حذر مسؤولون أمميون، يوم الثلاثاء، من أن شبح المجاعة بات يهدد مئات الآلاف من سكان قطاع غزة، في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات الكافية وفرضه حصاراً مشدداً على مناطق الشمال.
وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي عقد في نيويورك حول قضية الأمن الغذائي في غزة، بطلب من الجزائر وسويسرا وسلوفينيا وغوايانا، قال المسؤولون إن قرابة ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وإن أغلبية السكان يعانون من نوع من أنواع انعدام الأمن الغذائي.
وحذر نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، كارل سكاو، من احتمال حقيقي لحدوث مجاعة في غزة بحلول شهر مايو/أيار.
وقال إن "الأوضاع الإنسانية قبل الحرب الأخيرة كانت صعبة للغاية إذ كان ثلثا سكان غزة يعتمدون على المساعدات الغذائية. أما اليوم، فيحتاج جميع السكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة إلى المساعدات الغذائية".
ولفت إلى أن غزة "تشهد أسوأ مستوى من سوء التغذية لدى الأطفال في العالم. ويعاني طفل واحد من بين كل ستة أطفال دون سن الثانية من سوء التغذية الحاد".
وشدد المسؤول الأممي على أن برنامج الأغذية العالمي مستعد لتوسيع نطاق عملياته وبسرعة إذا كان هناك اتفاق لوقف إطلاق النار، مشيرا في الوقت ذاته إلى ظروف عمل شبه مستحيلة يواجهها موظفو الهيئة الأممية على الأرض في الوقت الحالي.
شمال غزة
ووصف المسؤول الأممي الوضع شمالي غزة بالسيئ، لافتا إلى أن برنامج الأغذية العالمي "استأنف في 18 فبراير/شباط الجاري عمليات التسليم إلى الشمال للمرة الأولى منذ ثلاثة أسابيع.
وقال: "كان هدفنا إرسال 10 شاحنات يوميًا لمدة سبعة أيام لتلبية الاحتياجات العاجلة، ولكن في يومي 18 و19 فبراير/شباط، واجهت قوافلنا مشاكل كبيرة. وكانت هناك تأخيرات عند نقاط التفتيش؛ وتعرضت إلى إطلاق النار وأعمال عنف أخرى".
وبحسب المسؤول الأممي فإن برنامج الأغذية العالمي "اضطر نتيجة لذلك إلى وقف عمليات تسليم المواد الغذائية إلى الشمال مؤقتاً حتى تتوافر الظروف التي تسمح بالتوزيع الآمن، سواء لموظفينا أو للأشخاص الذين يتلقون المساعدات".
تدمير إنتاج الغذاء
من جانبه، وصف مدير الاتصالات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، راميش راجا سينجهام، الوضع في غزة بالخطير، مشيراً إلى أن "ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع السكان، على بعد خطوة واحدة من المجاعة".
وشدد المسؤول الأممي على "أن العمليات العسكرية وانعدام الأمن والقيود الواسعة النطاق على دخول وتسليم السلع الأساسية أدت جميعها إلى تدمير إنتاج الغذاء والزراعة". وأشار إلى تحذير خبراء الأمن الغذائي من انهيار القطاع الزراعي بشكل كامل في شمال غزة بحلول شهر مايو/أيار إذا استمر الوضع الحالي.
وقال إن الأعمال العدائية ونقص الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والوقود والمياه، أدت إلى توقف إنتاج الغذاء فعلياً، بما في ذلك توقف مطاحن القمح الخمس في غزة عن العمل منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني، منبها إلى حظر إسرائيل وصول قوارب الصيادين إلى البحر في الوقت الذي كان فيه صيد الأسماك مصدرا مهما للتغذية والدخل في غزة.
وفي السياق نفسه، لفت المسؤول إلى أن "تعليق التمويل لأونروا يشكل تحديا لقدرتنا على القيام باستجابة فعالة. يعيش ما يقدر بنحو 1.7 مليون شخص، أي أكثر من ثلاثة أرباع سكان غزة، في ملاجئ الطوارئ التي تديرها أونروا وغيرها من الملاجئ العامة".
من جهته، قال نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، موريزيو مارتينا، إن التقديرات تشير إلى أن 378 ألف شخص في غزة يواجهون المرحلة الأكثر خطورة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأشار إلى أن لجنة مراجعة التصنيف الدولي للمجاعة حذرت من "أن خطر المجاعة سيزداد يوميًا، إذ تشير التقديرات إلى أن جميع سكان قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة يعيشون في أزمة أو ما هو أسوأ"، متوقعا أن يكون "حوالي 50 بالمائة من السكان في حالة طوارئ".
ردود فعل دولية
وناشد مندوبو عدد من الدول الأعضاء، بما فيها حلفاء إسرائيل كفرنسا وبريطانيا، السلطات الإسرائيلية بإدخال المساعدات الإنسانية ووقف الأعمال العدائية.
ووصف السفير الفرنسي، نيكولا دوريفيرا، الوضع في غزة بأنه لا يحتمل. وقال إنه "على الجميع احترام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك إسرائيل"، مشددا على ضرورة أن تفتح إسرائيل ميناء أسدود والمعابر الأخرى لتقديم المساعدات. وأشار إلى اعتراض بلاده على أي عملية عسكرية برية في رفح، داعيا إلى وقف إطلاق النار.
وبدا لافتا في إحاطة المندوبة البريطانية، باربارا وودود، دعوتها لكل الأطراف لوقف القتال.
وقالت السفيرة البريطانية: "نناشد إسرائيل بالسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة وتيسير التوزيع في كامل القطاع... نحن بحاجة لدخول المساعدات بدون عوائق وفتح كامل لميناء أسدود وجميع المعابر". وقالت إن بلادها تدعو إلى "وقف فوري للأعمال القتالية والعمل بعد ذلك على إحلال وقف دائم لإطلاق النار. إنه السبيل لتجنب المجاعة والتخفيف من المعاناة".