"لم أقل أي كلمة تقلّل من الاحترام للملكة إليزابيث الثانية ولم يصدر عني أي سلوك قد يعطّل الحداد. اعتراضي كان فقط على إعلان تشارلز ملكاً"، هذا ما كتبه أستاذ التاريخ والناشط البريطاني سايمون هيل على صفحته على "تويتر" مدافعاً عن نفسه، بعد حملة عنيفة انطلقت ضدّه إثر نشره مقالاً في موقع "برايت غرين" يروي فيه قصة اعتقاله من قبل شرطة مدينة أوكسفورد.
ولم يكن ردّ فعل بعض المعلقّين على "تويتر" أقل عنفاً من ردّ فعل الشرطة، إذ طالبته بعض التعليقات بمغادرة البلاد فوراً أو التوجّه إلى روسيا أو الصين إن كانت "الديمقراطية البريطانية" لا تلائمه.
وبدأت قصة هيل عندما توجّه إلى إحدى الكنائس لمشاهدة الموكب الملكي الذي سينطلق من هناك، وكانت الشوارع المحيطة مغلقة ومطوّقة أمنياً، في حين كانت سلالم برج كارفاكس مكتظّة بشخصيات بارزة وقادة عسكريين "بملابس تليق فقط بالقرن السادس عشر"، على حدّ وصف هيل. فما كان من هيل إلا أن سأل أحد أفراد الشرطة عن سبب إغلاق الشوارع وتطويق المكان، فلم يحصل على أي إجابة، إلا أنه لم يستسلم.
راح أستاذ التاريخ يتحدّث مع بعض المارّين في الشارع متسائلاً عن سبب الإغلاق، عندها أمرته الشرطة بعدم التحدّث مع الآخرين.
يكتب هيل منتقداً: "لا أعرف إلى ماذا تستند الشرطة في منعها الناس الذين يمتلكون وجهات نظر مختلفة من إجراء حوار أو نقاش". لكن هيل لم يصمت وراح يسأل بصوت مسموع: "من الذي انتخب تشارلز ملكاً علينا؟". فأشار إليه بعض حرّاس الأمن أن "اصمت"، لكنه لم يصمت، فجاء عناصر شرطة وقيّدوا يديه واقتادوه إلى اعتقال استمرّ ساعات قبل أن يُفرج عنه، على أن يستكمل التحقيق معه في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
"ما هي الحريات الأخرى التي يمكن قمعها باسم الملكية؟"
ويقول هيل إن الشرطة لم تخبره بداية عن سبب اعتقاله متسائلاً عن "نوع التهديد" الذي يمثّله رفض أي مواطن بريطاني "التاج". ثم، وفي طريق عودته إلى المنزل، قيل له إنه "اعتقل بموجب قانون الشرطة والجريمة وإصدار الأحكام والمحاكم لعام 2022. ووصف هيل القانون الذي صدر في وقت سابق من هذا العام بالـ"مشين" والذي يتيح للشرطة الاعتقال في حال توفر الشكّوك بأن هذا الفعل أو ذاك قد يؤدي إلى "مضايقة" ما.
وقال هيل إنه مصر على رواية ما حدث بشكل علني رغم الاتصالات "المزعجة" التي تلقّاها، ورغم التغريدات "المسيئة" التي وردت، لأن "هذا الاعتقال الظالم يعكس ظلم الملكية"، ولأن "الشرطة أساءت استخدام سلطاتها لاعتقال شخص عبّر عن معارضة معتدلة لتعيين حاكم بشكل غير ديمقراطي".
وختم هيل بيانه بالسؤال: "ما هي الحريات الأخرى التي يمكن قمعها باسم الملكية؟".
من جهتها، أوردت صحيفة "ميترو"، في عددها الصادر أمس، خبراً عن إلقاء القبض على سيدة كانت تحمل لافتة مناهضة للملكية في إدنبرة قبل يوم من وصول نعش الملكة إليزابيث الثانية إلى المدينة.
واكتفى بيان صادر عن شرطة إدنبرة بالقول، بحسب الصحيفة: "لقد تم اعتقال سيدة تبلغ من العمر 22 عاماً بتهمة انتهاك السلام".
واستطلعت الصحيفة آراء المحتشدين في شوارع إدنبرة بالقرب من حادثة التوقيف، حيث "علت بعض الأصوات والهتافات التي تدعو إلى الجمهورية"، فكانت آراء الغالبية العظمى معارضة تلك الهتافات واللافتات، لأنه "من غير المحترم استغلال لحظات كهذه للإعلان عن مواقف نقدية"، إضافة إلى اعتقاد الأغلبية بأن المسألة لا تتعلق بامتلاك حق الاحتجاج، بل بالتعبير عن ذلك الحق في المكان والزمان المناسبين، واليوم لا يبدو الزمان مناسباً ولا المكان ملائماً للمطالبة بنظام جمهوري.
يُذكر أنه لا وجود لأي خبر عن الحادثتين في أي من الصحف البريطانية الكبرى، حيث لا تزال الصفحات الأولى والأخيرة وما بينهما في حال "صدمة" وحزن على رحيل أشهر امرأة في التاريخ الحديث لبريطانيا عن عمر يناهز 96 عاماً.