طالبت اللجنة الثانية للأمم المتحدة (الاقتصادية والمالية) الاحتلال الإسرائيلي بوقف استغلال الموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان المحتل، مشددة على "السيادة الدائمة للسكان العرب في الجولان".
وأكدت اللجنة، في قرار لها أمس الخميس، حق الشعب الفلسطيني والسكان العرب في الجولان المحتل باستعادة ممتلكاتهم نتيجة "أي استغلال، أو ضرر أو خسارة أو استنفاد أو تعريض للخطر، نتيجة للتدابير غير القانونية التي تتخذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي".
ويدعو القرار الاحتلال إلى وقف تدمير البنية التحتية وجميع الإجراءات، بما فيها تلك التي يرتكبها المستوطنون، والمتمثلة في إلقاء جميع أنواع النفايات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان المحتل.
وخلال المناقشة التي تلت التصويت على القرار، قال ممثل النظام السوري إن القرار "يؤكد مرة أخرى الحقوق غير القابلة للتصرف للسكان السوريين في الجولان المحتل"، مضيفاً أن الإجراءات الإسرائيلية "لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تزعزع استقرار المنطقة أيضاً".
من جهته، قال ممثل إسرائيل إن "انتهاكات النظام السوري المتواصلة والقاسية لحقوق الإنسان ضد سكانه، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، تؤكد أن هذا النظام غير شرعي".
وتشتهر مرتفعات الجولان، التي تبلغ مساحتها نحو 1860 كلم مربع، بأرضها الخصبة ومواردها المائية الغنية، حيث تؤمن نحو ثلث حاجة إسرائيل من المياه العذبة. وتحتل إسرائيل اليوم نحو 1150 كم مربع من مساحتها.
وبدأ الاستيطان الإسرائيلي في الجولان بعد أسابيع فقط من احتلالها، عبر إقامة مستوطنة "مروم جولان"، لتنضم إليها خلال العقود التالية 33 مستوطنة يقطنها حاليا 27 ألف مستوطن، مقابل نحو 27 ألفاً من السكان العرب (الدروز) ممن بقوا في الجولان بعد احتلاله، فيما جرى تهجير نحو 130 ألفا من السكان كانوا يقطنون (137) قرية و(112) مزرعة.
ومنذ مارس/ آذار 1968، وضع الاحتلال الإسرائيلي يده على مصادر المياه بالجولان، وكشف عن نحو 100 نبع مياه، وبنى 40 مجمعا مائيا وبركة اصطناعية تخزن بها نحو 100 مليون متر مكعب من مياه الأمطار والينابيع، وحفر 7 آبار لسحب المياه الجوفية.
كما يستغل الاحتلال نحو 500 ألف دونم كمراع لتربية الأبقار والمواشي التي توفر نحو نصف احتياجاتها من اللحوم، و20% من الطلب على الحليب. كما أن سكان المستوطنات يستغلون نحو 100 ألف دونم لزراعة الفواكه والخضراوات والحبوب والأزهار، وما تبقى من أراض تصنف محميات طبيعية تستعمل للتدريبات العسكرية.
وتبلغ قيمة الإنتاج الزراعي للمستوطنات في الجولان نحو 360 مليون دولار سنويا، موزعة على 700 منشأة زراعية، بينما ينتج القطاع الصناعي ما قيمته 330 مليون دولار، موزعة على 28 مصنعا ومعملا. كما يوفر القطاع السياحي 60 مليون دولار، موزعة على 227 منشأة سياحية، إذ يزور الجولان سنويا مليونان ونصف مليون سائح داخلي، وفق الاحصائيات الإسرائيلية.
ومنذ عام 2011، تحاول حكومة الاحتلال إنتاج الكهرباء في الجولان من خلال طاقة الرياح، والتي تنتج اليوم حوالي 2.5% من الطاقة من مصادر متجددة.
وقد أثارت خطط إسرائيلية جديدة، في يونيو/ حزيران الماضي، لبناء مراوح ضخمة في القرى السورية المحتلة لتوليد الطاقة من الرياح احتجاجات الأهالي في الجولان، بالنظر إلى أن هذه المشاريع سوف تلتهم نحو 4000 دونم من أراضيهم الزراعية، فضلا عن أضرارها على البيئة والطيور.
ومن المقرر أن ينفذ المشروع بين قريتي مجدل شمس ومسعدة، ما يقطع التواصل بينهما، ويجعل إمكانية التوسع المستقبلي في القريتين مستحيلاً.
ويقف وراء المشروع وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يسعى إلى مضاعفة أعداد المستوطنين في الجولان عدة مرات حتى عام 2030.
وكانت الحكومة الإسرائيلية السابقة أقرت نهاية العام 2021 خطة لبناء 3300 وحدة استيطانية في مستوطنة "كتسرين"، كبرى المستوطنات الإسرائيلية بالجولان، و4 آلاف وحدة سكنية في "المجلس الإقليمي الاستيطاني- الجولان".
وقال الباحث حسين مرعي، من أبناء الجولان المحتل، لـ"العربي الجديد"، إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي سعت إلى استغلال الأوضاع المضطربة في سورية بعد عام 2011، من أجل تكريس احتلالها للجولان وإخراج المشاريع القديمة من الأدراج، بهدف زيادة استغلال موارد المنطقة، ومضاعفة أعداد المستوطنين فيها.
وأوضح مرعي أنه منذ إضراب أهالي الجولان عام 1982 وحتى عام 2011، تمكن أهالي الجولان من منع سلطات الاحتلال من القيام بتغييرات جوهرية في المنطقة، ولكن بعد 2011 زاد تركيز حكومة الاحتلال عليها بهدف تهويدها نهائيا.