عبرت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، عن أسفها لاستمرار عدم تنفيذ جميع بنود خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) وقرار مجلس الأمن رقم 2231 (للعام 2015) الخاص بها.
وجاءت تصريحات ديكارلو خلال إحاطة دورية لها حول الموضوع أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك.
وقالت ديكارلو: "إن التنفيذ الكامل للخطة وقرار مجلس الأمن من الممكن أن يؤدي لاستقرار إقليمي، لكن وللأسف لاحظنا زيادة في الهجمات على البنية التحتية وفي التوتر الإقليمي". وقدمت ديكارلو في إحاطتها ملخصاً لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس (العاشر)، حول تنفيذ بنود الاتفاق ويشمل الأشهر الخمسة الماضية. ويركز "على الأحكام الواردة في المرفق باء للقرار 2231 (2015)، والتي تشمل القيود المطبقة على عمليات النقل المتصلة بالمواد النووية والقذائف التسيارية (العابرة للقارات) وبالأسلحة إلى جمهورية إيران الإسلامية أو منها، فضلاً عن الأحكام المتعلقة بتجميد الأصول وحظر السفر".
لفتت ديكارلو إلى أن الخطوات الأميركية قد تكون أعاقت قدرة إيران والدول الأعضاء الأخرى على تنفيذ بعض أحكام الاتفاق النووي
وعبرت المسؤولة الأممية عن أسفها للخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة منذ مايو/أيار 2018 عند انسحابها من الخطة، وقيامها بإعادة فرض جميع الجزاءات (العقوبات) الوطنية، التي كانت قد رفعتها أو ألغتها عملاً بالخطة، مع الأهداف الواردة في القرار 2231. كما أسفت كذلك للخطوات التي اتخذتها إيران منذ يوليو/تموز 2019 لخفض بعض التزاماتها المتعلقة بالمجال النووي بموجب الخطة.
ولاحظت أن "إيران أعلنت أنها تريد أن تواصل مشاركتها في الخطة، وشددت على أن جميع التدابير التي اتخذتها منذ ذلك الوقت يمكن إلغاؤها". ولفتت ديكارلو الانتباه إلى أن الخطوات الأميركية، وخاصة تلك المتعلقة بعدم تمديد الإعفاءات المتعلقة بتجارة النفط مع إيران وبعض مشاريع عدم الانتشار، قد تكون أعاقت قدرة إيران والدول الأعضاء الأخرى على تنفيذ بعض أحكام الخطة (الاتفاق النووي) والقرار.
وفيما يخص الأمور والأحكام المتعلقة بالمجال النووي، قالت ديكارلو، إن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة "لم يتلقَ أي تقارير (خلال الأشهر الخمسة الأخيرة) عن إمداد إيران أو بيعها أو تحويلها لموادّ ذات استخدام مزدوج، تتعلق بالأسلحة النووية المتصلة بالأنشطة النووية، بما يتعارض مع الفقرة 2 المرفق باء".
وفيما يخص نقل الأسلحة قالت ديكارلو: إن "إسرائيل كانت قد قدمت معلومات للأمين العام ومجلس الأمن بشأن استمرار انتشار الأسلحة المتقدمة من قبل إيران خلافاً للقرار 2231، ورفضت إيران تلك المزاعم". ويشير تقرير الأمين العام في هذا السياق إلى أن الأمانة العامة للأمم المتحدة "حللت المعلومات التي قدمتها إسرائيل بشأن وجود أربع قذائف موجهة مضادة للدبابات من طراز دهلاويه (إيراني الصنع) يزعم أنها إيرانية في ليبيا. واستناداً إلى تحليل للصور الفوتوغرافية، أثبتت الأمانة العامة أن إحدى القذائف الموجهة المضادة للدبابات الأربع ذات خصائص متوافقة مع خصائص قذيفة دهلاويه التي تنتجها إيران. ولا يمكن للأمانة العامة التأكد مما إذا كانت هذه القذيفة قد نقلت إلى ليبيا، أو أنها نقلت إليها بطريقة تتعارض مع القرار 2231. (أي ما إذا نقلت من إيران بعد 16 يناير/كانون الثاني 2016).
وحول مصادرة أستراليا لأسلحة في يونيو/حزيران 2019 قبالة خليج عمان قالت ديكارلو: "إن الأمانة العامة للأمم المتحدة زودت بصور عالية الوضوح لبعض الأعتدة المصادرة. إننا نرى أن الذخائر المضبوطة ليست من صنع إيراني".
لا توجد أية محادثات بين إدارة بايدن وأي دول أخرى؛ لأن إدارة بايدن حذرة باتخاذ أية خطوات رسمية قبل توليها منصبها بشكل رسمي
من جهتهم، تحدث كل من سفراء ألمانيا وفرنسا خلال الاجتماع عن التحديات التي تواجه الدول الموقعة على الاتفاق حول التنفيذ. فقال السفير الألماني للأمم المتحدة في نيويورك، كرستوف هويسغن، في هذا السياق: "هناك حاجة ماسة لأن توقف إيران كافة الأعمال التي تتعارض مع التزاماتها النووية، وأن تمتنع عن أية إجراءات تمثل انتهاكاً لخطة العمل المشتركة". ثم عبر عن قلقه بالقول: "بشأن قيام إيران بتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة في محطة تخصيب الوقود في نطنز، سيشكل ذلك انتهاكاً واضحاً لخطة العمل الشاملة المشتركة. كما نشعر بالقلق من أن القانون الأخير الذي أقره البرلمان الإيراني، في حال تنفيذه، من شأنه أن يوسع إلى حد كبير برنامج إيران النووي، وفيه انتهاك صريح لخطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني)، ويحد من مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وعبر كل من سفراء فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة عن مخاوف مشابهة.
ومن المتوقع أن تعود الولايات المتحدة للانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني بعد تولي جو بايدن لمهامه رئيساً للولايات المتحدة، بدءاً من 20 يناير/كانون الثاني القادم. ولكن العودة للاتفاق تبدو الآن معقدة وتحتاج إلى مفاوضات جديدة بسبب الخروقات الإيرانية والأميركية للاتفاقية. وصرح في هذا السياق السفير الألماني، هويسغن، لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك بعد انتهاء الاجتماع حول السبل التي سيتم فيها تجديد تلك المفاوضات، قائلاً: "إن الإدارة الأميركية الجديدة لم تتولَ مهامها رسمياً بعد، ولا توجد أية محادثات بين إدارة بايدن وأي دول أخرى؛ لأن إدارة بايدن حذرة باتخاذ أية خطوات رسمية قبل توليها منصبها بشكل رسمي. ولكن أتوقع أن تكون هناك محادثات ثنائية مع أصدقاء الولايات المتحدة وشركائها (في الاتفاق بما فيها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين)، حول الاتجاه الذي يجب أن تسير هذه المحادثات فيه. وأتوقع أن تكون المحادثات في البداية غير رسمية، بين العواصم، وبعدها أتوقع أن ندخل مراحل أكثر رسمية، ولكن يجب أن يحدث هذا بسرعة. لقد خرق الإيرانيون بنود الاتفاق، وكلما استغرقنا وقتاً أطول بالعودة إليه ستكون هذه العودة أصعب، والثمن الذي سيضطر الإيرانيون لدفعه بسبب تنازلهم عما حققوه سيكون أكبر. لذلك العودة السريعة هي الأفضل".