أعلنت الكويت النتائج الرسمية لانتخابات مجلس الأمة (البرلمان)، التي عُقدت أمس الخميس، بعد انتهاء عمليات الفرز في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، مع اكتساح عرّاب العمل البرلماني أحمد عبد العزيز السعدون وفوزه بالمركز الأول.
وشهدت العملية الانتخابية إقبالًا واسعًا أسفر عن نسبة تغيير بلغت 54 في المائة عن المجلس السابق، باحتساب عدد أعضاء المجلس المنحلّ الذين فضّلوا عدم خوض الانتخابات الحالية، فيما تخطت نسبة التصويت في هذه الانتخابات 70 في المائة، بحسب مراقبين للانتخابات.
كما شهدت دخول 27 عضواً جديداً إلى مجلس الأمة، منهم 15 مرشحاً لم يسبق لهم الحصول على عضوية البرلمان من قبل، و12 نائباً من نواب المجالس السابقة، وبينما لم يترشح سبعة من أعضاء مجلس الأمة 2020، فقد فشل 20 عضواً في الحفاظ على مقاعدهم البرلمانية.
وبلغت نسبة التغيير في الدائرة الأولى 60 في المائة، وفي الدائرة الثانية 60 في المائة، وفي الدائرة الثالثة 50 في المائة، وفي الدائرة الرابعة 50 في المائة، وفي الدائرة الخامسة 60 في المائة.
وانطلقت الانتخابات من نسبة تغيير بواقع 14 في المائة، لعدم ترشح سبعة أعضاء من المجلس السابق، أبرزهم مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة لثلاث دورات متتالية 2013 و2016 و2020، والبرلماني المخضرم عدنان عبد الصمد، والذي حافظ على مقعد "التحالف الإسلامي الوطني" (الشيعي) منذ مجلس عام 1981، ولم يغب عن البرلمان سوى مرتين في مجلسي 1985 و2003، إلى جانب كل من النواب السابقين سعود أبو صليب، وعبد الله الطريجي، ويوسف الفضالة، وسلمان الحليلة، وناصر الدوسري.
اكتساح أحمد عبد العزيز السعدون
واكتسح نتائج الانتخابات رئيس مجلس الأمة السابق وعرّاب العمل البرلماني منذ سبعينيات القرن الماضي أحمد عبد العزيز السعدون، بحصوله على المركز الأول في الدائرة الثالثة بـ12239 صوتاً، وهو الرقم الأكبر في تاريخ انتخابات مجلس الأمة منذ تطبيق نظام الصوت الواحد.
ومن المتوقع أن يحظى السعدون برئاسة المجلس بعد فوزه، في ظل قبول واسع له من الشارع الكويتي، وهو ما عكسه اكتساحه في نتائج الانتخابات، إذ تمكّنه خبرته البرلمانية وتاريخه السياسي الطويل من الحصول على تأييد المعارضة كاسم توافقي قادر على توحيد صفوفها في المرحلة المقبلة، كما يتمتع بقبول من طرف الحكومة الكويتية لقدرته على إدارة الجلسات بحيادية من دون انحياز، وهو ما تفضّله الحكومة الجديدة لتحقيق التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأعلن النائب السابق المعارض مبارك هيف الحجرف، الذي حلّ رابعاً بـ6315 صوتاً في الدائرة الرابعة، عبر حسابه في "تويتر"، بعد إعلان نتائج الانتخابات، عن عزمه على الترشح لمنصب نائب رئيس مجلس الأمة، "لإرساء مرحلة جديدة من العمل البرلماني الناجح والهادف لرفعة البلاد"، وفق تعبيره.
وحصل أعضاء المعارضة في المجلس المنحلّ على مراكز متقدمة في الانتخابات، وحلّ النائب السابق مهلهل المضف ثانياً في الدائرة الثالثة بـ7005 أصوات، بينما جاء النائب السابق عبد الكريم الكندري ثالثاً في الدائرة ذاتها بـ6915 صوتاً، تبعهما في المركز الرابع النائب السابق مهند الساير بـ5998 صوتاً.
وفي الدائرة الأولى، حصل كل من المعارضيْن النائب السابق عبد الله المضف على المركز الأول بـ6375 صوتاً، والنائب السابق المنتمي إلى الطائفة الشيعية حسن جوهر على المركز الثاني بـ6332 صوتاً.
وتصدر في الدائرة الثانية كل من المعارضيْن النائب السابق بدر الملا بحصوله على المركز الأول بـ7285 صوتاً، والنائب السابق محمد المطير ثانياً بحصوله على 4364 صوتاً.
وحصل النائب السابق المعارض شعيب المويزري على المركز الأول في الدائرة الرابعة بـ9762 صوتاً، والنائب السابق المعارض حمدان العازمي على المركز الأول في الدائرة الخامسة بـ11394 صوتاً.
وعادت المرأة في هذه الانتخابات إلى مجلس الأمة، بعد غيابها في المجلس الماضي، وذلك بفوز عالية الخالد في الدائرة الثانية، وفوز وزيرة الأشغال ووزيرة الإسكان السابقة جنان بوشهري في الدائرة الثالثة.
"الإخوان المسلمون"
وحافظت "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، على مقاعدها الثلاثة في المجلس السابق، وهم النائب السابق أسامة الشاهين في الدائرة الأولى، والنائب السابق حمد المطر في الدائرة الثالثة، والنائب السابق عبد العزيز الصقعبي في الدائرة الثالثة، فيما لم تتمكن من إيصال مرشحها في الدائرة الرابعة معاذ مبارك الدويلة، ومرشحها في الدائرة الخامسة سعد حوفان الهاجري إلى مجلس الأمة، حيث خاضت الانتخابات بخمسة مرشحين.
بينما تمكن مرشحون مقربون من الإخوان المسلمين من الفوز في عضوية مجلس الأمة، مثل النائب السابق عبد الله فهاد العنزي في الدائرة الرابعة، وفلاح ضاحي الهاجري في الدائرة الثانية.
"التيار السلفي"
واستطاع "التجمع السلفي"، الذي كان أحد أبرز التيارات السياسية في البلاد، ويُعدّ المظلة السياسية الرئيسية للتيار السلفي في الكويت، الحصول على مقعدين في مجلس الأمة، بعد مقعد وحيد في المجلس السابق، بفوز مرشحيْه حمد العبيد في الدائرة الثالثة، ومبارك الطشة في الدائرة الرابعة.
بجانبه "تجمع ثوابت الأمة" (السلفي)، والذي يتقن فن الانتخابات، بمحافظته على وجوده في مجلس الأمة للدورة الثالثة على التوالي، بفوز مرشحه محمد هايف المطيري في الدائرة الرابعة.
وحجز كل من السلفييْن المستقليْن عادل الدمخي في الدائرة الأولى، وعمار العجمي في الدائرة الثالثة، مقعديهما في مجلس الأمة، والذي لم يكن مفاجئاً نجاحهما، بسبب حظوظهما المرتفعة قبل الانتخابات.
تيارات أخرى
وفجّر "التآلف الإسلامي الوطني" (الشيعي)، مفاجأة بوصول ثلاثة من أصل أربعة من مرشحيه إلى مجلس الأمة، وهم النائب السابق أحمد لاري في الدائرة الأولى، والنائب السابق خليل أبل في الدائرة الثالثة، وهاني حسين شمس في الدائرة الخامسة، بينما مرشحه في الدائرة الرابعة مبارك النجادة لم يحالفه الحظ في النجاح.
إلى جانبه، خطف "تجمع العدالة والسلام" (الشيعي)، مقعدين في مجلس الأمة، للنائب السابق صالح عاشور في الدائرة الأولى، وللنائب السابق خليل الصالح في الدائرة الثالثة.
وشهدت الانتخابات فوز أستاذ القانون عبيد الوسمي بشق الأنفس، والذي قاد ما عُرف بـ"الحوار الوطني" بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المجلس المنحلّ، حيث حلّ ثامناً في الدائرة الرابعة، وخسر عدد من النوّاب المقربين منه مقاعدهم في مجلس الأمة، مثل مساعد العارضي وفرز الديحاني في الدائرة الرابعة، وهشام الصالح في الدائرة الثالثة، وبدر الحميدي في الدائرة الثانية.
فشل نواب تقلدوا حقائب وزارية
كما فشل النواب الذين تقلدوا حقائب وزارية في الحكومة الأخيرة لرئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح في الحفاظ على مقاعدهم، وهم وزير الإعلام والثقافة السابق حمد روح الدين الكندري في الدائرة الأولى، ووزير الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية ووزير الدولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني السابق مبارك العرو في الدائرة الثالثة، ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة السابق محمد عبيد الراجحي في الدائرة الرابعة.
أما "حركة العمل الشعبي" (حشد)، والتي يتزعمها النائب السابق والمعارض البارز مسلّم البراك، بعد قرارها المشاركة في الانتخابات وتراجعها عن المقاطعة التي دامت عشرة أعوام، بمرشحيها الثلاثة متعب عايد الرثعان في الدائرة الرابعة، ومحمد مساعد الدوسري في الدائرة الخامسة، وباسل البحراني في الدائرة الأولى، فقد فشلت في إيصالهم إلى مجلس الأمة، كما هو حال "المنبر الديمقراطي الكويتي" الذي شارك بممثله الوحيد عزام بدر العميم في الدائرة الثالثة.
وجرت عملية الانتخاب في 118 مركزاً للاقتراع، بعدد لجان انتخابية بلغ 759، ما بين أصلية وفرعية، موزعة على الدوائر الانتخابية الخمس، بحسب "إدارة شؤون الانتخابات" التابعة لوزارة الداخلية الكويتية.
وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس دوائر، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وبلغ عدد من يمكنهم الانتخاب أكثر من 730 ألف ناخب وناخبة، لاختيار 305 مرشحين، بينهم 22 امرأة.
وبلغ عدد المرشحين في الدائرة الأولى 48، بينهم 3 نساء، وكذلك 48 مرشحاً في الدائرة الثانية، بينهم 4 نساء، و47 مرشحاً في الدائرة الثالثة، بينهم 8 نساء، و80 مرشحاً في الدائرة الرابعة، بينهم 5 نساء، و82 مرشحاً في الدائرة الخامسة، بينهم امرأتان.
كما بلغ عدد الناخبين في الدائرة الأولى أكثر من 95 ألف ناخب وناخبة، وفي الدائرة الثانية أكثر من 84 ألف ناخب وناخبة، وفي الدائرة الثالثة أكثر من 131 ألف ناخب وناخبة، بينما الدائرة الرابعة نحو 188 ألف ناخب وناخبة، وفي الدائرة الخامسة نحو 238 ألف ناخب وناخبة.