حذرت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، روزماري ديكارلو، من تدهور الأوضاع في تيغراي، وقالت إن إثيوبيا في منعطف حرج، ويجب معالجة ذلك بشكل شامل ومستدام، وإلا فإن عواقب عدم التحرك ستكون وخيمة. وجاءت تصريحات ديكارلو أمام مجلس الأمن الدولي خلال اجتماع له حول الوضع في تيغراي، دعت إليه الولايات المتحدة.
وتحدثت ديكارلو عن إعلان الحكومة الإثيوبية في الـ 28 يونيو/ حزيران وقف إطلاق النار من جانب واحد، بعد ما يقرب من ثمانية أشهر من الصراع، مشيرة إلى الحاجة الماسّة لمعالجة الأزمة الإنسانية في المنطقة. وأشارت إلى أن "قوات دفاع تيغراي" دخلت في الـ 27-28 من الشهر الماضي إلى عدد من المناطق، من بينها عدوة وأكسوم وميكيلي. كذلك تحدثت عن عودة قادة الإدارة الإقليمية السابقة لتيغراي، مؤكدة في الوقت ذاته أن قوات دفاع تيغراي لم تعلن بعد موافقتها على وقف إطلاق النار.
كذلك أثارت تقارير أخرى تشير إلى انسحاب قوات الدفاع الإريترية من مناطق أخرى في تيغراي إلى المناطق المتاخمة للحدود، بينما لا تزال قوات إقليم أمهرة، الواقع غرب تيغراي، في مكانها، على الرغم من التقدم الذي حققته "قوات دفاع تيغراي". وحذرت من مزيد من المواجهات وتدهور سريع للوضع الأمني. وناشدت جميع الأطراف قبول وقف إطلاق النار والحفاظ عليه.
وأشارت إلى نزوح نحو 1.7 مليون شخص داخل البلاد بسبب الاقتتال ولجوء 60 ألف شخص إلى السودان. وأكدت ضرورة أن تتعاون الأطراف المختلفة مع التحقيق الذي يقوده مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الجرائم المرتكبة. وأضافت: "يجب أن تكون هناك مساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في أثناء النزاع، بما فيها أعمال العنف الجنسي ضد الأطفال والبالغين والقتل الجماعي".
وتحدثت ديكارلو عن عدد من النقاط التي يمكن من خلالها أن يدعم المجتمع الدولي الأطراف في إثيوبيا. وأضافت في هذا السياق: "يجب على المجتمع الدولي أن يواصل الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار تلتزمه جميع الأطراف. وحثت قادة إثيوبيا على العمل بسرعة لاستعادة الوحدة الوطنية من خلال عملية حوار شامل ومصالحة". وتحدثت عن ضرورة دعم المجتمع الدولي جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات الإنسانية والتبرع بسخاء لتمويل تلك الجهود.
وذكّر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، راميش راجاسينغهام، مجلس الأمن بإحاطته الأخيرة قبل أسبوعين، التي تحدث فيها عن معاناة أكثر من 350 ألف شخص في تيغراي من المجاعة وظروف مأساوية، واصفاً إياها بالأسوأ منذ عقود. وقال إن الأوضاع ازدادت سوءاً في الأسبوعين الأخيرين، منذ أن قدم إحاطته حول الموضوع أمام مجلس الأمن. وقال إن "التقديرات الأخيرة تشير إلى أن أكثر من 400 ألف شخص قد عبروا عتبة المجاعة وأن 1.8 مليون شخص آخر على شفا المجاعة. ويقول البعض إن الأرقام أعلى من ذلك". ولفت الانتباه إلى معاناة 33 ألف طفل من سوء التغذية الحاد. وحذّر من استمرار تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي خلال موسم الأمطار الوشيك، مع نفاد الإمدادات الغذائية، وزيادة مخاطر الفيضانات والأمراض التي تنقلها المياه. وقال إن عدداً أكبر من الناس سيموتون إن لم تقدم إليهم المنظمات الإنسانية المساعدات اللازمة.
ثم تطرّق راجاسينغهام إلى الاعتداءات الجنسية والاغتصابات واسعة الانتشار. وقال: "لدينا العديد من الحالات الموثوقة لاستخدام واسع للعنف الجنسي الخطير على نطاق واسع. تم الإبلاغ عن أكثر من 1200 حالة، مع استمرار ظهور المزيد". وأضاف: "هناك احتمال كبير أن تكون هذه الأرقام جزءاً بسيطاً من الحالات الفعلية، حيث لا يتم في العادة الإبلاغ عن جميع تلك الحالات لأسباب عدة، من بينها وصمة العار والخوف من الانتقام، وكذلك الافتقار إلى الخدمات الصحية والنفسية الاجتماعية".
وأشار إلى مقتل 12 شخصاً، منذ بدء الصراع، يعملون في المجال الإنساني، بعضهم قتل بشكل بشع ومستهدف. وقال إن هناك حاجة شديدة، وإن الأمم المتحدة لديها ما يكفي من الغذاء لمليون شخص ولمدة شهر، لكن هناك حاجة لتقديم المساعدات لأكثر من 5.2 ملايين شخص آخرين. وأشار كذلك إلى أن مستلزمات الصحة والمياه والصرف الصحي وغيرها من المواد غير الغذائية نفدت تقريباً. وأكد أن الغذاء وحده لا يمنع المجاعة. وأضاف: "تعتبر إمدادات المياه والصرف الصحي والتغذية ضرورية في مثل هذه الاستجابة. نحن أيضاً بحاجة ماسة إلى منع تفشي الكوليرا أو وفاة الأشخاص بسبب الأمراض المعدية الأخرى".