الاحتفال بالذكرى الخمسين لثورة القرنفل في البرتغال وسط تصاعد الجدل حول تبعاتها

25 ابريل 2024
احتفالات في ساحة كبيرة وسط لشبونة، 25 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- البرتغال تحتفل بالذكرى الخمسين لثورة القرنفل التي أطاحت بديكتاتورية استمرت 48 عامًا وأنهت حروبًا استعمارية، مع احتفالات كبيرة ومراسم عسكرية في لشبونة ولقاءات مع رؤساء دول أفريقية استقلت بعد الثورة.
- الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا يثير جدلًا بطرح مسألة التعويضات الاستعمارية، مواجهًا انتقادات من اليمين المتطرف وزعيمه أندريه فينتورا، في ظل صعود حزب "تشيغا" كقوة سياسية ثالثة.
- ثورة القرنفل تُمجد كرمز للسلام والتحول الديمقراطي، مع تحولات اجتماعية وسياسية كبيرة أدت إلى انتخاب أول رئيس ديمقراطي وتشكيل الجمعية التأسيسية التي صاغت القانون الأساسي للبرتغال.

احتفلت البرتغال، الخميس، بالذكرى الخمسين لثورة القرنفل والانقلاب الأبيض الذي قاده ضباط شباب لإنهاء حكم ديكتاتوري استمر 48 عاما وحروبا استعمارية طالت 13 سنة. وبلغت الاحتفالات التي امتدت لأسابيع ذروتها اليوم مع مراسم عسكرية في ساحة كبيرة وسط لشبونة، عند مصب نهر تاجة. وتختتم بلقاء يجمع الرئيس البرتغالي المحافظ مارسيلو ريبيلو دي سوزا ونظرائه رؤساء الدول الأفريقية التي استقلت بعد حلول الديمقراطية، وهي أنغولا وموزامبيق وغينيا بيساو والرأس الأخضر وساو تومي وبرينسيبي، غير أن ريبيلو دي سوزا أحدث مفاجأة قبل هذه المناسبة بطرحه مسألة تعويضات استعمارية محتملة.

وقال الرئيس البرتغالي، مساء الثلاثاء، خلال اجتماع غير رسمي مع وسائل الإعلام الأجنبية في لشبونة: "نحن مسؤولون عما فعلناه هناك (...) علينا أن ندفع التكاليف". وواجه هذا الموقف على الفور معارضة من الحكومة اليمينية الجديدة المنبثقة عن انتخابات الشهر الماضي. وقال مصدر حكومي نقلاً عن صحيفة إكسبريسو الأسبوعية: "إنه موضوع سام" و"غير مناسب". وخلال "جلسة رسمية" نظمت الخميس في البرلمان، لم يذكر الرئيس اقتراحه الذي تجاهله اليسار، لكن انتقده اليمين بشدة.

وكان الزعيم اليميني المتطرف أندريه فينتورا الأكثر شراسة قد اتهم ريبيلو دي سوزا بـ"خيانة البرتغاليين". وقال: "أدفع ماذا؟ أدفع لمن؟ (...) أنا فخور بتاريخ هذا البلد". وتنظم الاحتفالات بإحلال الديمقراطية في البرتغال هذا العام في أجواء تتسم أيضًا باختراق انتخابي جديد لليمين المتطرف، إذ عزز حزب "تشيغا" (كفى) مكانته قوةً سياسيةً ثالثةً في البلاد بحصوله على 18 بالمئة من الأصوات.

وكشف استطلاع للرأي نشر الأسبوع الماضي أن نصف الذين شملهم يرون أن النظام الاستبدادي الذي أُطيح في 1974 كانت له جوانب سلبية أكثر من الجوانب الإيجابية، لكن خمسهم قالوا عكس ذلك. ورأى 65 بالمئة من هذه العينة أن ثورة 25 إبريل/ نيسان كانت أهم حدث في تاريخ البرتغال، متقدمة على انضمام هذا البلد إلى الاتحاد الأوروبي في 1986، أو نهاية النظام الملكي في 1910.

وقال الكولونيل المتقاعد فاسكو لورينسو رئيس "جمعية 25 إبريل" وريثة "حركة النقباء" التي نظمت الانتفاضة، لوكالة فرانس برس إن "الدافع الرئيسي كان حل مشكلة الحرب الاستعمارية". وشهد مانويل ليما المتقاعد الذي كان يحضر العرض العسكري صباح الخميس: "كان عمري 20 عاما، و(ثورة) 25 إبريل جنبتني الذهاب إلى الحرب، لذلك كان الأمر مهما جدا بالنسبة لي".

بطولة

وأطلق اسم ثورة القرنفل على هذا الحراك لأن السكان الذين وقفوا على الفور مع الانقلابيين وزعوا زهور الربيع هذه على بعض الجنود الذين زرعوها في فوهات بنادقهم. وتقول المؤرخة ماريا إيناسيا ريزولا، المسؤولة عن البرنامج الواسع لإحياء الذكرى، إن "الصور التي التقطت في ذلك اليوم خصوصا هي التي حولت القرنفل الأحمر إلى رمز لثورة 25 إبريل، ومنحت في نهاية المطاف رؤية رومنسية وشاعرية لعمل كان فيه الكثير من البطولة، وإن كانت هذه الثورة سلمية".

وخلال سنوات الرصاص التي تميزت بشعار الديكتاتور أنطونيو سالازار "الله، الوطن، الأسرة"، بقيت البرتغال "دولة فقيرة ومتخلفة وأمية ومعزولة عن بقية العالم"، كما تصفها ريزولا. وبعد أشهر من توتر كاد أن يتحول إلى حرب أهلية، اختتمت الفترة الثورية في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1975 بتدخل عسكري من قبل الجنرال أنطونيو رامالهو إينيس، الذي أصبح في العام التالي أول رئيس منتخب ديمقراطيًا للبرتغال وكان حاضرًا الخميس في البرلمان. ومن الشخصيات الرئيسية الأخرى في ذلك الوقت، فاز الاشتراكي ماريو سواريش بأول انتخابات حرة بالاقتراع العام، نظمت في 25 إبريل 1975 لتشكيل الجمعية التأسيسية التي صاغت القانون الأساسي الحالي للبلاد.

(فرانس برس)