اعتصامات السويداء... ارتفاع سقف المطالب بلا استجابة

21 ديسمبر 2022
من تظاهرات في السويداء، 4 ديسمبر الحالي (رويترز)
+ الخط -

تعيش محافظة السويداء، جنوب سورية، على وقع تظاهرات متواصلة، تحركها الأوضاع المعيشية الصعبة، من دون أن تنجح حتى اليوم في دفع النظام إلى تحسين الخدمات في المحافظة. 

وفي سياق الاحتجاجات السلمية التي دأب ناشطون في المحافظة للدعوة إليها، يتواصل اعتصام في وسط مدينة السويداء، وسط وقفات يومية منذ الأحد الماضي، في حين تراقب أجهزة النظام هذا الحدث من دون تدخّل واضح حتى اليوم.

المحتجون في محافظة السويداء يرفضون سياسة النظام

في غضون ذلك، قال الشاب عصمت سليم، الذي شارك أول من أمس الإثنين في اعتصام في ساحة الكرامة في قلب المدينة، لـ"العربي الجديد"، إن قراره بالمشاركة في الاحتجاج "كان فيه نوع من الخوف". 

ركزت الاحتجاجات في محافظة السويداء على المطالبة بـ"العيش بكرامة وبدون ذل"

ولفت إلى أن السبب في ذلك يعود إلى "وصول أسماء كل النشطاء إلى الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري، ما يعني حرمانه من السفر الذي يسعى إليه"، مضيفاً أن "عدداً كبيراً من الشبان اعتذر عن الحضور لهذا السبب".

وأشار سليم إلى "أن الوضع المعيشي وانسداد أفق الحلول السياسية في البلاد، وتخلي المجتمع الدولي عن سورية هي الأسباب الرئيسية في خروج عشرات الأشخاص بتظاهرة صامتة ووقفة احتجاجية". وأمل سليم أن "تكون بداية جديدة، وتكبر حتى تعم مناطق النظام الصامتة".

وركزت الاحتجاجات في محافظة السويداء على المطالبة بـ"العيش بكرامة وبدون ذل"، وتطبيق القرار الأممي 2254 الذي ينص على الانتقال السياسي في سورية، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام السوري. 

ورفع المعتصمون لافتات ترفض سياسة النظام القائمة على تجويع السوريين وتهجيرهم. كما طالب المعتصمون بـ"الحرية والمساواة والعدالة"، مؤكدين أن "الشعب السوري واحد"، وهو شعار الثورة السورية التي انطلقت في عام 2011.

وتوقفت الحياة بشكل شبه كلي في محافظة السويداء بسبب نقص الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وانسداد أفق الحل، على الرغم من الرسائل غير المسبوقة التي أرسلها الأهالي عندما تم اقتحام مبنى المحافظة. فقد قام متظاهرون غاضبون بإحراق المبنى في الرابع من الشهر الحالي، ما أدى إلى مقتل شاب وإصابة آخرين برصاص الأجهزة الأمنية التي هرعت لفض التظاهرات التي كادت أن تخرج عن السيطرة.

دعوات إلى استمرار الاحتجاجات السلمية

بدوره، قال الناشط الإعلامي حمزة المعروفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "السلطة ليس لديها أي حل سوى القمع والتجييش الإعلامي ضد المحتجين". 

وأشار المعروفي إلى أن النظام "حشد عدداً كبيراً من عناصر حزب البعث في مبنى بلدية السويداء مقابل المحتجين المعتصمين لمواجهتهم بالقوة إذا لزم الأمر".

كما أوضح أن "هذه طريقة قديمة لجأ إليها النظام السوري من دون أن يحرك عناصره الأمنية". ودعا المعروفي إلى استمرار الاحتجاجات السلمية وتوسيع رقعتها الجغرافية في باقي أرياف المحافظة، وإشراك جميع فئات المجتمع فيها، مثل الطلاب والفلاحين والموظفين ورجال الدين.

ورأى الشاب نضال ر. في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "ليس لدى النظام ما يقدّمه للسوريين سوى القمع والتجويع والتهجير". ولفت إلى أن "هذا النظام يريد دفع السوريين إلى الهجرة وخصوصاً الشباب".

وأكد أن "عدداً كبيراً من أبناء محافظة السويداء هاجروا بحثاً عن الرزق في عدة بلدان"، مشيراً إلى أن "لدى أغلب الموجودين الرغبة في الخروج من سورية". وشدد على أنه "لا أمل في انفراج قريب". 

وتوجه عدد كبير من النشطاء، الأحد الماضي، إلى بلدة سهوة البلاطة، جنوبي السويداء، للاحتجاج أمام مضافة شيخ العقل حمود الحناوي. ولفت أحد المحتجين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الهدف من ذلك هو دفع الحناوي "إلى اتخاذ موقف واضح من النظام السوري والوقوف مع الناس وعدم مداراة ومسايرة السلطة التي أوصلت البلاد للانهيار التام، وباعت مقدراتها".

وكان لافتاً ما قاله أحد قادة الفصائل المحلية في هذا الاحتجاج للحناوي بأن الفصائل "قادرة على قلب الطاولة على رأس النظام، وأنها لن تسكت على الانتهاكات والتجويع"، كما طلب منه أن "يتحد مع الفقراء، وليس مهادنة القتلة والطائفيين". وقد تعهد الحناوي بأن يؤيد مطالب المحتجين على تردي الحالة المعيشية في المحافظة.

من جانبه، دعم رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري، خلال السنتين الماضيتين، مطالب الناس المتمثلة بظروف معيشية أفضل، ووقف معهم، وتعرض لحملات تشهير واسعة بسبب ذلك. إلا أن مواقف مشيخة العقل بقيت بعيدة عن الشارع وهموم الناس، لاعتبارات كثيرة "أهمها الخلافات الشخصية والعلاقات الوثيقة مع أركان النظام"، وفق مصادر محلية مطلعة.

وتعيش محافظة السويداء منذ عام 2014 على وقع احتجاجات واعتصامات مطالبة بتحسين الخدمات وكبح جماح عصابات تابعة للأجهزة الأمنية تتاجر بالمخدرات.


حمزة: جيل الشباب في المحافظة وفي المناطق الخاضعة للنظام يشعر بالغبن

من ناحيته، أشار مروان حمزة، وهو أحد منظمي الاحتجاجات في السويداء، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "جيل الشباب في المحافظة وفي المناطق الخاضعة للنظام يشعر بالغبن والضياع وشبه انعدام الفرص وقلة الموارد".

وأكد أن "النظام يحاول بشتى السبل دفع هذا الجيل للهجرة وتفريغ البلاد منه، وقد نجح في خطته إلى حد بعيد عندما سدّ كل أبواب الأمل أمامنا".
ولفت إلى أن "الاحتجاجات السلمية سوف تستمر في السويداء لإظهار الصورة الحقيقية للعالم عن الوضع في البلاد. فالاحتقان وصل إلى مداه، ولم يعد يجدي الصمت". 

وشدد حمزة على أنه "منذ عام 2011 والنظام يقوم بقتل واعتقال وتدمير وتجويع وتهجير السوريين والعالم صامت على مأساتنا. آن الأوان لرفع أصواتنا لعل المجتمع الدولي لا يكتفي بالفرجة علينا ونحن نموت جوعاً وبرداً".

من جهته، شكك الناشط السياسي غسان جنود، في حديث لـ"العربي الجديد"، بنجاح هذه الاحتجاجات في الوصول إلى أهدافها بتحسين الواقع المعاشي للسكان.

وأكد أنها لن تحقق أي تغيير "لأن ذلك رهن بتغير الواقع السياسي، ولعدم أخلاقية السلطة الحاكمة وطبيعة الموقف الدولي"، وطالب بمشاركة النساء ورجال الدين والتجار والعاطلين من العمل في الاعتصامات والاحتجاجات وعدم اقتصار المشاركة على النخب فقط.