مع بدء العد التنازلي للحملة الممهدة للانتخابات المغربية في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري، تعد دوائر انتخابية في تشريعيات المغرب بسباق محموم للظفر بالمقاعد المخصصة لها، وصل إلى حد تصنيفها في خانة "دوائر الموت"، بالنظر إلى طبيعة المرشحين المتنافسين ورهانات وانتظارات قيادات الأحزاب التي نزلت بكل ثقلها لتحقيق نصر انتخابي على خصومها السياسيين.
وتبدو 6 دوائر انتخابية من أصل 92 دائرة، هي مجموع الدوائر المحلية في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، ساحة لـ"معركة سياسية" بين المرشحين لكسب أصوات الناخبين، اعتمادا على معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية خاضعة للتغيير، وأيضا على ثقلهم السياسي بوصفهم أمناء عامين للأحزاب ووزراء سابقين وقيادات من الصف الأول.
وتشمل "دوائر الموت" أساسا دائرة "الرباط المحيط" في العاصمة المغربية، حيث تبدو المنافسة على أربعة مقاعد برلمانية على أشدها بين رئيس الحكومة المغربي، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" سعد الدين العثماني، وبين منافسين من العيار الثقيل في مقدمتهم الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية" محمد نبيل بنعبد الله، الذي يراهن على مقعد انتخابي يعيده بقوة إلى الأضواء.
وفي الوقت الذي يتعذر فيه أن يعيد "العدالة والتنمية" تكرار الإنجاز الذي حققه في تشريعات 2016، حين حصل على مقعدين من أصل أربعة مقاعد بسبب ما يفرضه اعتماد قاسم انتخابي جديد على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل المشاركين، تبدو حظوظ مرشح تحالف "فيدرالية اليسار الديمقراطي" (المكون من حزبي الطليعة الاشتراكي الديمقراطي والمؤتمر الوطني الاتحادي) قائمة لإعادة الاختراق الذي كان قد حققه البرلماني السابق عمر بلافريج، من خلال الدفع بوزيرة المالية القيادية السابقة بالحزب الاشتراكي الموحد مريم بنخويا.
بالمقابل، اختار حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" (المشارك في الائتلاف الحكومي)/ رئيس الهيئة الوطنية للأطباء البياطرة بدر الطناشري الوزاني، على أمل تحقيق نصر انتخابي، وتجاوز عثرة انتخابات 2016، حين حل الحزب ثامنا في السباق نحو مجلس النواب.
وإلى جانب دائرة الرباط المحيط، ينتظر أن تتجه الأنظار إلى دائرة العرائش التي ستعرف اصطداما قويا بين الأمين العام لحزب الاستقلال (أعرق الأحزاب المغربية) نزار بركة، الساعي إلى تكرار فوز الأمين العام السابق للحزب والوزير الأول السابق عباس الفاسي في عام 2007، ومرشح حزب التجمع الوطني للأحرار محمد السيمو، الساعي إلى العودة للمرة الثانية على التوالي إلى البرلمان المغربي بعد أن كان قد تصدر نتائج اقتراع 2016. كما يبرز اسم سعيد خيرون القيادي في "العدالة والتنمية"، ومشيج القرقري مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي، ضمن الأسماء المرشحة بقوة للظفر بأحد المقاعد المخصصة لدائرة العرائش.
وبالرغم من أن الانتخابات المرتقبة في المغرب تبدو، في مجملها، بلا رهانات سياسية كبرى، إلا أن النزال الانتخابي بدائرة مراكش المدينة يعد بمنافسة كبيرة في ظل المواجهة المنتظرة بين أسماء وازنة من قبيل عمدة المدينة، القيادي في حزب "العدالة والتنمية"، محمد العربي بلقايد، ونائبه الحالي يونس بنسليمان الذي رحل إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، وعمدة مراكش السابقة ورئيس المجلس الوطني لحزب "الأصالة والمعاصرة"، فاطمة الزهراء المنصوري، ورئيس جماعة "تاسلطانت" عبد العزيز الدريوش عن حزب "الاستقلال" المعارض. بالإضافة إلى مرشح حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خالد الفتاوي.
أما في دائرة أكادير (جنوب المغرب) فسيكون التنافس على أشده بين حزب "العدالة والتنمية"، الذي كان قد اكتسح نتائج الانتخابات السابقة الجماعية لعام 2015 والتشريعية لعام 2016، وبين مرشح حزب "الأصالة والمعاصرة" الأمين الجهوي للحزب بجهة سوس ماسة، حميد وهبي، الذي يراهن على تحقيق نتائج مهمة والظفر بأحد المقاعد.
وفي دائرة فاس الجنوبية، سيعرف نزال 8 سبتمبر/ أيلول منافسة بين مرشح "العدالة والتنمية"، رئيس المجلس الوطني (برلمان الحزب) إدريس الأزمي الإدريسي، الذي كان قد حقق نصرا انتخابيا في عام 2016 بحصوله على 54 في المائة من أصوات الناخبين، وبين مرشحين خبروا اللعبة الانتخابية جيدا من أمثال مرشح التجمع الوطني للأحرار رشيد الفايق، ومرشح حزب "الاستقلال"، علال العمراوي.
وبينما تزيد حدة المنافسة في دائرة فاس المدينة مع ترشيح حزب "التقدم والاشتراكية" فاطمة الزهراء برصات والحزب الاشتراكي الموحد أسامة أوفريد، يواجه حزب "الأصالة والمعاصرة" منافسة مماثلة بدائرة الحسيمة (شمال المغرب) في ظل وجود مرشح حزب "الاستقلال"، ورئيس كتلته النيابية، نور الدين مضيان، ومرشح حزب "الحركة الشعبية " وزير الاتصال المتحدث الرسمي السابق باسم الحكومة، محمد الأعرج، فضلا عن مرشح "الأصالة والمعاصرة" محمد الحموتي، الذي يشغل منصب رئيس لجنة الانتخابات بالحزب، كما يشارك في السباق الانتخابي بدائرة الحسيمة مرشح الحزب الإسلامي وعضو البرلمان العربي، نبيل الأندلوسي.
ويبدو الوضع ذاته في دائرة المحمدية (القريبة من الدار البيضاء) التي تعرف تنافس أحزاب سياسية كبرى، في مقدمتها "الأصالة والمعاصرة "و"العدالة والتنمية" و"التجمع الوطني للأحرار"، وحزب "الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي".
ويعد من أبرز المرشحين للظفر بأحد المقاعد في انتخابات مجلس النواب، مرشح الأصالة والمعاصرة، الطاهر بيمزاغ، ومرشح "الأحرار" هشام أيت منا، ومرشح حزب العدالة والتنمية نجيب البقالي، ومرشح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الحميد الجماهري، مدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي.
ويتوجه المغاربة يوم الأربعاء المقبل إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس الجماعية والمجالس الجهوية ومجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) في ظل سياق سياسي مختلف أبرز سماته وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخص على وجه الخصوص تطبيق النموذج التنموي الجديد الذي وضعته لجنة عينها العاهل المغربي.