استمع إلى الملخص
- **الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان**: عرض وزير الخارجية المصري التقرير التنفيذي الثاني للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي تهدف إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر من خلال مبادرات لتعزيز حقوق المرأة والشباب والطفل وكبار السن وذوي الإعاقة.
- **انتقادات وتحليل الاستراتيجية**: أشار مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى أن الاستراتيجية تهدف لإيهام المجتمع الدولي بوجود إصلاحات، بينما لم تتحسن الأوضاع فعليًا. أكد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن الاستراتيجية لم تحقق تقدمًا ملموسًا.
أصدرت نيابة أمن الدولة العليا المصرية، الأحد الماضي، قرارها بتجديد حبس المترجم ورسام الكاريكاتير المصري أشرف عمر لمدة 15 يوماً، للمرة الثانية منذ القبض عليه في 22 يوليو/تموز الماضي، الذي اشتكى محاموه وزوجته من تعرضه للتعذيب والضرب المبرح والصعق بالكهرباء داخل محبسه. حصل ذلك قبل ساعات قليلة من عرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على الرئيس عبد الفتاح السيسي، التقرير التنفيذي الثاني لما تسمى "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، أول من أمس الاثنين، المتعلق بملف حقوق الإنسان في مصر، مع تثمين السيسي "الجهود التي تبذلها اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، وكافة الجهات الوطنية"، موجّهاً بـ"مواصلتها على نحو مكثف خلال الفترة المقبلة، لاستكمال تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية، وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان في مصر بمفهومها الشامل، وضمان تمتع المواطنين بحقوقهم الدستورية، وترسيخ أسس المواطنة وسيادة القانون وعدم التمييز".
الاعتداء على أشرف عمر
وكشفت المترجمة المصرية ندى مغيث، زوجة عمر، في منشور على صفحتها على منصة فيسبوك، أمس الثلاثاء، عن تعرّض زوجها للتعذيب والصعق بالكهرباء، قائلة إن "كل ما يحدث من تعد وانتهاكات، هو قفز على الدستور والقانون وكل المواثيق الحقوقية". وأشارت إلى ما حدث مع زوجها من "إخفاء قسري واحتجاز وتعذيب وصعق بالكهرباء وعدم السماح لمحاميه برؤيته والانفراد به وعدم السماح للأسرة بالاطمئنان عليه حتى اليوم". وطالبت مغيث الدولة المصرية بـ"التحقيق في أمر تعذيبه، والأموال والأجهزة التي لم تثبت في الأحراز"، كما طالبت النيابة بإخلاء سبيله بأي ضمان. وبحسب بيان للمتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أحمد فهمي، فإن التقرير الذي عرضه وزير الخارجية على السيسي، تضمّن "كافة المبادرات والبرامج والمشروعات التي تم تنفيذها في المحاور الأربعة للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي جرى إعدادها بمبادرة مصرية خالصة، بهدف الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، سياسياً ومدنياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وتعزيز حقوق المرأة والشباب والطفل وكبار السن وذوي الإعاقة، من خلال تطوير البنية التشريعية والمؤسسية ذات الصلة، ونشر ثقافة حقوق الإنسان وبناء قدرات العاملين في جميع أجهزة الدولة".
خلف البيومي: مر على الاستراتيجية الوطنية أكثر من سنتين ولم تتحسن الأوضاع
وكان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قد أصدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 تحليلاً موجزاً للاستراتيجية الوطنية من أجل حقوق الإنسان في مصر التي أطلقها السيسي في 11 سبتمبر/ أيلول 2020، تحت عنوان "مناورة لإيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن عملية إصلاح سياسي تجرى في مصر"، خلص فيه المركز إلى أن الاستراتيجية "تنكر الواقع الكارثي لأزمة حقوق الإنسان في مصر وتهدف إلى إيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن هناك عملية إصلاح سياسي تجرى في مصر، ومن ثم تكريس هذا الواقع المأساوي وتحصينه من الانتقاد الدولي".
في السياق، قال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف البيومي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الاستراتيجية الوطنية أُعلنت من داخل وزارة الخارجية، وذلك يوضح أن الهدف الأساسي كان مخاطبة الخارج أكثر منه تحسين أوضاع السجون، ومع ذلك انتظرنا أشهراً للوقوف على إجراءات فعلية فلم نجد، إذ مر على هذه الاستراتيجية أكثر من سنتين ولم تتحسن الأوضاع"، مضيفاً أن "ما يحدث هذه الأيام، هي محاولة من الدولة لتحسين الصورة قبل دورة الاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة للملف المصري". وتابع البيومي: "كلمات السيسي مكررة، وكذلك كلمات كل رجال الدولة، فلم نجد أي إجراء جاد بشأن الحبس الاحتياطي أو لوقف المحاكمات العسكرية لغير المدنيين أو للحد من تجاوزات الشرطة داخل السجون ومقار الاحتجاز، ونحن سئمنا من إجراءات شكلية تتمثل في تغيير الأسماء من دون أثر لذلك على حالة حقوق الإنسان".
ومن المقرر أن تقدّم مصر استعراضها الدوري الشامل في الفترة بين 4 و15 نوفمبر المقبل أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سويسرا. والاستعراض الدوري الشامل هو آلية تُدعى بموجبه كل دولة عضوة في الأمم المتحدة إلى إجراء استعراض سجلّها في مجال حقوق الإنسان مرة كل أربع سنوات. ويتيح الاستعراض الدوري الشامل لكل دولة فرصة تقديم تقرير عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين حالة حقوق الإنسان في بلدانها، والتغلب على التحديات التي تعيق التمتع بحقوق الإنسان. ويهدف الاستعراض، الذي أنشأته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس/ آذار 2006 بموجب القرار 60/251، إلى حث الدول على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ودعمها وتوسيع نطاقها في كل بلد.
ملف حقوق الإنسان في مصر
وحول الاستراتيجية الوطنية المصرية في ملف حقوق الإنسان في مصر قال أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الاستراتيجية صدرت في سبتمبر 2021 قبل مؤتمر المناخ في شرم الشيخ في نوفمبر 2021، استعداداً لانتقادات من جمعيات ومؤسسات حقوق إنسان دولية ودول غربية". وأوضح أن "الاستراتيجية وُضعت لمدة خمس سنوات بين عامي 2021 و2026، عبر إنشاء مؤسسات تدعم حقوق الإنسان، تركز على أربعة محاور: الحقوق المدنية والسياسية، ومحور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومحور حقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوي القدرات الخاصة والشباب وكبار السن، ومحور التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان".
سعيد صادق: الاستراتيجية تحتاج إلى ثورة في التعليم والإعلام وتطبيق القوانين
ولفت صادق إلى أن الاستراتيجية "تواجه عوائق مثل الثقافة العامة تجاه الأقليات الدينية والمرأة"، قائلاً إنها "تحتاج إلى ثورة في التعليم والإعلام وتطبيق القوانين، فمثلاً لم يعاقب من يدعو لعدم تهنئة الأقباط في أعيادهم أو يدعم قتلة النساء مثل طالبة المنصورة". وتابع أن "الاستراتيجية تعتمد على خلق مؤسسات أكثر من تغيير السياسات، وهذا يتطلب تغيير ثقافة المؤسسات الحاكمة والقوانين، وهذا حتى الآن لم يحدث ويطبق، مثل إلغاء الحبس الاحتياطي لمدد طويلة"، مؤكداً أنه "مع تصاعد معدلات الفقر والتضخم وعدم الاستقرار السياسي والأمني إقليمياً، قد يكون من الصعب سياسياً تطبيق هذه الاستراتيجية الآن".