انتخب البرلمان الباكستاني، اليوم الإثنين، شهباز شريف، زعيم حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية"، رئيساً جديداً للوزراء خلفاً لعمران خان، بعد حصوله على 174 صوتاً في البرلمان، فيما أعلن مرشح حزب عمران خان، وزير الخارجية السابق شاه محمود قريشي، مقاطعة عملية التصويت.
واعتذر الرئيس الباكستاني عارف علوي عن عدم تأدية شهباز شريف اليمين الدستوري أمامه بسبب "حالته الصحية".
ويتولى شهباز شريف رئاسة الوزراء في باكستان وسط أزمة سياسية، يتوقع أن تمتد لشهور، بينما توعّد سلفه الذي أطيح به عمران خان بنقل المعركة إلى الشارع.
وأُقيل خان، نجم الكريكت السابق، الأحد، بعد تصويت بحجب الثقة عنه، ممهّداً الطريق لتحالف من المعارضة يواجه التحديات ذاتها التي كلّفت سلفه منصبه.
وكانت لجنة من حزب "حركة إنصاف"، الذي ينتمي إليه خان، قد أوصت باستقالة نواب الحزب جماعياً، احتجاجاً على ما يقولون إنه "تغيير للنظام" من قبل الولايات المتحدة.
وكان ما يصل إلى 20 من نواب "حركة إنصاف"، البالغ عددهم 155، قد قالوا في وقت سابق، إنهم سيصوتون مع حجب الثقة عن خان، الأحد، لكن دعمهم فقد أهميته بعدما انشق شريك الحزب في الائتلاف.
وستكون مهمة شريف الأولى تشكيل حكومة تعتمد بشكل كبير على "حزب الشعب الباكستاني" (يسار وسط)، وبشكل أقل على "جمعية علماء الإسلام" المحافظة.
"خصومة"
وهيمن حزبا "الشعب الباكستاني" و"الرابطة الإسلامية الباكستانية"، وقد أسستهما عائلتان سياسيتان باكستانيتان، على الحياة السياسية الباكستانية على مدى عقود، وفي غالب الأحيان كخصمين، لكن من المؤكد أن علاقاتهما ستتدهور قبيل الانتخابات المقبلة التي ينبغي إجراؤها بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وسيتعيّن عليهما التعامل مع ارتفاع معدل التضخم، وتراجع الروبية، وتراكم الديون، في وقت يزداد فيه الخطر الأمني، إذ عززت عودة حركة "طالبان" إلى السلطة في أفغانستان، العام الماضي، موقع نظيرتها الباكستانية.
وشهباز شريف هو الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء الذي تولى المنصب ثلاث مرّات وطاولته فضائح فساد نواز شريف. ووردت تكهنات في وسائل الإعلام الباكستانية تفيد بأن الأخير قد يعود قريباً من منفاه في بريطانيا.
وأقيل نواز شريف عام 2017، وسُجن لمدة عشر سنوات بتهم تتعلق بالفساد، إثر معلومات سرّبت في وثائق "بنما"، لكن تم الإفراج عنه ليخضع للعلاج في الخارج.
وواجه شهباز أيضاً إجراءات مرتبطة بالكسب غير المشروع. وعام 2019، صادرت هيئة مكافحة الفساد حوالي عشرين عقاراً تعود لشهباز شريف ونجله حمزة، واتهمتهما بتبييض أموال.
وأوقف واعتقل في سبتمبر/أيلول 2020، وبعد ستة أشهر أُفرج عنه بكفالة بانتظار محاكمة ما زالت معلقة.
وورث شريف، البالغ من العمر 70 عاماً، مع شقيقه شركة التعدين العائلية، فيما كان رجل أعمال شاباً قبل انتخابه لأول مرة في جمعية ولاية البنجاب عام 1988، وعُرف كمسؤول صارم أبقى الموظفين في حالة تأهب دائمة بقيامه بزيارات مباغتة إلى المكاتب الحكومية، وغالباً ما يذكر أبيات قصائد ثورية في خطاباته وخلال تجمعاته العامة.
خان ينقل المعركة إلى الشارع
لم يسبق لرئيس وزراء باكستاني أن أكمل ولايته، لكن خان كان أول رئيس وزراء يخسر المنصب بتصويت لسحب الثقة، في هزيمة لم يتقبلها بروح رياضية، وبذل كل ما في وسعه للبقاء في السلطة بعدما خسر غالبيته البرلمانية، بما في ذلك حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات. لكنّ المحكمة العليا اعتبرت جميع خطواته غير قانونية، وأمرت المجلس بعقد جلسة جديدة والتصويت على سحب الثقة منه، إلا أن خان أصر على أنه كان ضحية مؤامرة "لتغيير النظام" حاكتها واشنطن، وتوعّد بنقل المعركة إلى الشارع على أمل الضغط لإجراء انتخابات مبكرة.
ورأى المحلل السياسي طلعت مسعود أن خان يسعى على ما يبدو "لخلق مشاكل" للحكومة المقبلة، وقال الجنرال السابق لـ"فرانس برس": "بناءً على ما يقوله، يبدو أنه يسعى... لاتّباع سياسة تمرّد نوعاً ما، بدلاً من تحسين الأوضاع من أجل البلاد والمجتمع".
وينأى الجيش بنفسه على ما يبدو في مواقفه العلنية عن الأزمة الأخيرة، لكن باكستان شهدت أربعة انقلابات منذ استقلالها عام 1947، وعاشت أكثر من ثلاثة عقود تحت حكم الجيش.