الأردن يستضيف اجتماعاً فلسطينياً إسرائيلياً لاحتواء التصعيد في الضفة والقدس

25 فبراير 2023
تمثل القمة المحاولة الأخيرة لمنع تفجّر الأوضاع الأمنية قبل حلول شهر رمضان (Getty)
+ الخط -

قال مصدر حكومي أردني لـ"العربي الجديد" إن الأردن سيستضيف يوم غدٍ الأحد، اجتماعاً فلسطينياً إسرائيلياً سياسياً أمنياً، يحضره ممثلون عن جمهورية مصر والولايات المتحدة، في تحركٍ يهدف إلى الضغط على الفلسطينيين للامتناع عن الرد على المجازر التي ينفذها جيش الاحتلال

وأوضح المصدر أن الاجتماع هو "أول اجتماع من نوعه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بمشاركة إقليمية ودولية منذ سنوات، يأتي بتنسيق كامل مع الفلسطينيين في ضوء خطورة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية".

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن الاجتماع يأتي ضمن الجهود التي يقوم بها الأردن، بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية وبقية الأطراف، لوقف الإجراءات الأحادية والتصعيد الأمني الذي يهدد بتفجر دوامات كبيرة من العنف، إضافة إلى الوصول لإجراءات أمنية واقتصادية تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني.

ووفق المصدر، فإن هناك اهتماماً دولياً كبيراً بهذا الاجتماع الذي يأتي في وقت شديد الحساسية، ويمثل انعقاده بالنسبة للمجتمع الدولي خطوة ضرورية وإنجازاً مهماً للوصول إلى تفاهمات فلسطينية إسرائيلية توقف التدهور، وتمهد لإجراءات تهدف لانخراط أوسع في هذا الإطار.

وكانت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، ذكرت ليل أمس الجمعة، أنه يتوقع على نطاق واسع أن تقترح ما وصفتها بـ"القمة" على إسرائيل تقديم "بوادر حسن نية" تجاه الفلسطينيين، مستدركة أن طابع تشكيلة حكومة نتنياهو الحالية يجعل من الصعب تقديم مثل هذه البوادر.

وأشارت القناة إلى أن التئام القمة يأتي في أعقاب المجزرة التي نفذها جيش الاحتلال في نابلس، والتي أفضت إلى تهاوي التفاهم الذي توصلت إليه إسرائيل والسلطة الفلسطينية برعاية أميركية، والذي التزمت السلطة بموجبه بتجميد تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن يدين قرار حكومة بنيامين نتنياهو بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات، مقابل التزام تل أبيب بعدم إصدار قرارات ببناء المزيد من الوحدات.

وقال الكاتب الصحافي داود كتاب لـ"العربي الجديد" إن "هذا الاجتماع سيكون صعباً، بسبب توقيته الذي يأتي بعد مجزرة نابلس، والانطباع الفلسطيني والعربي عن الوعود الأميركية بأنها غير صادقة، والأسوأ أن الجانب الإسرائيلي أخذ قرارات عديدة استباقاً للاجتماع، خاصة المتعلقة بالاستيطان".

وتوقع ألا يقبل الجانب الإسرائيلي التراجع عن أي قرار اتخذه خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن الجانب الإسرائيلي "سيتحدث فقط عن قرارات المستقبل، بينما الجانب العربي، وخاصة الأردن، معني بالهدوء في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، وألا يكون هناك تصعيد، خاصة أن العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان تتزامن مع عيد الفصح اليهودي".

ورأى أن "نسبة نجاح الاجتماع ضعيفة، إلا في حالة ممارسة الولايات المتحدة ضغوطاً قوية، خاصة أن الطرف الأميركي حتى الآن لم يكن جاداً في جهوده".

وبحسب كتاب، فإن الجانب الفلسطيني، ممثلاً بالسلطة، لا يملك الكثير من أدوات الضغط، ولا يريد خسارة الأميركيين، لافتاً إلى أن "الحد من عمليات قتل الفلسطينيين، وإيقاف الاستيطان، وعدم استباحة الأقصى أمور لا بأس بها إذا تحققت، خاصة أنه لا أحد يستطيع وقف التجاوزات الإسرائيلية غير الولايات المتحدة، وباعتبار أي تفاهمات للخروج من الوضع الحالي هو تقدم".  

وصول طائرتين أردنيتين لنقل الوفد الفلسطيني

ووصلت طائرتان مروحيتان أردنيتان خاصتان إلى رام الله، صباح اليوم السبت، لنقل الوفد الفلسطيني الذي سيشارك في لقاء العقبة الأمني غداً الأحد.

ووصلت المروحيتان من الأردن إلى مقر الرئاسة "المقاطعة" في رام الله نحو 10:45 من صباح اليوم، لنقل المشاركين، وهم: أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية العامة ماجد فرج، والمستشار الدبلوماسي للرئيس محمود عباس مجدي الخالدي، كما كشف "العربي الجديد" يوم الخميس الماضي.

وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أن اليوم السبت سيكون عبارة عن مشاورات مع الأردن ومصر، فيما سيبدأ اللقاء الأمني رسمياً غداً الأحد في العقبة، وسيستمر ثماني ساعات".

حركة الجهاد الإسلامي تدين المؤتمر    

من جهته، أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، محمد الهندي، أن مؤتمر العقبة "يهدف للضغط على السلطة الفلسطينية وإعادتها للخدمة الأمنية المجانية (التنسيق الأمني) والاستسلام للتفاهمات الأميركية الظالمة".
وقال الهندي، في تصريح وزع على وسائل الاعلام، أن حركته تدين هذا المؤتمر وتدين مشاركة السلطة فيه، و"نعتبر هذا المؤتمر والمشاركة فيه غطاءً لإطلاق يد الصهاينة في الضفة وتوسيع وشرعنة الاستيطان وهدم البيوت الفلسطينية".
وشدد على أن "الوثوق بالتفاهمات الأميركية، والاكتفاء ببيان هزيل من رئاسة مجلس الأمن يعبر فيه عن قلقه ويطالب جميع الأطراف بالامتناع عن الخطوات الأحادية، شجعا العدو على ارتكاب مجزرة نابلس، والمضي قدماً في شرعنة البؤر الاستيطانية التسع وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية".
وبين أن "ردود الفعل الهزيلة على مجزرة نابلس والقبول بالمشاركة في مؤتمر العقبة تشجع القتلة على مزيد من المجازر ومزيد من التصعيد دون أدنى رادع أو حساب".

"الجبهة الديمقراطية" تحذر   

كما حذرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من خطورة ما يجرى التحضير له في اجتماع العقبة، وما سوف يعكسه ذلك من تداعيات كبرى على واقع الشعب الفلسطيني ومصالحه في الضفة الفلسطينية، وفي مدينة القدس خاصة، بما في ذلك الضغط على السلطة لمواجهة المقاومة الشعبية والصدام معها، ما ينذر بفتنة داخلية خطيرة.
وقالت الجبهة في بيان صحافي، السبت: "إن الحديث عن مباحثات من أجل الوصول إلى تفاهمات لوقف ما يسمى الإجراءات الأحادية من قبل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، هو مخاتلة وتضليل وخداع سياسي مكشوف، حين يقارن بين سياسات آلة القتل والهدم والتهجير والتشريد، ومصادرة الأراضي وضمها على يد جيش الاحتلال، بكل ما يعنيه من انتهاك لقرارات الشرعية الدولية، ومبادئ القانون الدولي، وشرعة حقوق الإنسان، وارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وبين حق شعبنا الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وعن حريته وكرامته وأبنائه وأملاكه ضد العدوان الإسرائيلي، المتصاعد بدرجات متسارعة، تؤكدها قرارات حكومة الفاشية الإسرائيلية، وآخرها حرمان الأسرى من حقوقهم الإنسانية في العلاج، وبناء آلاف الشقق الاستيطانية، واستباحة أراضي الضفة الفلسطينية، وهدم عشرات المنازل والمباني بذريعة افتقارها إلى الترخيص القانوني".
وأكدت الجبهة الديمقراطية في بيانها أن "اجتماع العقبة من شأنه، في ظل الضغوط الأميركية والبريطانية وتصاعد الفاشية الإسرائيلية، أن يشكل منعطفاً، لن يقطف منه شعبنا سوى المزيد من الويلات، والتي يتحدد هدفها الرئيس بالضغط على السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، للصدام مع المقاومة الشعبية".
وشددت الجبهة الديمقراطية على أن المشاركة في اجتماع العقبة لم تنل موافقة اللجنة التنفيذية، بل هو قرار منفرد، اتخذته من جانب واحد القيادة السياسية لسلطة رام الله، بما سيعكسه ذلك من تداعيات سلبية على الصف الوطني، وعلى قدرة اللجنة التنفيذية على أداء دورها، والعمل على تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي، والإسهام أكثر فأكثر في تشويه أداء المؤسسة الجامعة الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها.
وجددت الجبهة الديمقراطية الدعوة إلى القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية للتراجع عن قرار المشاركة في اجتماع العقبة، باعتبارها خطوة تحمل في طياتها مخاطر جمة على الواقع السياسي الفلسطيني.

"المبادرة الوطنية" تطالب السلطة الفلسطينية بعدم المشاركة في اجتماع العقبة 

من جهتها، طالبت حركة المبادرة السلطة الفلسطينية بعدم المشاركة في اجتماع العقبة، وعدم العودة للتنسيق الأمني، محذرة من "خطورة الضغوط الأميركية والإسرائيلية التي تمارس لجر الفلسطينيين إلى صراعات داخلية، وهم يتعرضون لمجازر الاحتلال الفاشي، وهجمة الاستيطان المسعورة".

وقالت المبادرة: "إن ما يحتاجه الشعب الفلسطيني اليوم هو الوحدة في إطار قيادة وطنية موحدة وعلى استراتيجية وطنية كفاحية مقاومة للاحتلال ونظام الأبرتهايد والتمييز العنصري".

نتنياهو يهدد    

واستبق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير أمنه يوآف غالانت التئام "القمة" بتهديد الفلسطينيين بمواصلة استخدام القبضة الحديدية. وقال غالانت إن جيشه لن يتردد في تنفيذ العمليات، على غرار المجزرة التي نفذها في نابلس أخيراً.

وفي السياق، قال رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية رونين بار إن جهازه يعتقل سنوياً ثلاثة آلاف فلسطيني. ولفت، في اجتماع أمني شارك فيه أول من أمس الخميس، إلى أن حجم العمل المقاوم، وعدد المحاولات لتنفيذ عمليات، "التي يتعين على الشاباك بشكل خاص، والأجهزة الأمنية بشكل عام، التعامل معها وإحباطها، فلكيان".

وذكر موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن بار استعرض في الاجتماع آخر التطورات الأمنية، معبراً عن خوفه من التصعيد، حيث زعم أن جهازه أحبط مئات الهجمات الكبيرة، من بينها عمليات تفجير عبوات، وعمليات إطلاق نار، وخطف.

إلى ذلك، قدّر المعلّق العسكري لصحيفة "معاريف"، تال ليف رام، أن كل المؤشرات تدل على تصعيد حتمي سينفجر بين جيش الاحتلال والمقاومة في قطاع غزة.

وفي تقرير نشرته الصحيفة أمس الجمعة، رأى رام أن "وقف التصعيد صعب للغاية"، مشدداً على أن اتجاه الأحداث يتناقض مع التقديرات السابقة للجيش، التي أفادت بأن "حركة حماس" غير معنية بالتصعيد.

 وأضاف أن عدد الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة يشير إلى تغيير كبير في سياسة "حماس"، زاعماً أنها "تمنح على الأقل الضوء الأخضر للمنظمات الأخرى لإطلاق الصواريخ، كجزء من محاولة لفرض معادلة" تضفي شرعية على إطلاق الصواريخ رداً على عمليات إسرائيل في الضفة والقدس.

المساهمون