اعترضت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مساء اليوم السبت، مسيرة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، احتجاجاً على مقتل المعارض السياسي والمرشح السابق في الانتخابات التشريعية نزار بنات، كانت متجهة إلى مقر المقاطعة (الرئاسة الفلسطينية) بعد أن تم تنظيم اعتصام على دوار المنارة وسط رام الله بحضور عائلة الراحل.
وأفادت مجموعة "محامون من أجل العدالة" بأنّ الأجهزة الأمنية اعتقلت ناشطاً واعتدت على آخر، أثناء مغادرتهما الاعتصام وسط رام الله.
واعترض الأمن بسسلسة بشرية من عناصره، وسواتر حديدية، المتظاهرين للحؤول دون وصولهم إلى مقر الرئاسة الفلسطينية من دون وقوع احتكاكات.
وقال عضو "مجموعة محامون من أجل العدالة" مهند كراجة، لـ"العربي الجديد"، إنّ المجموعة أبلغت باعتقال الأجهزة الأمنية الناشط غسان السعدي بعد الاعتداء عليه، والاعتداء على الناشط أسامة جرادات بالضرب، بعد أن غادرا مركز مدينة رام الله حيث نظمت الحراكات الشعبية الاعتصام، وكانا مشاركين فيه.
وخرج في مركز رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة المئات تنديداً بمقتل بنات بحضور عائلته.
ورفع المتظاهرون، الذين قُدر عددهم بقرابة ألف شخص، لافتات ضخمة تدعو لرحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهتفوا بشعارات ضد مقتل بنات، وأخرى تطالب بحلّ السلطة الفلسطينية، مثل "ارحل" و"الشعب يريد إسقاط النظام".
وجابت بعد الاعتصام المسيرة شوارع رام الله قبل أن تتوجه إلى مقر المقاطعة (الرئاسة الفلسطينية) في المدينة.
وقال غسان بنات، شقيق نزار، خلال كلمة له أمام الحشد، إنّ "أقل ما يمكن أن يكون بديلاً عن دماء شقيقي نزار هو هدم النظام السياسي وإعادة بنائه"، مضيفاً: "لن يكون هناك أقل من هدم النظام وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني حتى يشعر أبناؤنا بالأمن والأمان، وما عدا ذلك فهو خيانة".
ووجه بنات رسالته إلى الرئيس محمود عباس قائلاً: "بالقرب من مقر مقاطعة عباس، أقول له: بالنسبة للمخاتير والختيارية الذين ترسلهم منذ أسبوع، في محاولة لأن يكون الموضوع عشائرياً، أقول من هنا إنّ نزار ابن الشعب الفلسطيني، وإن أردت أن يكون الحل على الطريقة العشائرية فخذ عطوة من كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج".
ووجه رسالة إلى رئيس الوزراء محمد اشتية قائلاً: "فيما يدعيه اشتية أننا اعتبرناه شهيداً ونريد إعطاءه راتب شهيد، هذا طبيعي لأنكم اعتدتم أن تروا الناس أرقاماً وعبيداً، ومن هنا أقول إنّ هنالك منحة ستكون باسم الشهيد نزار بنات على نفقة والده، يدرس بها الطلبة المحتاجون في الجامعات".
وتابع رسالته لاشتية: "إن كنت تعتقد أنّ أحداً من أهل نزار أو من أبناء الشعب الفلسطيني يمكن أن يجلس معك أو يعطيك صورة أو حرفاً أو كلمة، فابق منتظراً، أما محاولات تهريب كبار الضباط إلى السفارات في الخارج على شكل ملاحق عسكرية، فستتم ملاحقتهم في المطارات والطائرات في كافة أنحاء العالم".
وكان شهود عيان أكدوا أنّ حواجز عسكرية على مداخل رام الله كانت نصبت قبل موعد الاعتصام الساعة الخامسة مساء، فيما نصب مسلحون ملثمون حاجزاً على طريق القدس - رام الله.
وحمّل بيان عممه المشاركون خلال المسيرة، حمل توقيع "الحراك الشعبي للتغيير"، الرئيس عباس والمستوى السياسي بأكمله "مسؤولية ما ارتكبته وما ترتكبه الأجهزة الأمنية".
وطالب البيان بإقالة الحكومة الحالية فوراً "لفتح الباب أمام تشكيل إطار قيادي مؤقت من القوى الحية والفاعلة من داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية وخارجها، وممثلين عن المجتمع المدني والحراكات الشبابية والنسوية والعمالية وممثلين عن القوائم الانتخابية المستقلة، يقوم بتشكيل حكومة انتقالية تشرف على إجراء انتخابات عامة".
كما طالب البيان بإقالة رؤساء الأجهزة الأمنية، ومحاسبة كل من "أصدر الأوامر وقام بتنفيذ اغتيال نزار بنات، وكل من سبقه من ضحايا التعذيب في الضفة الغربية وقطاع غزة"، فضلاً عن "إعادة مأسسة الأجهزة الأمنية وإعادة الاعتبار لعقيدة أمنية وطنية ترفض التنسيق الأمني، مع إيجاد آليات لرقابة مدنية على الأجهزة الأمنية".
وطالب الحراك بـ"الوقف الفوري لكل أشكال التعدي على الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، والإطلاق الفوري لسراح كافة المعتقلين السياسيين في الضفة وغزة". كما دعا البيان حركة "فتح" لفك ارتباطها بالسلطة، ودعوة الجماهير الفلسطينية إلى الاستمرار بالوجود في الشوارع.
من جانبها، أكدت قائمة "الحرية والكرامة"، في بيان وزعته خلال مسيرة رام الله، "رفض المساومة على دم بنات"، مشددة على ضرورة "اقتصار لجنة التحقيق فقط على المحاكم العسكرية لكتيبة الاغتيال".
وطالبت القائمة، التي كان بنات مرشحاً فيها، بـ"محاكمة عادلة لجميع من يثبت تورطه ومشاركته بالقرار والتخطيط والتنفيذ في هذه الجريمة السياسية البشعة النكراء، ولضمان عدم تكرار هذه الجريمة احترام الذي يضمن حرية التعبير".
وقالت القائمة "نؤكد أنّ مرشحنا الشهيد نزار بنات، المفكر والمحلل والناقد والناطق بنبض الشارع والمعارض السياسي، انتمى فقط لفلسطين وشعبها وقضاياه، والذي وقف ضد التطبيع، ودعم المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها وضد الاحتلال، ولم يكن جزءاً من أي جهة كانت"، لافتة إلى أنّ "غير ذلك هو محض افتراء وكذب".
وحذرت القائمة من أنّ "التقاعس في تطبيق القانون والقصاص سيؤدي إلى التدويل لقضية المرشح المناضل الشهيد نزار بنات"، مؤكدة رفضها "سياسة الاعتقالات السياسية والاعتداءات على المتظاهرين السلميين والتهديد المباشر وغير المباشر لمرشحي القوائم والناشطين والحراكيين والغيورين على المصالح الوطنية".
كما أكدت أنّ "استمرار تفشي الفساد وعدم محاربته وتعطيل الانتخابات تؤثر على قدرة جماهير الشعب الفلسطيني على دعم صمود أهالي القدس، وخاصة في الشيخ جراح وسلوان، ومقاومة الاستيطان بالضفة الغربية".