مع احتدام المعارك في أوكرانيا، تبرز معطيات عدة حول التقاطعات بين الحالتين السورية والأوكرانية، في ظل مشاركة "سورية" متصاعدة على جبهتي الحرب، وسط توقعات بتعثر المسار السياسي في الأزمة السورية، نظراً لانشغال روسيا في الحرب الأوكرانية، وحالة العزلة التي بدأت تعيشها مع المجتمع الدولي.
وذكرت مصادر محلية أن روسيا شرعت بتجنيد الشبان في مناطق سيطرة النظام السوري للقتال في الحرب ضد أوكرانيا.
وذكر موقع "صوت العاصمة" السوري المحلي أن المندوبين المرتبطين بروسيا والعاملين على تجنيد الشبان سابقا للقتال في ليبيا بدأوا بتجهيز قوائم بأسماء الراغبين في القتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، مشيرا إلى أن عمليات تنسيق قوائم التجنيد تركزت في مدن الساحل السوري، وجنوب سورية، إضافة إلى عناصر التسويات في ريف دمشق.
وأوضح الموقع أن عملية التجنيد ما زالت مقتصرة على تنسيق قوائم الأسماء وإجراء الدراسة الأمنية، من دون إبرام أي عقد قتالي حتى اليوم، مشيراً إلى أن شروط التجنيد مشابهة للشروط المنصوص عليها في عقود التجنيد للقتال في ليبيا وفنزويلا، وتتضمن إرسال المتطوعين إلى نقاط متقدمة ضمن القواعد العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا.
وأضاف "صوت العاصمة" أن عروض التجنيد تتضمن دفع راتب شهري يصل إلى 2000 دولار أميركي للمجندين، و5 آلاف دولار لذوي القتلى، ومبلغ يصل إلى 500 دولار تعويضاً للمصابين.
وعلى الطرف الآخر، شكّل رجل أعمال أوكراني من أصل سوري كتيبة عسكرية لمجابهة الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وانتشرت رسالة مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم أمس السبت، لشخص يدعى طارق الجاسم، وهو رجل أعمال أوكراني من أصل سوري، وذلك بعد قيامه بتشكيل "كتيبة" على نفقته الشخصية لـ"الدفاع عن بلده الثاني أوكرانيا".
وقال الجاسم، المتحدر من ريف حلب، في التسجيل المصور: "أعزائي الأوكرانيين وأبناء مدينتي أوديسا، أنا موجود ولم أغادر وسوف ندافع عن أرضنا". وأضاف، ومن خلفه مجموعة من أفراد الكتيبة التي شكلها: "لقد ولدتني سورية، وربتني أوكرانيا، روسيا دمرت بلدي الأم، ولن أسمح لها بتدمير أوكرانيا، وهؤلاء الرجال مستعدون أيضاً".
وفي سياق متصل، أبدى المقاتل في "الجيش الوطني السوري"، سهيل الحمود، المعروف باسم "أبو التاو"، استعداده للذهاب إلى أوكرانيا من أجل قتال الروس. وقال أبو التاو، في تغريدة على "تويتر"، إنه يريد الذهاب إلى أوكرانيا لقتال الروس، طالباً المساعدة للوصول إلى هناك.
يعتبر أبو التاو من أبرز رماة الصواريخ الموجهة في المعارضة السورية
ويعتبر أبو التاو من أبرز رماة الصواريخ الموجهة في المعارضة السورية، حيث دمر أكثر من 100 آلية للنظام وروسيا.
من جهته، دعا الأمين العام للائتلاف الوطني السوري هيثم رحمة المجتمع الدولي إلى دعم الجيش الوطني السوري وإمداده بالعتاد النوعي، وبمضادات طيران، أسوة بأوكرانيا.
واعتبر رحمة، في تصريح نشره موقع الائتلاف أمس السبت، أن هذا الدعم "يحدّ من خيارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العسكرية في سورية، ويمنعه من تهديد دول الناتو من خلال القواعد الروسية في الساحل السوري"، محذراً من احتمال "رد بوتين على خساراته في أوكرانيا بضربات انتقامية على الشعب السوري"، وفق قوله.
وأكد رحمة أن المجتمع الدولي "ارتكب خطأً فادحاً بترك حبل بوتين على غاربه في سورية، وتركه يتمدد فيها على حساب أرواح السوريين، ما شجعه على غزو أوكرانيا، والذي إن نجح فيه، فلن يتوقف عند الأراضي الأوكرانية، ولكن مطامعه ستمتد إلى دول جديدة في العمق الأوروبي".
إلى ذلك، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن من أسمتهم مجموعات "القوميين الأوكرانيين" يستخدمون الأساليب التي اتبعها من تصفهم بـ"الإرهابيين" في القتال خلال الحرب السورية.
وذكر بيان للوزارة أن "الكتائب القومية الأوكرانية تستخدم سيارات دفع رباعي مجهزة بأسلحة من العيار الثقيل أو مدافع هاون، وهذا التكتيك كان يستخدمه الإرهابيون الدوليون في سورية".
عدو مشترك
وقال الصحافي السوري شادي العبد الله، في تعليق على هذه التطورات، إن "السوريين المخذولين من تراخي المجتمع الدولي والغرب في دعم كفاحهم ضد نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا، يجدون في أجواء الدعم الدولي لأوكرانيا ضد الغزو الروسي فرصة مواتية للانخراط في أي جهد عسكري مدعوم دوليا ضد روسيا".
وأضاف العبد الله، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المتوقع أن يزاد انخراط سوريين في أحداث الحرب الأوكرانية نظرا لوجود روسيا في الحالتين كعدو مشترك لتطلعات الشعبين السوري والأوكراني، خاصة مع نجاح روسيا العسكري في سورية بتثبيت نظام الأسد بأقل كلفة عسكرية، نظرا لغياب الدعم الدولي الحقيقي للثورة السورية".
وكان الرئيس الأوكراني قد دعا مواطني أوروبا القادرين على حمل السلاح إلى التوجه إلى أوكرانيا لمواجهة الروس، فيما أصدرت السفارة الأوكرانية في إسرائيل بيانًا عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك" عن تشكيل قوائم للتطوع في القتال ضد روسيا.
وأعلنت كل من ألمانيا وهولندا وبلجيكا والولايات المتحدة عزمها تزويد أوكرانيا بالسلاح، وقالت واشنطن إنها ستخصص 600 مليون دولار لدعم أوكرانيا عسكريًا.