أظهرت نتائج استطلاعات الرأي العام التي أجريت وكشف عن نتائجها الليلة الماضية، أنّ التحولات التي شهدتها الساحة الحزبية ستعمق الأزمة السياسية غير المسبوقة التي تمر بها إسرائيل منذ عامين.
ودلت استطلاعات الرأي العام التي أجريت وكشفت عنها قنوات التلفزة الإسرائيلية الرئيسة أن الإعلان عن انطلاق حزب "إسرائيليون" بقيادة رئيس بلدية تل أبيب رون حولدائي، والذي توقعت نتائج الاستطلاعات أن يحصل على تسعة مقاعد في الكنيست من أصل 120، قد خلط الأوراق مجدداً؛ بحيث سيكون من شبه المستحيل تشكيل حكومة بعد الانتخابات المقبلة، في مارس/ آذار 2021.
وحسب نتائج الاستطلاعات فقد حدث تراجع واضح في شعبية حزب "أمل جديد"، الذي شكل حديثا ويقوده وزير الداخلية السابق جدعون ساعر، الذي انشق عن حزب "الليكود"، وتمكّن من استقطاب قيادات كبيرة أخرى من الحزب، حيث تراجع تمثيل الحزب من 22 مقعداً إلى 17 مقعداً.
كما تبين أن المقاعد التي حصل عليها حزب "إسرائيليون" ستكون أيضاً على حساب حزب "ييش عتيد"، الذي يقوده زعيم المعارضة يئير لبيد، الذي تراجع إلى 12 مقعداً. وفي المقابل، فقد زاد تمثيل حزب "الليكود" الذي قفز من 26 إلى 29 مقعداً، في حين حدث تراجع طفيف في تمثيل حزب "يمينا" بقيادة وزير الأمن السابق نفتالي بينت، الذي حصل على 12 مقعداً، في حين توقعت استطلاعات الرأي أن تحصل القائمة العربية على 10-11 مقعداً.
وعلى الرغم من أنه من ناحية نظرية بإمكان الأحزاب التي ترفض المشاركة في حكومة بقيادة بنيامين نتنياهو تشكيل حكومة، إلا أن التباينات الأيديولوجية والاجتماعية بين هذه الأحزاب تجعل من الصعوبة بمكان تشكيل مثل هذه الحكومة.
ويستبعد على نطاق واسع أن يقبل حزب "يمينا" المشاركة في حكومة إلى جانب حزب "ييش عتيد"؛ كما سيكون من الصعب جداً تصور أن تشارك حركة "ميرتس" التي تمثل اليسار الصهيوني، والتي حصلت على خمسة مقاعد في حكومة، بناء على المنطلقات الأيديولوجية لحزب "أمل جديد" و"يمينا" اليمينيين.
إلى جانب ذلك، فإنّ الجناح الأكثر تطرفا في حزب "يمينا"، والذي يقوده وزير المواصلات السابق بتسلال سمورطتش لن يقبل "الأجندة العلمانية" التي أعلن حزب "يسرائيل بيتنا" بقيادة أفيغدور ليبرمان أنه مصرّ على إلزام الحكومة بها.
وعلى كل الأحوال فإنّ نتائج الاستطلاعات تدل على أن الأزمة السياسية التي تعيشها إسرائيل والتي دفعتها إلى أربع جولات انتخابية في غضون عامين، مرشحة للتواصل بعد الانتخابات المقبلة.
أيزنكوت: الصدع الداخلي تهديد وجودي لإسرائيل
إلى ذلك، اعتبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت، أنّ الصدع الداخلي الذي يعاني منه المجتمع، هو "التهديد الوجودي الذي تواجهه إسرائيل".
وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في عددها الصادر، اليوم الخميس، أوضح أيزنكوت أن إسرائيل "لا تواجه فقط تحديات خارجية بل أيضاً تعيش أزمة سياسية أفضت إلى حدوث تطرف في الجدل وتعاظم مستوى انعدام الثقة في الجهاز السياسي ومؤسسات الدولة، وهذا أدى إلى زيادة الاستقطاب والتصدع بين فئات المجتمع الإسرائيلي"، بحسب قوله.
وشدد على شعوره بالقلق من الأزمة السياسية، مضيفاً أنّ "العجز عن تشكيل حكومة مستقرة، هو التهديد المركزي، تهديد يستهدف قدرتنا على استنفاد الطاقة الوطنية كمجتمع ومواصلة التطور والازدهار ولتحقيق تطلعات" مؤسسي إسرائيل.
وأكد أنّ إسرائيل في أمسّ الحاجة إلى وجود قيادات تمثل "قدوة شخصية" للآخرين بهدف استعادة ثقة الجمهور بقيادة الدولة ومؤسساتها والسياسات التي تعتمدها".
وتوقع أيزنكوت أن تمر سنوات قبل أن تتمكن إسرائيل من النهوض من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تسببت بها جائحة كورونا.
وفيما يتعلق بمواقفه السياسية، أوضح أيزنكوت، الذي رفض المشاركة في الحياة السياسية والانضمام لأي من الأحزاب، أنّ إسرائيل مطالبة بأن تصوغ سياساتها إزاء الصراع مع الشعب الفلسطيني بحيث لا تتحول في النهاية إلى "دولة ثنائية القومية"، مشيراً إلى أنه يؤيد الحل الذي يضمن "الانفصال" عن الفلسطينيين.
وشدد على أنه من أولئك الذين يدعمون سياسة "أمنية نشطة غير قابلة للتوافق... تسهم في تآكل قدرات العدو وتردع الأطراف المعادية التي لم تسلّم بعد بوجود إسرائيل"، معتبراً أنّ إيران وسورية ولبنان "لا تمثل تهديداً وجودياً على الدولة".