أثار إعفاء وزير الداخلية التونسي، توفيق شرف الدين، عدداً من المستشارين والمسؤولين في ديوانه بالوزارة، تساؤلات كثيرة بسبب تزامنه مع تصريحات رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، أحمد نجيب الشابي، حول معلومات بلغته من ضباط ساميين بتوجه الرئيس إلى حل الأحزاب ووضع عدد من زعمائها قيد الإقامة الجبرية.
وأعلنت وزارة الداخلية، في بلاغها يوم السبت، أنه "تقرر إجراء تعديلات جزئية على تركيبة ديوان وزير الداخلية وبعض المعتمدين، وذلك إثر لقاء رئيس الجمهورية بوزير الداخلية يوم الجمعة".
وأعفى شرف الدين نحو ثلاثين مسؤولاً محلياً، كما أجرى تعديلات على تركيبة ديوانه في خطوة أثارت عديد التساؤلات حول الأسباب والتوقيت.
وكان رئيس جبهة الخلاص نجيب الشابي قال في مداخلة على قناة التاسعة، الجمعة، إن "ضباطاً ساميين في الداخلية أعلموه بهذه المعطيات"، مؤكداً أن من "بينهم ضابطاً في العمليات"، بحسب قوله.
وأضاف "هذه المعطيات ربطتها بدعوة أنصار الرئيس للتظاهر يوم 8 مايو، ووسط خوف من استهداف المقرات الحزبية لإعطاء مبرر للرئيس لحل الأحزاب".
وكان الشابي كشف، في ندوته الصحافية الخميس، أن "السلطة تستعد لحل الأحزاب السياسية وإيقاف قياداتها وبعض الشخصيات الوطنية ووضعها تحت الإقامة الجبرية"، مشيراً إلى أن "المعطيات تتضمن أيضاً أسماء الشخصيات التي سيتم استهدافها".
من جانبه، تفاعل الرئيس مع تصريحات الشابي خلال زيارته مقر وزارة الداخلية بعد ذلك، متهما معارضيه بـ"ترويج الأكاذيب وبالوقوف وراء الحرائق الأخيرة، وبأنهم يتّبعون سياسة الأرض المحروقة ويريدون حرق البلاد".
واتهم سعيد جبهة الخلاص بـ"الافتراء وهتك الأعراض (التسريبات المنسوبة إلى نادية عكاشة) والارتماء في أحضان الخارج والتمسح على الأعتاب واستجداء الخارج وبيع أنفسهم بأبخس الأثمان والخوف من الاستفتاء، وبث الأخبار الزائفة هدفه إثارة البلبلة"، داعيا القضاء إلى لعب دوره.
وأكد المحلل السياسي، شكري بن عيسى، في تصريح لـ"العربي الجديد، أن "نجيب الشابي يتحمل المسؤولية الكاملة حول تصريحاته"، مستدركاً "أتصور أن تصريحه ينبني على معطيات تحصّل عليها من مصادر في وزارة الداخلية".
وأشار بن عيسى إلى أنه "من حيث المنطق، فإن رئيس الجمهورية كلما وجد نفسه في حالة انسداد أو تأزم وعطالة وعدم تفاعل من الرأي العام ومن أنصاره، يذهب في اتجاه قرارات راديكالية".
ورجح المحلل السياسي أنه "قد تكون من بين هذه القرارات (الإعفاءات)، خاصة وأنه تصاعدت أصوات قبل عيد الفطر تفيد باتخاذه قرارات حادة ومؤلمة وقوية، وقد يذهب الترجيح بأنها قرارات حل الأحزاب والإيقافات والإقامة الجبرية التي تحدث عنها الشابي".
وتابع أن "هذا ليس مستبعداً عن تفكير رئيس الجمهورية"، خصوصاً وأن "سعيد في مأزق سياسي وفي وضع متأزم وفي حالة انسداد سياسي بعد عجزه عن تكوين لجنة صياغة الدستور التي أعلن لها منذ 14 ديسمبر".
وأضاف "هناك أيضاً تأزم مع اتحاد الشغل الذي لم يقبل بالتواجد في لجان أو في حوار نتائجه محددة مسبقاً من رئيس الجمهورية".
وأضاف بن عيسى أن "سعيد في إشكال كبير بعد التسريبات المنسوبة لمديرة ديوانه السابقة نادية عكاشة والتي وجهت له عديد الاتهامات، ويبدو أنه أكد صحة التسجيلات باعتباره قد رد عليها وتفاعل معها واستهجن تلك التصريحات التي استهدفته وطاولت عائلته ودان هتك الأعراض"، مشيرا إلى أن "ما يملكه الرئيس من استخبارات وإمكانات يمكنه من معرفة أن تلك التسجيلات أصلية أم لا".
ولفت المحلل إلى أن "تحول سعيد إلى وزارة الداخلية وخطابه المتشنج ثم استقباله وزير الداخلية في القصر من الغد، ثم قرار الوزير إزاحة بعض المستشارين أو المعاونين وإعفاء بعض المعتمدين، يفسر ذلك"، مضيفا أن "الرئيس كلما تعالت وتصاعدت أصوات أنصاره لتندد أو تطالب فهو يستجيب وهو ما يفسر قراراته الارتجالية حول إعفاء أو تعيين كثير من الأشخاص ثبت أنهم من عديمي الكفاءة أو حولهم شبهات".
وفي سياق متصل، استنكر الاتحاد الجهوي لنقابات قوات الأمن بأريانة، في بيان، تصريحات الشابي، معتبرين أنها "اتهام وادعاء خطير ما لم يثبت صحته"، داعين إلى "النأي بوزارة الداخلية عن الصراعات الحزبية والسياسية" كما دعوا القضاء للتحقيق فيها.