
وأطاح تناقض موقفي اليسار ويمين الوسط في حزب اليسار الاشتراكي والليبراليين الأغلبية البرلمانية، بعد أن التقى معسكرا اليسار واليمين السويدي على حجب الثقة عنه.
واعتبر لوفين، في مؤتمر صحافي قبل ظهر اليوم، أن قراره بالاستقالة كان أصعب قرار اتخذه على الإطلاق، إذ يعرف عنه أنه مفاوض عنيد كنقابي سابق، إلا أنه وجد نفسه في موقف صعب بين أجنحة السياسة السويدية.
ورغم أن حزبه "الديمقراطي" كان من أكثر الأحزاب حكما في تاريخ السويد خلال القرن الماضي، ورغم حفاظه على مرتبته الأولى بأكثر من 28 في المائة من أصوات انتخابات 2018، إلا أنه اضطر للبحث عن تحالفات في الوسط لتأمين النصاب البرلماني لحكومته بعد انتخابات 2018.
ويعني عدم اللجوء لانتخابات مبكرة نقل القضية إلى رئيس البرلمان "ريكسداغ" أندرس نورلين، ليقرر ما إذا كان سيكلف شخصية سياسية أخرى لتشكيل حكومة.
ويسعى حزب "الليبراليين" إلى تسمية حكومة يمين وسط بسبب خشيته من الذهاب إلى انتخابات مبكرة، على ضوء استطلاعات رأي تضع الحزب على حافة عتبة النسبة المئوية لدخول البرلمان، بنسبة بلغت حوالي 4 في المائة، مقابل نحو 5.5 في المائة تحصلها في 2018.
رغم أن حزبه "الديمقراطي" كان من أكثر الأحزاب حكما في تاريخ السويد خلال القرن الماضي، ورغم حفاظه على مرتبته الأولى بأكثر من 28 في المائة من أصوات انتخابات 2018، إلا أنه اضطر للبحث عن تحالفات في الوسط لتأمين النصاب البرلماني لحكومته بعد انتخابات 2018
وستتولى حكومة لوفين تصريف الأعمال بانتظار تشكيل حكومة جديدة، حيث تتجه الأنظار إلى زعيم حزب "موداراتا" (الاعتدال) أولف كريسترسون، الذي حصل حزبه على نحو 20 في المائة في الانتخابات الماضية، لتشكيل حكومة يمين وسط بدعم من حزب قومي محافظ (شعبوي) "ديمقراطيو السويد".
ورغم تعهد الأحزاب السياسية بعدم التعاون مع زعيم الشعبويين جيمي أوكسون، فقد عدلت زعيمة حزب الليبراليين نيامكو سابوني من سياسات حزبها الليبرالي، مؤكدة "ضرورة التعاون" في البرلمان مع حزب أوكسون الذي حصل على نحو 17.5 في المائة، ويعد الثالث برلمانيا.
ويحتاج أي سياسي من يمين الوسط إلى تأييد أغلبية البرلمان، بما فيه "الديمقراطي المسيحي" (6.3 في المائة من الأصوات)، الذي تواجه زعيمته إيبا بوش تهما باستغلال منصبها لشراء منزل، حيث من المقرر أن تبدأ محاكمتها مطلع الشهر المقبل، كما يحتاج أي مرشح للتوافق على التعاون مع "ديمقراطيو السويد".
ويلتقي معسكر اليسار وحزب الوسط (يصنف على أنه يسار وسط) بزعامة السياسية آنا لوف، على رفض التعاون مع الحزب الشعبوي. ويصنف الوسط على أنه حزب الفلاحين، ويلقى تأييدا بين شباب المدن الكبيرة، خصوصا في سياساته البيئية ومواقفه الإيجابية من مواطني الأصول المهاجرة، وبالتالي يرفض الخطاب المتشدد عند جيمي أوكسون.
وكان حزب "اليسار Vänsterpartiet"، الذي حصل على 8 في المائة في 2018 (28 مقعدا كانت حاسمة لتشكيل حكومة لوفين في 2019)، قد ألغى قبل سنوات من برامجه الحديث عن الشيوعية، معتبرا نفسه أنه من اليسار الحديث.
ويحظى الحزب، بزعيمته الشابة من أصول إيرانية نوشي دادغستار، بشعبية بين الشباب في المدن، وبشكل خاص في شمالي البلاد، وتسبب بسقوط حكومة لوفين حين رفض استجابة الأخير لمطالب الليبراليين ترك تنظيم أسعار إيجارات المنازل للسوق، والتخلي عن سياسة السويد الخاصة في الإسكان، التي تقوم على التفاوض بين منظمة المستأجرين والشركات المؤجرة، وليس على أسعار السوق، وتشديده على ضرورة أن تتضمن خطة الحكومة القادمة تدفيع أثرياء السويد مزيدا من الضرائب.
ورغم تراجع زعيمة الحزب دادغستار، خلال اليومين الماضيين، عن تشدد حزبها في قضية الضرائب، وتخفيف زعيمة الليبراليين سابوني اللهجة حيال إيجارات المنازل، إلا أن ذلك لم يجعل مهمة رئيس الحكومة لوفين أسهل.
ويواجه رئيس البرلمان نورلين مهمة معقدة في تكليف رئيس حكومة يحظى بأغلبية مريحة في البرلمان، بعد أن اتضحت، خلال الفترة الماضية، عملية الاصطفاف التي يستغلها اليمين المتشدد في حزب "ديمقراطيو السويد"، الذي يعتقد أن أي انتخابات مبكرة (خلال 3 أشهر بحسب القانون) ستكون في صالحه.
وإذا ذهبت السويد إلى انتخابات مبكرة خلال هذا العام، فذلك لا يلغي وفق الدستور ذهابها مرة ثانية إلى الانتخابات المقررة في نهاية صيف 2022، وهو على ما يبدو دفع ستيفان لوفين إلى القول إنه "من الأفضل للبلاد أن أستقيل وأترك للبرلمان تقرير شكل الحكومة القادمة، فلا أعتقد أن الشعب (السويدي) يرغب بانتخابات إضافية، فالناس تتوقع منا حلّ المعضلات".
ويبقى أمام لوفين، كما جرى في يناير/ كانون الثاني 2019، فرصة أن تعود كرة تشكيل الحكومة له بعد استحالة تأمين يمين الوسط أغلبية برلمانية.