قرر القضاء الجزائري، اليوم الأربعاء، حل جمعية مدنية مقربة من حزب معارض، تنشط منذ ما يقارب الثلاثين عاما، بسبب مواقفها السياسية من السلطة ودعمها للحراك الشعبي، ضمن حملة تشنها السلطات منذ فترة ضد قوى المعارضة السياسية والمدنية.
وبدأت مواقف الإدانة تصدر تباعا من قبل الأحزاب السياسية التي اعتبرت ذلك مؤشراً خطيراً على إصرار السلطة على التضييق على الأصوات المعارضة.
وأصدرت المحكمة الإدارية في العاصمة الجزائرية حكماً يقضي بحل جمعية "تجمع عمل شبيبة"، المعروفة في الجزائر باسم "راج"، بعد دعوى قضائية أقامتها وزارة الداخلية، في شهر مايو/أيار الماضي، بزعم إخلال الجمعية بالأهداف المنصوص عليها في قانونها الأساسي، وكذا تنافي أنشطتها مع القانون المنظم للجمعيات المعدل عام 2012، والذي ينظم عمل الجمعيات الأهلية.
ويتعين على الجمعية المقربة من حزب جبهة القوى الاشتراكية، والتي تنشط في الساحة منذ أحداث أكتوبر/تشرين الأول 1988، الطعن في القرار أمام مجلس الدولة، أعلى هيئة للقضاء الإداري. وسبق قرار الحل ملاحقات قامت بها السلطات الجزائرية، منذ العام الماضي، في حق عدد كبير من ناشطي الجمعية ورئيسها عبد الوهاب فرصاوي، وأدانت بعضهم بالسجن بتهمة التحريض على التجمهر، خلال مظاهرات الحراك الشعبي، والمساس بالوحدة الوطنية.
وتحظى الجمعية بتقدير سياسي لافت، وتعرف بمواقفها المعارضة لخيارات السلطة وبنشاطها السياسي، خاصة بمناسبة ذكرى انتفاضات الربيع الأمازيغي (إبريل/نيسان 1980)، وأكتوبر/تشرين الأول 1988. وسريعاً بدأت المواقف السياسية المنددة بقرار حل الجمعية في الصدور، إذ اعتبرت عدة أحزاب سياسية القرار بأنه مجحف وسابقة سياسية وتوظيف مفرط من قبل السلطة للمؤسسة الأمنية والقضائية.
ونددت جبهة القوى الاشتراكية بشدة بالقرار، واعتبرت أن جمعية "راج" إرث شعبي مهم بحيازتها تاريخا نضاليا ثقيلا في سبيل الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الجمعية ساهمت بشكل مؤثر في صقل الفكر النضالي السلمي لدى الشباب الجزائري.
وأشارت إلى أن "الممارسة الجمعوية حق مكفول دستوريا، ومن الخطير والمرفوض المساس به أو التراجع عنه، وأن مقاربة الكل أمني في معالجة الشأن العام واستخدامها كإجابة وحيدة للتطلعات الشعبية المشروعة، وبالتوظيف المفرط للأجهزة الأمنية، القضائية والإدارية، تغذي التوجهات المتطرفة وتهدد التماسك الاجتماعي لمجتمعنا، وتعمق الأزمة التي تواجهها بلادنا".
وحث الحزب السلطة على "الاحتكام إلى الحوار وتغليب صوت العقل والحكمة بدل القمع وإخراس الأصوات المعارضة".
ودانت منظمة العفو الدولية حل الجمعية المعروفة، ووصفت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، آمنة القلالي، في بيان لها، القرار بأنه "تعسفي، وصفعة لحقوق الإنسان في الجزائر، ومؤشر مقلق حول تصميم السلطات على تشديد قمعها على النشاط المستقل، والحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي"، وكذا "محاولة لإسكات الانتقاد وسحق المعارضة".