كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير لها، يوم الخميس، عن مقترح لدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي يحاولون كسر الجمود في المحادثات النووية مع إيران، بتقديم تنازلات جديدة مهمة لطهران تهدف إلى إنهاء تحقيق الأمم المتحدة في الأنشطة النووية السابقة لإيران على وجه السرعة.
ووفق الصحيفة، فإن نقطة الخلاف الرئيسية في المحادثات التي استمرت 16 شهراً لإحياء اتفاق 2015، والتي وضعت قيوداً على البرامج النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات، كانت تتمثل في تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المواد النووية غير المعلنة التي عُثر عليها في إيران في عام 2019.
وتؤكد إسرائيل والمسؤولون الغربيون أن هذه المواد هي دليل على أن إيران كان لديها في يوم من الأيام برنامج أسلحة ذرية سري، وهو أمر نفته طهران منذ فترة طويلة، قائلة إنها مهتمة فقط ببرنامج نووي مدني.
وفي المحادثات النووية، ضغطت إيران من أجل إنهاء التحقيق منذ مارس/آذار الماضي على الأقل. في غضون ذلك، قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون إنهم لن يتفاوضوا بشأن التحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي يقولون إنه لا علاقة لها بالاتفاق النووي.
وأوضح تقرير "وول ستريت جورنال" أن مسودة نص المقترح المقدم من الاتحاد الأوروبي تدعو إيران إلى الموافقة على معالجة مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، وإنه من المتوقع أن تجيب إيران عن أسئلة الوكالة "بهدف توضيحها".
ويقول النص، بحسب التقرير، إنه إذا تعاونت طهران فإن الولايات المتحدة والأطراف الأخرى في المحادثات ستحث مجلس الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إغلاق التحقيق.
وقال فريق الاتحاد الأوروبي، الذي يرأس المحادثات ويتولى مسؤولية صياغة الاتفاقية، إن هذا هو النص النهائي الذي سيقدمه لإحياء الاتفاق النووي.
تعهد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بعدم التخلي عن التحقيق حتى تجيب إيران بشأن مصدر المواد النووية وأين هي الآن
وإذا وافقت جميع الأطراف (الولايات المتحدة وإيران وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين)، على المقترح، فسيضع ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في موقف صعب، مع تنفيذ الاتفاق إلى حد كبير.
وامتنع متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التعليق، في وقت تعهد فيه رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بعدم التخلي عن التحقيق حتى تجيب إيران بشأن مصدر المواد النووية وأين هي الآن.
وتابعت الصحيفة أنه بعد توزيع المقترح يوم الإثنين، قال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي وأوروبيون وأميركيون إن المفاوضات انتهت الآن. وقال مصدران مطلعان على المناقشات إن الاتحاد الأوروبي أبلغ إيران والأطراف الأخرى بأنه يريد رداً بنعم أو لا على النص بحلول 15 أغسطس/آب الحالي.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله: "نحن ندرس بعناية النص النهائي الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي وسنقدم ردنا عليهم كما طلب منا".
صاغ الاتحاد الأوروبي الاقتراح لإدراج حل وسط بشأن تحقيق الضمانات في نص الاتفاق النووي وفعل ذلك بعلم الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية الثلاثة في الاتفاق
وقال مسؤول أميركي كبير إن واشنطن تريد تسوية تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأضاف أن "الطريقة الوحيدة لحدوث ذلك هي أن تزود إيران الوكالة بالمعلومات التي تحتاجها. هذا هو موقفنا بغض النظر عما إذا كان معبرًا عنه في نص تفاهم أو في مكان آخر".
وقال مسؤولون إيرانيون، الثلاثاء، إنهم بدأوا فقط في مراجعة النص، وأشاروا في الأيام الأخيرة إلى أنه قد تكون هناك حاجة لمزيد من المحادثات، وهو ما يترك مصير الاتفاقية غير مؤكد.
إلى ذلك، قال كبير المفاوضين الروس في المحادثات، يوم الخميس، إنه ليس للاتحاد الأوروبي أن يضع إنذارات في المفاوضات.
وذهب التقرير إلى أنه بينما صاغ الاتحاد الأوروبي الاقتراح لإدراج حل وسط بشأن تحقيق الضمانات في نص الاتفاق النووي، فقد فعل ذلك بعلم الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية الثلاثة في الاتفاق، فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وفقًا لأشخاص مطلعين على المحادثات.
وحددت إدارة بايدن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 كهدف رئيسي للسياسة الخارجية. وأخرجت إدارة ترامب الولايات المتحدة من الاتفاقية في عام 2018. وبعد عام بدأت إيران بشكل منهجي في انتهاك القيود النووية الواردة في الاتفاقية.
إذا لم تتعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن للوكالة أن ترسل التحقيق إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي: "النص المقدم إلى الأطراف المشاركة بعد المحادثات الأخيرة في فيينا، يتماشى مع السرية المعتادة لمثل هذه العمليات الدبلوماسية، الآن للأطراف المشاركة للنظر فيه، وليس للمناقشات في وسائل الإعلام".
ويذهب تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيران إلى جوهر مسؤوليات الوكالة، مع ضمان عدم تحويل المواد النووية في الدول الأعضاء فيها إلى أغراض عسكرية.
واتهمت الوكالة وعواصم غربية طهران بالمماطلة وتقديم إجابات مضللة. في يونيو/حزيران، حظيت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بتأييد ساحق لقرار لوم في مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدعو طهران إلى التعاون مع التحقيق.
ووفق "وول ستريت جورنال"، فإن هذه القضية حساسة للغاية بالنسبة لإيران، التي لطالما أنكرت أن لديها برنامج أسلحة نووية. ويعتقد العديد من المسؤولين الغربيين أن المواد غير المعلنة تعود إلى العمل الذي أجرته إيران في برنامج أسلحة نووية استمر حتى عام 2003 على الأقل.
وإذا لم تتعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن للوكالة أن ترسل التحقيق إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وتعتقد الصحيفة أن التعهد بإغلاق التحقيق إذا أجابت إيران عن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو رد على مزاعم طهران المتكررة بأن القوى الأميركية والأوروبية تقف وراء التحقيق وتسعى لاستخدامه كرافعة ضد طهران.
وأشارت الصحيفة إلى أنه، وفقًا لمسؤولين غربيين مطلعين على المناقشات، فقد تمت صياغة المقترح إلى حد كبير بواسطة الاتحاد الأوروبي. ولم يطلع المسؤولون الأميركيون والأوروبيون على النص حتى تم توزيعه يوم الإثنين، على الرغم من أن البعض كان يدرك أنه سيتضمن لغة وقائية.