- قوات التحالف الدولي زادت من تعزيزاتها العسكرية في شمال شرق سورية، مع توفير معدات لوجستية وأسلحة استعدادًا لأي هجوم محتمل، في مناطق تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
- تجدد الاشتباكات في البوكمال بين مليشيات مدعومة من روسيا وإيران حول السيطرة على عائدات التهريب، مما يعكس التوترات والتنافس على النفوذ بين الفصائل المدعومة من قوى خارجية في المناطق الحدودية.
لا تزال المليشيات الإيرانية المنتشرة في مناطق سيطرة النظام في سورية بحالة استنفار كامل، بعد ساعات من توجيه طهران ضربات جوية ضد إسرائيل، رداً على مقتل عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني بهجوم على مقر القنصلية في العاصمة السورية دمشق مطلع الشهر الحالي. في المقابل، دفعت قوات التحالف الدولي بالمزيد من التعزيزات إلى قواعدها العسكرية المنتشرة ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، شمال شرق سورية، في ظل تواصل التدريبات العسكرية تحسباً لأي هجوم يستهدف تلك القواعد.
ووفق شبكات إخبارية ومصادر محلية، فإن المليشيات في محافظة دير الزور أخلت، أمس السبت، مقراتها كافة في المدن الرئيسية في المحافظة. وأشارت إلى أن عناصرها انتشرت في شوارع مدن دير الزور والميادين والبوكمال قبيل الهجمات الإيرانية بطائرات مسيّرة وصواريخ منتصف ليل السبت- الأحد على مواقع داخل إسرائيل.
استنفار المليشيات في سورية
وأكدت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن هذه المليشيات لا تزال بحالة استنفار كامل تحسباً لتفاقم الأوضاع، مشيرة إلى أن هذه المليشيات "مرتبكة" وتخشى ضربات إسرائيلية واسعة النطاق كتلك التي جرت أواخر مارس/آذار الماضي، وطاولت العديد من مواقعها وتسببت في مقتل العشرات من القادة والعناصر.
استبعد فراس علاوي تصعيداً إيرانياً أميركياً في شرق سورية إلا في حالة تعرُّض المليشيات لهجمات واسعة النطاق
من جانبه، بيّن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان أمس الأحد، أن هناك استنفاراً كاملاً للمليشيات الإيرانية داخل سورية، مشيراً إلى أن بعض الصواريخ التي أطلقت مساء السبت باتجاه الجولان السوري المحتل خرجت من مناطق انتشار حزب الله اللبناني جنوب غرب دمشق، وليس فقط من داخل الأراضي اللبنانية.
وفي السياق، بيّن فراس علاوي، مدير مركز الشرق نيوز الذي ينقل أخبار شرق سورية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المليشيات الإيرانية "أعادت تموضعها في محافظة دير الزور قبيل الهجمات"، مشيراً إلى أنها غيرت تشكيلاتها وزادت من المليشيات المحلية التي تمركزت على الضفة الجنوبية من نهر الفرات مقابل القواعد الأميركية شمال النهر. وأعرب علاوي عن اعتقاده أن المليشيات الإيرانية والمحلية التابعة لها "ستبقى بحالة استنفار كامل ما دام هناك تصعيد إيراني مع إسرائيل، حتى لو كان إعلامياً".
واستبعد علاوي حصول تصعيد إيراني أميركي في شرق سورية إلا في حال تعرُّض المليشيات لهجمات واسعة النطاق، مضيفاً أنه في حال مهاجمة تل أبيب أهدافا إيرانية في محافظة دير الزور سيكون الرد على القواعد الأميركية في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات، ولكن ضمن السياق المنضبط للتصعيد.
وجاءت الضربات الإيرانية للجانب الإسرائيلي بعد أيام من هجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، أدى إلى مقتل 13 شخصاً، بينهم اللواء محمد رضا زاهدي، المسؤول في "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري الإيراني عن لبنان وسورية، والجنرال محمد هادي حاج رحيمي، في أكبر ضربة للوجود العسكري الإيراني في سورية منذ بدء تدخل طهران لمصلحة النظام عقب بدء الثورة ضده في ربيع عام 2011.
دير الزور مركز الثقل للمليشيات
وينشر الحرس الثوري الإيراني عشرات المليشيات في أغلب مناطق سيطرة النظام السوري، بيد أن الثقل الرئيسي لها يتمركز في محافظة دير الزور شرقي سورية وفي مدينة تدمر بقلب البادية السورية وفي محيط مدينة دمشق، خاصة في منطقة السيدة زينب، وفي مقرات الفرق العسكرية التابعة للنظام، ومراكز "البحوث العلمية العسكرية"، وفي ريف درعا غير بعيد عن الحدود السورية الأردنية وفلسطين المحتلة.
ولطالما تعرضت هذه المليشيات لضربات من الطيران الإسرائيلي ومن مقاتلات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في محاولات للحد من نفوذها في سورية. إلا أن الجانب الإيراني لا يزال يعزز هذه المليشيات التي تعد العنوان البارز لنفوذه الكبير في سورية.
وتعتمد طهران على هذه المليشيات، وما يسمّى المقاومة الإسلامية في العراق، في مناكفة الجانب الأميركي على ضوء الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تطلق المليشيات الإيرانية في جنوب سورية مقذوفات صاروخية على الجولان السوري المحتل لا تتسبب في أضرار، ويرد الجانب الإسرائيلي بقصف مصادر النيران.
رشيد حوراني: روسيا لا تسمح للنظام والمليشيات الإيرانية بالرد على إسرائيل
وبحسب المحلل العسكري في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني، فإن "المليشيات الإيرانية المنتشرة في سورية غائبة عن المشاركة في العمليات ضد الجانب الإسرائيلي، لمجموعة من الأسباب المتنوعة والمتداخلة".
وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أبرز هذه الأسباب يعود لأن إيران تريد المحافظة على الدرجة التي وصل نفوذها إليها في سورية، وتدرك أن أي هجوم انطلاقاً من الأراضي السورية سيعرّضها لضربات بمستوى ضربة القنصلية، والتي كانت السبب المباشر في التصعيد.
وأشار حوراني إلى أن الجانب الروسي لا يسمح للنظام وللمليشيات الإيرانية التي تسانده وتدعم قواته، بالرد على الجانب الإسرائيلي، لتحكمه في القرار العسكري في سورية بشكل كامل، فضلاً عن أن موسكو أنشأت أخيراً نقاط مراقبة جنوب سورية على طول الحدود مع إسرائيل، للتحكم بشكل أكبر في هذه المليشيات ومراقبتها عن كثب.
وبيّن أن الساحة السورية "باتت مكشوفة تماماً للجانب الإسرائيلي"، موضحاً أن تل أبيب لديها بنك أهداف دقيق للمواقع والقواعد الإيرانية في سورية واستهداف القنصلية الإيرانية ومقتل المستشارين العسكريين فيها بضربة جوية خير دليل على ذلك.
التحالف الدولي يواصل تعزيز قواته شمال شرق سورية
إلى ذلك، دفعت قوات التحالف الدولي بالمزيد من التعزيزات إلى قواعدها العسكرية المنتشرة ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، شمال شرق سورية، في ظل تواصل التدريبات العسكرية تحسباً لأي هجوم يستهدف تلك القواعد. وقال الناشط خالد الحسكاوي، وهو من أبناء ريف محافظة الحسكة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن طائرة شحن عسكرية أرسلتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، اليوم الاثنين، من قواعدها العسكرية المنتشرة في إقليم كردستان العراق، إلى قاعدة تل بيدر بريف محافظة الحسكة الشمالي الشرقي، شمال شرق سورية.
وأكد أن الطائرة تحمل معدات لوجستية وأسلحة وذخائر، وذلك تحضيراً لإجراء تدريبات عسكرية داخل القاعدة، في ظل إرسال تعزيزات عسكرية عبر الطرق البرية إلى قاعدة حقل كونيكو للغاز بريف محافظة دير الزور الشمالي الشرقي، شرق البلاد.
اشتباكات بين مليشيا الدفاع الوطني والفرقة الرابعة
وفي سياق آخر، تجددت الاشتباكات بين مليشيا الدفاع الوطني المدعومة من روسيا من جهة، والفرقة الرابعة المدعومة من إيران من جهة أخرى، في مدينة البوكمال الواقعة على الحدود السورية - العراقية، بريف دير الزور الشرقي، شرق سورية. وأشار الناشط وسام العكيدي، إلى أن تجدد الاشتباكات بين الطرفين جاء بسبب عائدات التهريب، مبيناً أن الفرقة الرابعة وبدعم من مليشيا الحرس الثوري الإيراني، تُريد الهيمنة على كافة خطوط التهريب ومنع مليشيا الدفاع الوطني من الانتشار في المنطقة الحدودية.
ولفت العكيدي إلى أن الحدود السورية - العراقية، تشهد بشكلٍ شبه يومي عمليات تهريب معظمها تكون حبوبا ومواد مخدرة، وقطع السيارات، ودخانا، وأجهزة إلكترونية، ومواشي، بالاتفاق مع الحشد الشعبي داخل الأراضي العراقية.