الانتخابات المحلية البريطانية: المحافظون يخسرون مئات المقاعد ونصر تاريخي لـ"شين فين" المؤيد لتوحيد أيرلندا
بدأ حزب "شين فين" الاحتفال بتحقيقه نصراً تاريخياً بعدما كشفت النتائج الأولى لعملية فرز الأصوات الطويلة التي استؤنفت، اليوم السبت، في أيرلندا الشمالية تقدماً واضحاً لهذا الحزب القومي في انتخابات المجلس المحلي، في تحول يمكن أن يؤدي إلى إعادة رسم الملامح السياسية للمملكة المتحدة.
ويأتي ذلك، وفق ما نشرته صحيفة ذا غارديان البريطانية، رغم تحذيرات من "الحزب الديمقراطي الوحدي" بأنه سيعرقل تشكيل الحكومة المحلية ما لم يتم تغيير البرتوكول الخاص بأيرلندا الشمالية.
وبروتوكول أيرلندا الشمالية الذي تم التفاوض بشأنه بصعوبة كجزء من اتفاق بريكست يبقي بحكم الواقع المقاطعة البريطانية في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي للسلع، من خلال ضوابط جمركية على البضائع الآتية إلى أيرلندا الشمالية من المملكة المتحدة ويفصلهما البحر.
وهدف البروتوكول هو منع إجراء عمليات مراقبة بين المقاطعة وجمهورية أيرلندا إلى الجنوب، وبالتالي تجنب إعادة حدود بين المنطقتين والتي يمكن أن تعرض السلام في أيرلندا الشمالية للخطر.
ويشترط "الحزب الوحدوي الديموقراطي" لمشاركته في سلطة تنفيذية جديدة أن تتخذ حكومة لندن "إجراء حاسم" في مواجهة الضوابط الجمركية التي فرضت مع "بريكست" وتهدد كما يرى الحزب مكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة.
وفيما تم تجديد أعضاء البرلمان المحلي في أيرلندا الشمالية (ستورمونت) البالغ عددهم 90، استؤنف السبت فرز الأصوات الذي توقف خلال الليل.
وكشفت حتى الآن تقدماً واضحاً لـ"شين فين"، الحزب الذي يدعو إلى إعادة التوحيد مع أيرلندا، بحصوله على 18 من 47 مقعداً، مقابل 12 مقعداً لمنافسه "الحزب الديمقراطي الوحدوي" المؤيد للتاج البريطاني.
"تغيير حقيقي"
حصل "شين فين"، الواجهة السياسية السابقة للمنظمة شبه العسكرية "الجيش الجمهوري الأيرلندي" من قبل على أكبر عدد من الأصوات كحزب مفضل (29 بالمائة مقابل 21,3 بالمائة للحزب الديموقراطي الوحدوي)، وأصبح الحزب الأول في أيرلندا الشمالية.
وفي حال تأكد ذلك في عدد المقاعد، فستكون هذه المرة الأولى التي يحتل فيها هذا الحزب المرتبة الأولى في البرلمان المحلي منذ مائة عام من تاريخ المقاطعة البريطانية التي تشهد توتراً منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتحدثت ميشيل أونيل نائبة رئيس الحزب التي أعيد انتخابها عن "انتخابات التغيير الحقيقي". وسيدفعها فوز الحزب إلى منصب رئاسة الحكومة المحلية التي يفترض أن يشارك في إدارتها القوميون والنقابيون بموجب اتفاق السلام الموقع في 1998.
أما رئيسة الحكومة الاسكتلندية فقالت في تصريح لها إن ما حققه "شين فين" في أيرلندا الشمالية يوضح أن هناك "تساؤلات كبرى" ستطرح حول مستقبل المملكة المتحدة "ككيان سياسي".
ويمكن أن تؤدي النتائج إلى إعادة تعريف المملكة المتحدة، ولو أن حزب "شين فين" ركز أولوياته على المسائل الاجتماعية على حساب مطلب إعادة التوحيد، وأن المحادثات لتشكيل حكومة تنذر بصعوبة مع خطر الوصول إلى شلل سياسي.
وحزب "تحالف" الوسطي الذي يدعو شعب أيرلندا الشمالية إلى التغلب على انقساماته هو التشكيل الآخر الذي سيخرج أقوى من الاقتراع.
"خطة عمل حقيقية"
وفي أماكن أخرى من البلاد، تلقى حزب "المحافظين" بقيادة رئيس الوزراء بوريس جونسون ضربة قوية بعد خسارة مئات المقاعد وعشرات المجالس لصالح حزب "العمال" الذي انتزع ثلاثة معاقل للمحافظين في لندن، وأحزاب أصغر، أي "الليبراليين الديموقراطيين" ودعاة حماية البيئة (الخضر) في جنوب انكلترا.
أما في اسكتلندا، فعزز "الحزب القومي الاسكتلندي" موقعه، يليه حزب "العمال" الذي انتزع المركز الثاني من حزب "المحافظين"، وبقي حزب "العمال" في المركز الأول في ويلز.
وشكلت هذه الانتخابات التي تركز تقليدياً على قضايا محلية جداً وتشهد مشاركة ضئيلة مقياساً للمرة الأولى لحجم تأثير فضيحة الحفلات في مقر رئاسة الحكومة خلال إجراءات الحجر، والتي أدت إلى فرض غرامة على جونسون.
ويواجه المحافظون الذين يتولون السلطة منذ 12 عاماً انتقادات بسبب الدعم غير الكافي للأسر التي تعاني من التضخم الذي يتوقع أن تتجاوز نسبته 10 بالمائة في الأشهر المقبلة.
واعترف بوريس جونسون بأن "النتائج مثيرة للجدل" وأن الوضع "صعب" للمحافظين في بعض المناطق، لكنه تحدث عن مكاسب في مناطق أخرى، مؤكداً أنه مصمم على البقاء في السلطة لمعالجة مشكلات البريطانيين.
لكن هذه النتائج السيئة تضعف رئيس الحكومة، مما يدفع النواب المحافظين القلقين مع اقتراب الانتخابات التشريعية في 2024 إلى التشكيك في جدوى الاستمرار في دعمه.
وقال سايمن أوشيروود أستاذ العلوم السياسية في جامعة "أوبن يونيفرسيتي" لوكالة "فرانس برس" إنه من أجل إقناع المترددين يجب على بوريس جونسون تقديم "خطة عمل حقيقية" الثلاثاء في خطاب العرش التقليدي الذي يسمح للحكومة بعرض أولوياتها أمام البرلمان.
وأضاف أن الأمر يتعلّق بإثبات أن "هذه الحكومة تسيطر على الوضع في ما يتعلق بغلاء المعيشة أو مسألة أوكرانيا" على حد سواء.
ويعارض بعض النواب المحافظين بوريس جونسون لكن أنصاره يفضلون أن يروا في انتخابات منتصف الولاية تراجعاً اعتيادياً في منتصف الولاية، بدلاً من اعتباره بداية النهاية لزعيم حزب المحافظين الذي تمكن من الحد من الأضرار في المناطق الشعبية في وسط وشمال إنكلترا.