اعتقل جهاز المخابرات العامة الفلسطيني الطالب في جامعة بيرزيت عبد المجيد حسن من أمام منزله في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، وذلك قبل يوم من إعلانه رئيساً لمجلس طلبة الجامعة، ليكون واحداً من ضمن أربعة طلاب آخرين جرى اعتقالهم.
عملية اعتقال عبد المجيد حسن وصفتها مجموعة "محامون من أجل العدالة" بأنها شهدت تنكيلاً به من عناصر بلباس مدني ليل أول من أمس الأحد.
وتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو صوّرته عائلة حسن، يظهر الاعتداء عليه وإدخاله بالقوة إلى مركبة مدنية خلال عملية اعتقاله.
لحظة اعتقال الأجهزة الأمنية للمرشح لرئاسة مجلس طلبة جامعة بيرزيت عبد المجيد ماجد حسن والاعتداء عليه أمام منزله في رام الله. pic.twitter.com/nSeWPuyHF2
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 18, 2023
لكن هذه الحادثة ليست منفصلة، فحسن واحد من أربعة طلاب في الجامعة معتقلون لدى الأجهزة الأمنية، وجميعهم من نشطاء "الكتلة الإسلامية"، الذراع الطلابية لحركة "حماس"، التي فازت في انتخابات مجلس الطلبة بنسبة 49% من المقاعد في 25 مايو/أيار الماضي، وكان من الملاحظ عدم تسجيل عمليات اعتقال خلال فترة الانتخابات. ودفعت الاعتقالات "الكتلة الإسلامية" لإعلان اعتصام مفتوح داخل الجامعة السبت الماضي.
ويضاف إلى المعتقلين الأربعة شقيق أحدهم، وهو طالب سابق في الجامعة وموظف في جامعة بيرزيت، وأكدت مجموعة "محامون من أجل العدالة" لـ"العربي الجديد"، أنه معتقل منذ 5 يونيو/حزيران الحالي، على خلفية انتخابات مجلس الطلبة أيضاً.
ومدّدت النيابة العامة في رام الله توقيف عبد المجيد حسن، أمس الاثنين، 48 ساعة، للتحقيق في تهمة جمع وتلقي أموال من جمعيات غير مشروعة، لكن مجموعة "محامون من أجل العدالة" أكدت في بيان مقتضب لها، أنه اعتقل على خلفية العمل الطلابي النقابي، بينما التحقيق معه في النيابة العامة يدور حول تهمة مختلفة توجه عادة للمعتقلين لغايات شرعنة اعتقالهم.
وتشير المحامية ديالا عايش، من مجموعة "محامون من أجل العدالة"، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن الطالبين يحيى فرح قاسم وعبد الغني فارس حامد اعتقلهما جهاز المخابرات العامة في الثالث عشر من الشهر الجاري، ووجهت لهما النيابة العامة تهمة جمع وتلقي أموال، بينما اعتُقل الطالب عبد الله أبو قياص بعد استدعائه للتحقيق لدى المخابرات في جنين، شمال الضفة، في التاريخ ذاته، ووجهت له النيابة تهمة حيازة سلاح.
لكن خلفية الاعتقال، كما تقول عايش، هي العمل الطلابي والنقابي، حيث تأخذ جلسات التحقيق لدى النيابة شكل الأسئلة السريعة، مثل هل تلقيت أموالاً؟ أو هل تقتني سلاحاً؟ بما يتوافق والتهمة الموجهة، ودون السؤال عن وقائع محدّدة، والاكتفاء بالإجابات السريعة، ما يدلّل برأيها على أن التهم تستخدم فقط لشرعنة التوقيف وتمديده، بينما التحقيق الفعلي لدى الجهاز الأمني مختلف.
وتتابع عايش: "بالنسبة لنا كمجموعة حقوقية، لدينا خبرة بأن من يتم اعتقالهم بعد الانتخابات الطلابية يتم التحقيق معهم على خلفية الانتخابات والعمل الطلابي، لكننا حتى الآن لم نستطع زيارتهم".
وكان الطالب يحيى فرح قاسم قد حصل على قرار إخلاء سبيل من المحكمة المختصة، لكن النيابة العامة قدمت طلب إعادة نظر، وحصلت على قرار بإبقائه موقوفاً.
ويواصل جهاز المخابرات العامة اعتقال الموظف في جامعة بيرزيت طارق حج علي منذ الخامس من الشهر الجاري، وحصل أيضاً على قرار إخلاء سبيله، لكن النيابة قدمت طلباً لإعادة النظر، وحصلت على قرار بإبقائه موقوفاً.
والتهم الموجهة إلى حج علي تتعلق بحادثة اعتقاله بشكل مباشر، حيث يُتهم بإتلاف أملاك عامة، في إشارة إلى مركبة مدنية استخدمها أفراد الأمن في اعتقاله، كما يتهم بمعاملة قاضٍ أو عضو نيابة عامة بالعنف الشديد، رغم أنه تم التحقيق معه حول اتهامه بضرب ضابط أمن خلال عملية الاعتقال، وليس أحد أعضاء القضاء أو النيابة، كما أكدت عايش.
وتشير عايش إلى أن الحج علي عضو في اللجنة التحضيرية لانتخابات مجلس الطلبة في الجامعة، ويتم التحقيق معه حول التواصل مع الطلبة من كتل طلابية.
وتلفت إلى أن القاضي كان قد مدّد توقيفه في بداية اعتقاله سبعة أيام، على أن تحضّر النيابة ملفاً تحقيقياً، لتفرج عنه المحكمة، لكن النيابة قدمت طلباً لإعادة النظر.
وتقول عايش: "نحن نقوم بالإجراءات القانونية اللازمة كدفاع، ونترافع، وحصلنا على قرار إخلاء سبيل، لكن الأجهزة الأمنية تعمل لإبقاء المعتقلين إلى الوقت الذي تريده هي، من خلال شرعنة التوقيف عبر إجراءات قانونية".
وتواصل "الكتلة الإسلامية" اعتصامها المفتوح داخل الجامعة، والذي تم إعلانه السبت الماضي، قبل اعتقال رئيس مجلس الطلبة المقبل، بعد وصول معلومات عن تعرض معتقلين للتعذيب، كما يؤكد إبراهيم بني عودة، وهو أحد ممثلي الكتلة الإسلامية، لـ"العربي الجديد".
ويقول بني عودة إن "المعلومات التي وردت، تؤكد تعرض الطالب يحيى فرح قاسم لتعذيب شديد لم يعهده الطلبة خلال اعتقالات سابقة، وأنه تم اعتقال شقيقه الأكبر لاحقاً، وهو من خريجي الجامعة".
ويطالب بني عودة الكتل الطلابية والشخصيات السياسية بالمشاركة في الاعتصام والقيام بدورها لإنهاء حالة الاعتقال السياسي.
ويؤكد بني عودة أن اعتقالات سياسية تتكرّر بعد كل موسم انتخابي في الجامعة، وخاصة حين تفوز "الكتلة الإسلامية"، ويضيف: "هذا السلوك معاكس ومنافٍ للخطاب الذي ساد خلال الدعاية الانتخابية الشهر الماضي، المتمثلة بالدعوة للوحدة الوطنية، الآن ذهبت الانتخابات وبقي المعتقل السياسي وحيداً".
وأكدت جامعة بيرزيت في بيان لها، أول من أمس الأحد، أنها تابعت بقلق شديد تقارير تظهر اعتقالاً عنيفاً للطالب عبد المجيد ماجد حسن من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية من أمام منزله، مطالبة السلطة الفلسطينية بإطلاق سراحه فوراً، ووقف الاستدعاءات التي تستهدف طلبة الجامعة بطريقة غير قانونية، والإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين على خلفية سياسية.
وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم)، قد طالبت في بيان، أول من أمس الأحد، بوقف الاستدعاءات والإفراج الفوري عن المعتقلين على خلفية سياسية، مؤكدة أنها تتابع قيام الأجهزة الأمنية باستدعاء واعتقال العشرات من المواطنين المحسوبين على حركة "حماس".
وأكدت الهيئة أن ذلك رافق إساءة معاملة عدد من المعتقلين، ومنع الالتقاء بذويهم، وعدم السماح بزيارتهم من قبل الهيئة، مشيرة إلى الإفراج عن معظمهم، في حين لا يزال أكثر من 30 مواطناً فلسطينياً معتقلين لدى الأجهزة الأمنية.
ووفق الهيئة، فإنها رصدت امتناع الأجهزة الأمنية، وعلى وجه الخصوص جهاز المخابرات العامة، عن تنفيذ قرارات المحاكم الخاصة بالإفراج، علماً أن غالبية التهم الموجهة للمواطنين تنافي الواقع وأن غالبيتها مبطنة بتهم جنائية لا أساس لها، وإنما توجه لذريعة الاستمرار في الاعتقال.
وطالبت الهيئة المستقلة بالإفراج الفوري عن المعتقلين الصادرة بحقهم قرارات بالإفراج من قبل المحاكم، ووقف الاستدعاءات والاعتقالات على خلفية التوجهات السياسية، وضرورة إصدار النيابة العامة توجيهات للجهات ذات العلاقة بالإفراج الفوري، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمعاقبة المخالفين، والسماح للهيئة بالقيام بدورها في زيارة المعتقلين دون قيود أو تأخير للاطلاع على ظروفهم، وتشديد الجهات القضائية في عملية تمديد التوقيف وعدم تمديد التوقيف إلا في الحالات الضرورية، وأن يكون التوقيف آخر الإجراءات، وقيام الجهات القضائية المختصة بالتحقيق الجدي في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.