يتجه أكثر من 730 ألف ناخب وناخبة في الكويت، اليوم الخميس، إلى صناديق الاقتراع، لاختيار 50 نائباً عبر الاقتراع السري المباشر، من بين 305 مرشحين بينهم 22 امرأة، في انتخابات مجلس الأمة (البرلمان)، والتي تُعقد للمرة الثانية في عهد حاكم الكويت الجديد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عقب توليه منصب الأمير أواخر سبتمبر/أيلول 2020. وتأتي الانتخابات بعد قراره حلّ مجلس الأمة رسمياً في 2 أغسطس/آب الماضي، عقب أزمة حادة بين الحكومة والبرلمان.
وكان أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الصباح، قد أعلن في 22 يونيو/حزيران الماضي، في خطاب ألقاه نيابةً عنه ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، التوجه لحلّ مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات عامة.
وجاء في الخطاب الأميري حينها "إننا لن نحيد عن الدستور، ولن نقوم بتعديله، ولا تنقيحه ولا تعطيله، ولا تعليقه ولا حتى المساس به". وأكد عدم التدخل في خيارات الشعب لممثليه في مجلس الأمة المقبل، وأن المجلس سيكون سيد قراراته.
من المتوقع أن يحظى أحمد السعدون برئاسة مجلس الأمة في حال فوزه
خمس دوائر انتخابية في الكويت
وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وذلك وفقاً لمرسوم الصوت الواحد، الذي أقره أمير الكويت السابق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عبر قانون "مرسوم الضرورة" عام 2012، وقلل بموجبه أصوات الناخبين من أربعة أصوات إلى صوت واحد.
ويبلغ عدد المرشحين في الدائرة الأولى 48 بينهم 3 نساء، وكذلك 48 مرشحاً في الدائرة الثانية بينهم 4 نساء، و47 مرشحاً في الدائرة الثالثة بينهم 8 نساء، و80 مرشحاً في الدائرة الرابعة بينهم 5 نساء، و82 مرشحاً في الدائرة الخامسة، بينهم امرأتان.
عودة مقاطعين للانتخابات الكويتية
ويخوض الانتخابات بعد غياب دام عشرة أعوام بسبب مقاطعته الانتخابات وفق نظام الصوت الواحد، رئيس مجلس الأمة السابق، وعرّاب العمل البرلماني منذ سبعينيات القرن الماضي، أحمد عبد العزيز السعدون، عن الدائرة الثالثة.
ومن المتوقع أن يحظى السعدون برئاسة المجلس في حال فوزه، في ظل قبول واسع له من الشارع الكويتي. كما تمكّنه خبرته البرلمانية وتاريخه السياسي الطويل من الحصول على تأييد المعارضة كاسم توافقي قادر على توحيد صفوفها في المرحلة المقبلة.
كذلك فهو يتمتع بقبول من طرف الحكومة الكويتية لقدرته على إدارة الجلسات بحيادية من دون انحياز، وهو ما تفضّله الحكومة الجديدة لتحقيق التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
كذلك تشهد الانتخابات، عودة "حركة العمل الشعبي" (حشد)، والتي يتزعمها النائب السابق والمعارض البارز مسلّم البراك، عن قرارها بالمقاطعة، ومشاركتها بثلاثة مرشحين، هم متعب عايد الرثعان في الدائرة الرابعة، ومحمد مساعد الدوسري في الدائرة الخامسة، وباسل البحراني في الدائرة الأولى.
تشهد الانتخابات عودة "حركة العمل الشعبي"، التي يتزعمها النائب السابق والمعارض البارز مسلّم البراك
كما يعود "المنبر الديمقراطي الكويتي"، المقاطع للانتخابات هو الآخر، إلى المشاركة عبر ممثله الوحيد عزام بدر العميم عن الدائرة الثالثة. وتعدّ هذه الانتخابات تحدياً حقيقياً للطرفين، بإمكانية حصول مرشحيهما على مقاعد في البرلمان، خصوصاً بعد غياب كوادرهما عقداً كاملاً عن ممارسة العمل الانتخابي.
وفي السياق، قال الأمين العام لـ"المنبر الديمقراطي الكويتي"، عبد الهادي السنافي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "المنبر عقد جمعيته العمومية في 19 مارس/آذار الماضي، وانتهت بعد آراء متباينة، إلى موافقة الأغلبية بفارق ضئيل، على إلغاء قرار مقاطعة انتخابات مجلس الأمة، ولكن من دون اتخاذ قرار بالمشاركة".
وأوضح أن المنبر "قرر المشاركة في الانتخابات، تحديداً في الأسبوع الذي سبق فتح باب الترشح للانتخابات". وعن الأسباب التي دعتهم إلى المشاركة، قال السنافي: "كان الخطاب الأميري مؤثراً في القرار، بالإضافة إلى المرسوم الأميري بالتصويت وفق العنوان في البطاقة المدنية، مما حفّزنا على المشاركة".
مشاركة الإسلاميين في الانتخابات الكويتية
وتخوض "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، الانتخابات بخمسة مرشحين، هم النائب السابق أسامة الشاهين في الدائرة الأولى، والنائب السابق حمد المطر في الدائرة الثانية، والنائب السابق عبد العزيز الصقعبي في الدائرة الثالثة، ومعاذ مبارك الدويلة في الدائرة الرابعة، وسعد حوفان الهاجري في الدائرة الخامسة.
كما يخوض مقربون منها الانتخابات، مثل النائب السابق عبد الله فهاد العنزي وسالم الجارالله الحسيني في الدائرة الرابعة، وفلاح ضاحي الهاجري وبدر نشمي العنزي في الدائرة الثانية، وسعود فلاح الصواغ في الدائرة الخامسة.
ويخوض "التجمع السلفي"، الذي كان أحد أبرز التيارات السياسية في البلاد، ويُعدّ المظلة السياسية الرئيسية للتيار السلفي في الكويت، الانتخابات بخمسة مرشحين، هم فهد المسعود في الدائرة الثانية، وحمد العبيد في الدائرة الثالثة، والنائب السابق فايز غنام الجمهور ومبارك الطشة في الدائرة الرابعة، والنائب السابق حمود الحمدان في الدائرة الخامسة.
وفشل "التجمع السلفي" في الحصول على أي مقعد برلماني في انتخابات مجلس الأمة 2016، بينما ظفر بمقعد وحيد في الانتخابات الماضية 2020، ومن المتوقع أن يحظى بمقعدين في هذه الانتخابات.
من جهته، يخوض "تجمع ثوابت الأمة" (السلفي) الانتخابات بمرشحيْن، هما النائب السابق محمد هايف المطيري في الدائرة الرابعة، والنائب السابق أسامة المناور في الدائرة الثالثة. ويتقن "تجمع ثوابت الأمة" فن الانتخابات، إذ حافظ على تواجده في البرلمان في الدورتين الماضيتين، وتبدو فرصته سانحة للدورة الثالثة على التوالي.
جابر باقر: قد تسفر نتائج الانتخابات عن تغيير بنسبة تتجاوز 60 في المائة
كما تبدو حظوظ السلفيين المستقلين عالية في هذه الانتخابات، إذ يتمتع النائب السابق عادل الدمخي بحظوظ مرتفعة في الدائرة الأولى، إلى جانب النائب السابق عمار العجمي في الدائرة الثالثة، والنائبين السابقين أحمد مطيع العازمي وصالح ذياب المطيري في الدائرة الخامسة.
كذلك يخوض "التآلف الإسلامي الوطني" (الشيعي)، الانتخابات بأربعة مرشحين، هم النائب السابق أحمد لاري في الدائرة الأولى، وهو الأوفر حظاً بالنجاح في الوصول إلى مقعد في مجلس الأمة، والنائب السابق خليل أبل في الدائرة الثالثة، والنائب السابق مبارك النجادة في الدائرة الرابعة، وهاني حسين شمس في الدائرة الخامسة، والذين تبدو فرصهم أضعف بسبب شدة المنافسة في دوائرهم الانتخابية.
حظوظ المرشحين في الانتخابات البرلمانية الكويتية
وتنطلق الانتخابات من نسبة تغيير بواقع 14 في المائة، بسبب عدم ترشح سبعة أعضاء من مجلس الأمة المنحلّ، أبرزهم مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة لثلاث دورات متتالية 2013 و2016 و2020، والبرلماني المخضرم عدنان عبد الصمد، والذي حافظ على مقعد "التحالف الإسلامي الوطني" (الشيعي) منذ مجلس عام 1981، ولم يغب عن البرلمان سوى مرتين في مجلسي 1985 و2003. إلى جانب كل من النواب السابقين سعود أبو صليب، وعبد الله الطريجي، ويوسف الفضالة، وسلمان الحليلة، وناصر الدوسري.
ويتوقع الخبير في شؤون الانتخابات جابر باقر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تسفر نتائج الانتخابات عن تغيير بنسبة تتجاوز 60 في المائة.
كذلك، يتوقع أن تكون "حظوظ المرشحين المستقلين في الانتخابات، أعلى من مرشحي التيارات السياسية، بالإضافة إلى حصول القبائل على الحصة الأكبر من عدد المقاعد، ويأتي خلفهم الإسلاميون".
تحديات أمام مجلس الأمة الجديد
ويرى باقر أن "المجلس الجديد لن يستمر، لأنه سيواجه طعناً في المحكمة الدستورية، بسبب أخطاء إجرائية قامت بها الحكومة، وإقرارها مرسوم ضرورة، بالتصويت وفق العنوان في البطاقة المدنية، مما سيبطل المجلس، لبطلان عملية الانتخابات برمّتها". أما إذا حصّنت المحكمة الدستورية مرسوم الضرورة، فيرى أن مجلس الأمة "أيضاً لن يدوم أكثر من عام".
المجلس المقبل لن يكون قادراً على مواجهة تحديات الظروف الإقليمية
ويعتقد باقر أن "المجلس المقبل لن يكون قادراً على مواجهة تحديات الظروف الإقليمية، التي تحتم واقعاً مختلفاً"، ويرى أن "الحكومة الجديدة أكبر من سيدفع ثمن حل مجلس الأمة السابق".
وعن حظوظ المرأة في هذه الانتخابات، فلا يرى باقر حظوظاً سوى لامرأة واحدة فقط قد تخطف مقعدها في البرلمان.
وأعلنت "إدارة شؤون الانتخابات" التابعة لوزارة الداخلية الكويتية، عن جاهزية اللجان الانتخابية لاستقبال الناخبين، وقد بلغ عدد مراكز الاقتراع 118، بينما بلغ عدد اللجان الانتخابية 759 ما بين أصلية وفرعية، في الدوائر الانتخابية الخمس.
والشهر الماضي، أعلن مجلس الوزراء الكويتي عن تعطيل العمل بالجهات الحكومية يوم انتخاب مجلس الأمة، الموافق اليوم الخميس، واعتباره يوم راحة.