- "منظمة الأمر 9" توسع نشاطها بدعم من إسرائيليين، تتبنى أجندة استيطانية وتضغط على حماس وتدعو لإغلاق مكاتب أونروا داخل إسرائيل.
- الاعتداءات تثير ردود فعل دولية غاضبة وتساؤلات حول تواطؤ الشرطة والجيش الإسرائيلي، مع تحقيقات دولية مستمرة ضد إسرائيل.
اعترض عدد من المستوطنين، قبل أيام، طريق شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وقاموا بإلقاء حمولتها في الشوارع وإتلافها، في خطوة اتضح لاحقاً أن مجموعة استيطانية تُدعى "منظمة الأمر 9" هي من تقف وراء هذه الخطوات. ولم تكتف المنظمة بهذه الاعتداءات، بل حطم المستوطنون الذين ينتمون إليها الشاحنات لدى مرورها قرب حاجز ترقوميا، قرب الخليل جنوبي الضفة العربية، وقاموا بإحراقها من دون تدخّل من قوات الاحتلال الإسرائيلي لحمايتها.
ومع أن تلك المشاهد أثارت ردود فعل دولية غاضبة، حتى من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا الداعمتين لإسرائيل وحربها، لكن ما تظهره الحقائق أن عمل المنظمة بدأ قبل انتشار هذه المشاهد، إذ بادرت مستوطِنة إسرائيلية تُدعى ريعوت بن حاييم، تسكن في مستوطنة نتيفوت القريبة من حدود غزة، قبل نحو خمسة أشهر، بتأسيس الحركة، قبل أن يتم تسريح زوجها سيفي من الخدمة العسكرية في قوات الاحتياط، بموجب "الأمر 8"، وهو أمر إلزامي لتجنيد الإسرائيليين على نحو واسع. ومن هنا جاءت فكرة إطلاق اسم "الأمر 9" ليوحي بالخطوة التالية.
وفي إطلالة لها عبر منصة يوتيوب، في 20 مارس/آذار الماضي، ظهرت المستوطِنة هي ورضيعتها وزوجها لتتحدث عن عمليات اعتراض شاحنات المساعدات التي كانت في طريقها إلى غزة، وقالت إنهما وقفا في البداية فقط قرب معبر كرم أبو سالم، محاولين اعتراض طريق شاحنات متوجّهة إلى غزة، ولاحقاً تواجدوا على معبر "نيتسانا". ولاحقاً بدأت الدعوة تجد أصداء أوسع، وانضم إليها عشرات الإسرائيليين. وبدأت عمليات اعتراض الشاحنات المتّجهة إلى غزة على نحو أوسع في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، عند المعبرين المذكورين، وفي ميناء أسدود، بعد انضمام حركة أمهات لجنود قتلى إلى النشاط، ومنتدى الأمل الذي يمثّل جزءاً من عائلات الأسرى الإسرائيليين المتواجدين في قطاع غزة ويتبنى فكرة زيادة الضغط العسكري على حركة حماس. وبعد نحو شهرين على انطلاق "الأمر 9"، ارتفع عدد النشطاء المنضمين إلى المنظمة لنحو 1500 إسرائيلي، وفق ما بثته قناة "كان العبرية" حينها، فيما بات عددهم يُحصى بالآلاف بعد أشهر، وفق مصادر أخرى.
وتعمل عصابات المنظمة على مراقبة حركة معظم المساعدات واعتراضها، وتتشكّل معظمها من المستوطنين وعصابات اليمين المتطرّف. وتثار الشكوك حول وجود متعاونين مع المنظمة من عناصر شرطة وجيش الاحتلال، يخبرون ناشطيها بمسارات الشاحنات ووقت مرورها. وأشارت صحيفة هآرتس العبرية إلى ذلك، اليوم الخميس، ونقلت عن مصدر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لم تسمّه قولهم إنّ "هناك معلومات عن أن حركة الشاحنات تُسرّب إلى المتظاهرين"، كما لفت إلى "كثرة الأطراف المنخرطة في حراك المنظمة، من أفراد في الشرطة والجيش وغيرهم".
ويبدو أن أفكار منظمة "الأمر 9" لا تنحصر في منع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولكنها تحمل أجندات أخرى منها استيطانية، تدل عليها أقوال مؤسِستها بن حاييم، التي قالت في نفس الإطلالة عبر منصة يوتيوب، إنها لا تعرف ما هو هدف الحرب، إن كانت إسرائيل لن تحتل أراضي في قطاع غزة وتبقى فيها. وأضافت أن من أهداف الحركة أيضاً "العمل من أجل إغلاق مكاتب منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) داخل إسرائيل". وتؤمن الحركة بأن اعتراض طريق الشاحنات، هو الوسيلة لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، وأن على إسرائيل الامتناع عن السماح بدخول المساعدات إلى الفلسطينيين. وأشارت الصحيفة إلى أن أعداداً كبيرة من الجنود الذين سُرّحوا من الخدمة العسكرية بعد "الأمر 8"، انضموا بعدها إلى منظمة "الأمر 9".
وتشير المشاهد التي سُجلت في الأيام الأخيرة للاعتداء على الشاحنات، بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي تفقد السيطرة على هذه الحركة التي لجأت إلى العنف، او ربما تواطأت معها، لكنها باتت مطالبة بعد ردود الفعل الدولية بلجمها، خاصة بالتزامن مع نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي والمحكمة الجنائية الدولية بقضايا ضد إسرائيل على خلفية حرب الإبادة التي تشنّها على غزة.