يؤكد ناشطو التيار المدني في العراق وفاعلون في لجان تنسيقيات التظاهرات ببغداد وجنوب العراق، استمرار احتجاز الحكومة قرابة 20 متظاهرا منذ عدة أشهر بتهم مختلفة، رغم وعودها السابقة والمتكررة بشأن إطلاق سراح جميع المتظاهرين وتسوية ملفاتهم بعد اعتقالهم من قبل قوات الأمن، بتهمة استخدام المفرقعات وإثارة الشغب وقذف الأمن بالحجارة.
ويوجد غالبية المعتقلين في سجني التسفيرات سيئ الصيت شرقي العاصمة بغداد، وفي مدينة الناصرية.
ويشكو ناشطون في بغداد، يتولون مهمة متابعة ملف محتجين معتقلين، تراجع وفتور همة محامين سبق أن أعلنوا تطوعهم حتى الإفراج عنهم، مع استمرار عجز ذويهم عن تحريك مكاتب محاماة لأسباب تتعلق أغلبها بضعف الحالة المادية لهم، أو تعنت القضاء في قبول الإفراج عنهم، حتى لو مقابل كفالة مالية أو بكفالة محل الإقامة كما ينص القانون العراقي في مثل هذه الحالات.
ووفقا لناشط مدني بارز، فإن بعض المتظاهرين المعتقلين لا تتجاوز أعمارهم 17 و16 عاما، وهناك طالبان جامعيان بينهم، ويواجهون تهم استخدام المولوتوف، أو رشق الحجارة ومحاولة اقتحام حواجز أقامتها قوات الأمن لمنع المتظاهرين من التقدم، خاصة في بغداد وذي قار والبصرة.
وأكد لـ"العربي الجديد" بأن هناك منهم من لا يزال معتقلا منذ عام ونصف العام بلا محاكمة داخل مراكز شرطة وتوقيفات مؤقت تابعة لوزارة الداخلية، على ذمة التحقيق.
وخلال اليومين الماضيين، تداول ناشطون منشوراً أظهر ناشطاً ومتظاهراً من بغداد تتهمه السلطات باستخدام قنابل المولوتوف ضد القوات العراقية، إلا أنه لم يُعرض على قاضي التحقيقات، ولا يزال منذ عام تقريباً في سجن التسفيرات، من دون أي اهتمامٍ من المنظمات المدنية والحقوقية. وحظي المنشور باهتمام المتظاهرين الذين كانوا قد أهملوا هذا الملف بسبب انشغال الحراك السياسي للكيانات الجديدة.
الفصائل المسلحة لا تسمح للفرق القانونية بالدفاع عنهم كون المتظاهرين في السجون كانوا قد شاركوا في حرق واستهداف المقار الحزبية وأخرى تابعة للفصائل المسلحة
وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، قد زار في تموز/ يوليو، سجن التحقيق المركزي وسط بغداد، بهدف تفقد أحوال السجناء والتأكد بنفسه من عدم وجود سجناء من المتظاهرين وأصحاب الرأي، إضافة للاطلاع على أوضاع السجون. وجاءت الزيارة بعد أن وعد الكاظمي بالكشف عن المسؤولين عن أعمال العنف ضد المتظاهرين والإفراج عن جميع المحتجين المعتقلين.
لكن الناشط وعضو الحزب الشيوعي العراقي في بغداد، بسّام اليساري، أكد أن "هناك بعض المتظاهرين، وتحديداً في بغداد والناصرية والنجف، لا يزالون في سجون تابعة للشرطة العراقية، وهم نحو 20 شخصاً من دون محاكمة كما أن مصيرهم مجهول"، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أن "الفصائل المسلحة لا تسمح للفرق القانونية بالدفاع عنهم، كون المتظاهرين في السجون كانوا قد شاركوا في حرق واستهداف المقار الحزبية وأخرى تابعة للفصائل المسلحة".
وكانت التظاهرات العراقية قد اندلعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إثر تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق.
وطوال العام ونصف العام الماضيين، شهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، ولا سيما بعدما دخلت جماعات مسلحة، وُصفت بـ"الطرف الثالث"، على خط قتل وقمع واختطاف المحتجين والناشطين.
وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 800 متظاهر وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة بهذه الأعمال.