الأرض... جوهر الصراع وصاعق المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي

30 مارس 2023
من مواجهات "يوم الأرض" ببلعين، العام الماضي (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -

بالتزامن مع إحياء الفلسطينيين ذكرى "يوم الأرض" في 30 مارس/آذار الحالي، تتصاعد التحديات أمامهم في ظل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تعمل من أجل تهويد مزيد من الأرض الفلسطينية، وضمّها لدولة الاحتلال وإنشاء مزيد من المستوطنات والتجمعات الاستيطانية.

والأرض جوهر الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، ونقطة الانطلاق الرئيسية للعمل الميداني للقوى والفصائل الوطنية والإسلامية والتحررية، كذلك المُقاومة بأساليبها المتنوعة، لإثبات الأحقية فيها، على الرغم من تعاقب عقود الاحتلال. وينطلق الانتماء والتشبث الفلسطيني بالأرض من مبدأ الحفاظ على الثوابت الراسخة، بتحرير الأرض والإنسان، وعدم التسليم بفكرة وجود الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال، أو التسليم بفكرة تهويد الأرض في الضفة والقدس أو أي جزء من فلسطين.

وتؤكد الفصائل الفلسطينية على الدوام أن الأرض هي المرتكز الأساسي، وصاعق التفجير في وجه الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يتوقف عن محاولاته في التهويد، وسرقه الأرض، وتغيير ملامحها، وأن استمرار تلك المحاولات لا يعدو كونه لعباً بالنار.

ويقول عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، سهيل الهندي، في حديث مع "العربي الجديد" إن الأرض تعني كل شيء للفلسطينيين، وتمثل تاريخهم، وذكرياتهم، ومستقبلهم، وكرامتهم، ولا يُمكن للشعب الفلسطيني المساومة ولو على شبر واحد منها، إذ تنغرس في وجدانه وعقيدته ودينه ومبادئه الأساسية.

ويشدّد الهندي على عدم إمكانية قسمة الأرض التي جُبلت بدماء مئات الآلاف من الفلسطينيين والعرب، فيما يستمد الفلسطينيون قيمة الأرض من عروبتها، و"لا يمكن للغرباء عنها أن يستوطنوا فيها، وما يقوله بعض المتشددين الإسرائيليين من أن الأرض الفلسطينية هي أرض الميعاد، لا يعتبر سوى كذب وتزوير".


أحمد المدلل: معركتنا مع الاحتلال معركة وجود لا حدود

ويوضح الهندي أن الأرض من منظور حركة "حماس" تعتبر بؤرة الصراع، وأن الاحتلال يتلقى الضربات من المقاومة على أرض فلسطين، سواء في غزة، أو الضفة الغربية، أو في الداخل المحتل، في رفض صريح وواضح لوجوده على الأرض الفلسطينية.

ويتابع: "ربما نختلف مع بعضنا البعض في التكتيك (الفصائل فيما بينها)، لكننا نتحد خلف كلمة الأرض بمساحتها التاريخية، لذلك نُقاوم المحتل لاسترداد أرضنا من دون التفريط بأية ذرة تراب منها".

أما عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" أحمد المدلل، فيشير إلى أن "يوم الأرض" يعتبر للفلسطينيين، يوما وطنيا، يؤكد فيه الشعب الفلسطيني على تشبثه وتجذره وتمسكه بأرضه، وقد قدم التضحيات الكبيرة منذ أكثر من 74 عاماً، ولا يزال يناضل ويقاوم الاحتلال الذي اغتصب أرضه، وتسبب بتهجيره.

الشعب الفلسطيني ماضٍ في مقاومته

ويبين المدلل في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن محاولات سرقة الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية بدأت قبل عام 1948، إلا أن الشعب الفلسطيني أكد تجذره بأرضه، ولم يرفع الراية البيضاء، وقد استشهد الآلاف، وصولاً إلى عام 1976 (تاريخ بدء العمل بيوم الأرض)، الذي كان شاهداً على الدماء التي أريقت في "يوم الأرض".

ويشدّد المدلل على أن الشعب الفلسطيني ماضٍ في مقاومته، ولا يمكن أن يوقفها إلا بطرد الاحتلال عن أرض الآباء والأجداد، فـ"معركتنا مع الاحتلال الذي يحاول فرض أجنداته التوراتية التلمودية، هي معركة وجود، لا معركة حدود".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ويؤكد المدلل أن فلسطين "لا تقبل القسمة على شعبين، ولا يمكن لأية اتفاقيات أن تدفع الشعب الفلسطيني لإعطاء الشرعية للاحتلال على ذرة تراب من أرض فلسطين". ويشدّد على أن فصائل المقاومة "تعتبر الأرض جزءاً من عقيدتها، وعقيدة الأمة العربية، وهوية الشعب الفلسطيني وكرامته، وشرفه، وتاريخه المتوارث جيلا بعد جيل، وحاضنة الشعب الذي لن يقبل بأي بديل عنها".

من جهته، يؤكد المتحدث باسم حركة "فتح" في قطاع غزة منذر الحايك، أن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي هو صراع على الوجود، وعلى الأرض، وحين وعد (وزير الخارجية البريطاني آرثر) بلفور الكيان الصهيوني بإقامة دولة على أرض فلسطين (في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917)، كان الهدف السيطرة على الأرض، وتهجير الشعب.

ويقول الحايك في حديثٍ مع "العربي الجديد" إن الصراع بدأ يمتد إلى المقدسات المسيحية والإسلامية من خلال الممارسات والاعتداءات في مختلف المدن الفلسطينية، معتبراً "يوم الأرض"، يوما للمواجهة والتحدي والصمود، والتأكيد على أن الأرض لأصحابها الفلسطينيين، الذين يرتبطون بها ارتباطاً تاريخياً، إلى جانب أنه "بداية لتجديد العهد والقرار بالاستمرار بالعملية النضالية، والفعل الميداني حتى تحرير الأرض والإنسان من الاحتلال الغاصب".

ويشدّد المتحدث باسم حركة "فتح" على أن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه، وسيواصل نضاله حتى تحقيق كل أهدافه، وفي مقدمتها أن يقيم الشعب الفلسطيني دولته على أرضه، كما تنص قرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي الإنساني، خصوصاً أن فلسطين باتت اليوم عضوا مراقبا في الأمم المتحدة.


سهيل الهندي: ربما نختلف مع بعضنا البعض في التكتيك لكننا نتحد خلف الأرض بمساحتها التاريخية

ويشير الحايك إلى أن معارك الشعب الفلسطيني مع الاحتلال متعددة، سواء بالعمل الميداني، والمقاومة الشعبية، والمقاومة المسلحة، وكل أشكال المقاومة، في الضفة الغربية، وقطاع غزة.

كما يتطرق إلى معركة الرواية والسردية الفلسطينية أمام العالم، والتي تجذر أساس الصراع القائم على الأرض، وتنتقل للأجيال الفلسطينية، لتوعيتهم بحق العودة وتقرير المصير، والذي يعتبر الحق الأول من ضمن ثالوث الثوابت الفلسطينية، إلى جانب حق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

الأرض جوهر الصراع

وفي ذات السياق، يؤكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين محمد الغول، أن "يوم الأرض" يذكر الفلسطينيين على الدوام بأن الأرض جوهر الصراع مع الاحتلال، والذي جاء بالأساس لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وهو صراع على كل فلسطين، من نهرها إلى بحرها، ومن شمالها حتى جنوبها، بمساحتها التي تبلغ 27 ألف كيلومتر مربع.

ويقول الغول في حديثٍ مع "العربي الجديد" إن فلسطين بمساحتها كلها وبحرها وجبالها وهضابها وتلالها ملك للشعب الفلسطيني، ومن حقه أن يستخدم كل أشكال النضال من أجل استعادة الأرض، واقتلاع الكيان الإسرائيلي: "ولدينا قناعة تامة، بأنه عابر ولن يطول على أرض فلسطين، ما دامت الإرادة، ونهج المقاومة حاضرين".

ويؤكد الغول أن كل الحلول الترقيعية والاستسلامية التي تتحدث عن تقسيم الأرض الفلسطينية، وعن حلول مرحلية باجتزاء وتبادل الأراضي، تعتبر وهما في عقل من يراهن على المشروع الصهيوني، وعلى فكرة المفاوضات والسلام مع الاحتلال الذي لا يؤمن بالعملية السياسية.

بدوره، يقول الكاتب شرحبيل الغريب في حديثٍ مع "العربي الجديد" إن السياسة الإسرائيلية بقضم وتهويد الأراضي لا تزال مستمرة لتهجير الشعب الفلسطيني، وسرقة الأرض، وتدمير المنازل، والسيطرة على المقدسات المسيحية والإسلامية، في ظل التغول الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية: "ولم يبق أمام الفلسطينيين سوى الصمود على الأرض، لمواجهة وإفشال السياسات والمخططات الرامية إلى سرقة والتهام المزيد من الأرض، في ظل وجود الحكومة اليمينية المتطرفة".

ويشير الغريب إلى أن "إحياء يوم الأرض يعدّ فرصة هامة لمواصلة تذكير وتعليم الأجيال، بأهمية الحفاظ على الأرض، وأن هناك أرضا لا تزال محتلة إسرائيلياً، ويجب أن تعود إلى أصحابها في يوم من الأيام، علاوة على تذكير العالم، بأن هناك شعبا لا يزال يرزح تحت نير الاحتلال وتسرق أرضه في وضح النهار، في ظل حالة التنكر الكبيرة من المجتمع الدولي، تجاه المخططات الإسرائيلية التي تسعى إلى التهام مزيد من الأرض".