أكد مصدر في مطار القاهرة الدولي وصول البرلماني السابق أحمد الطنطاوي إلى مصر على متن طائرة قادمة من بيروت، اليوم الخميس.
وبينما لم يعلن الطنطاوي عن موعد عودته ولم يؤكد حتى الآن وصوله، قال المصدر لـ"العربي الجديد"، إنّ الطنطاوي وصل إلى مطار القاهرة في حدود الساعة الثانية بعد الظهر (بالتوقيت المحلي)، وخرج من صالة الوصول دون توقيف.
يعود النائب السابق بعد فترة غياب، وكان مقرراً أن يعود إلى مصر يوم السبت الماضي، بحسب بيان له صادر في 20 إبريل/ نيسان الماضي، لمّح فيه إلى نيته وعزمه على الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، لتقديم ما سماه بـ"البديل المدني الديمقراطي"، لكنه أصدر بياناً، فجر اليوم المقرر لعودته، أعلن فيه تأجيل الموعد إلى يوم آخر خلال الأسبوع نفسه، لم يعلن عنه "حفاظاً على السلامة الشخصية للأشخاص الراغبين في استقباله في مطار القاهرة"، حسب تعبيره.
وأضاف: "نحن بذلك نفسح المجال لصوت العقل، وننتظر حلاً يعيد الحق لأصحابه والأبرياء لبيوتهم".
وكانت قوات الأمن المصرية قد بدأت يوم 3 مايو/ أيار، شن حملة اعتقالات طاولت عدداً من أقارب وأصدقاء الطنطاوي، من بينهم عمه وخاله وثلاثة من أصدقائه المقربين الذين عملوا معه سابقاً في حملة ترشحه لانتخابات مجلس النواب، فضلاً عن 11 مواطناً آخرين.
وقررت نيابة أمن الدولة العليا، مساء الخميس الماضي، حبس المتهمين 15 يوماً على ذمة القضية رقم 2397 لسنة 2021، حصر أمن دولة عليا، باتهامات متعلقة بالانضمام لجماعة إرهابية، والتخطيط لتجمعات يزيد عدد أفرادها عن 5 أفراد في كل تجمع، دون الحصول على إذن أمني، إلى جانب حيازة ألعاب نارية محظور تداولها، وحيازة منشورات ولافتات دعائية بعضها انطوى على عبارات عدائية وأخرى مناهضة للدولة المصرية، قبل أن يصدر قرار بالأمس بإخلاء سبيل خال النائب السابق محمد سيد أحمد عبد القادر، بكفالة خمسة آلاف جنيه مصري، وإخلاء سبيل علاء محمد أنيس عمار، المحبوس على ذمة القضية نفسها، بكفالة ألف جنيه مصري، بينما يظل مصير عمه وباقي المعتقلين غير معروف.
وفي وقت سابق، قالت مصادر من داخل الحركة المدنية إنّ اتصالات جرت مع مسؤولين رسميين، أشارت إلى احتمال إخلاء سبيل المعتقلين من أسرة طنطاوي في أقرب وقت، منعا لمزيد من الإحراج داخل مكونات الحركة.
وتوفرت معلومات تفيد بأنّ هناك مقترحاً بأن يتم إخلاء سبيل أقارب طنطاوي بعد أيام وليس على الفور للخروج من هذا المأزق، خاصة أن بعض المشاركين في الحوار نصحوا دوائر رسمية بأن خطوة الاعتقال نفسها ستزيد من رصيد الطنطاوي، وأنّ إخلاء سبيل أقاربه ربما يقوي موقف الفريق الذي يؤيد الاستمرار في الحوار في مواجهة دعوات الانسحاب، وأن المحصلة النهائية لذلك هي تحسين صورة النظام في أنه أبدى حسن نيته في جدية الحوار ولو من حيث الشكل.
وكانت حالة من الجدل قد صاحبت إعلان الطنطاوي العودة من بيروت للقاهرة قبل نحو شهر، وتلميحه إلى اعتزام الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة في مواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بوصفه ممثلاً لما يعرف بـ"التيار المدني الديمقراطي" الذي تحتاج إليه البلاد.
ولم يتعرض الطنطاوي للتوقيف في مطار القاهرة خلال رحلته المفاجئة إلى بيروت في أغسطس/ آب من العام الماضي، كما جرت العادة مع معارضي السلطة الحاكمة، ما أثار تساؤلات عديدة في الأوساط السياسية حول توقيت خروجه من البلاد، من دون أن يشارك في المؤتمر العام للحزب لاختيار خليفته في منصب الرئيس، وإمكانية سفره وفق تفاهمات مع أجهزة في الدولة، جرت سواء بشكل مباشر، أو من خلال وساطات.
وجاء إعلان عودة الطنطاوي في أعقاب انتخابات نقابة الصحافيين في مصر، التي استحوذت أخيراً على مساحة كبيرة من مناقشات المثقفين والمنشغلين بالشأن المصري، بعد فوز المرشح خالد البلشي بمقعد نقيب الصحافيين، وما تلا ذلك من ترويج إعلامي بشأن حدوث انفراجة مزعومة في المجال العام.
وسبقت الحديث عن تلك الانفراجة عودة المهندس الاستشاري ممدوح حمزة إلى القاهرة بعد غياب دام 3 سنوات، وظهوره في تسجيل مصور من صالة كبار الزوار في مطار القاهرة، يتحدث فيه عن روعة الاستقبال من أحد القيادات في وزارة الداخلية، وقوله له: "مصر ترحب بأبنائها المخلصين، وتفتح أذرعها لهم حتى يعودوا إلى بلدهم، وتستفيد منهم"، بحسب روايته.
ويرى مراقبون أنّ الأمر نفسه سيتكرر مع الطنطاوي، الذي أعلن عن عودته إلى مصر بعد نحو شهر ونصف الشهر، بما يؤكد أنّ لديه تطمينات بشأن رحلة العودة وعدم تعرضه إلى مضايقات أو توقيف من جانب أجهزة الأمن.
ويبدي البعض تخوفات من تكرار سيناريو حمدين صباحي، الذي لعب دور "الكومبارس" في انتخابات الرئاسة عام 2014، التي حصل فيها على 3% فقط من جملة الأصوات، حتى يمنح السيسي الشرعية لتولي حكم البلاد، بعد عام واحد من تنفيذه انقلاباً عسكرياً ضد الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي، حين كان يشغل منصب وزير الدفاع.
وينتمي الطنطاوي لتيار صباحي نفسه، بل يعتبر أنّ الأخير هو "الأب الروحي" له، إذ كان يرأس تحرير جريدة "الكرامة" التي كان يعمل بها صحافياً، ويبدو أنه يسير على دربه في تقديم نفسه على أنه مرشح "التيار المدني" من أجل إعطاء صفة التعددية والديمقراطية لانتخابات الرئاسة.