استمع إلى الملخص
- رئيس كتلة الخط الوطني السيادي، عبد الرزاق عويدات، أكد أن إيقاف النائب يثير الشكوك، مشيراً إلى أن البرلمان يسعى لمعاملة النواب كمواطنين عاديين وفقاً للدستور.
- تصويت الجلسة العامة لا يضمن تحديد موعد لجلسة الحوار مع الوزارتين، مما يعكس توترات سابقة بين البرلمان والحكومة وتعقيد العلاقة مع الأجهزة القضائية.
صوّت البرلمان التونسي، اليوم الثلاثاء، في افتتاح أشغاله بمناسبة بداية الدورة النيابية الجديدة، على إدراج بند استثنائي غير مدرج في جدول الأعمال. يتعلق هذا البند بطلب دعوة وزيري الداخلية، خالد النوري، والعدل، ليلى جفال، لعقد جلسة طارئة للتداول حول إيقاف النائب المستقل حمدي بن صالح.
وقد وافقت الجلسة العامة على اللائحة بتصويت 66 نائباً بنعم، مع احتفاظ ثمانية نواب بأصواتهم ورفض 22 آخرين (من أصل 161 نائباً العدد الكلي) طلب دعوة وزير الداخلية خالد النوري ووزيرة العدل ليلى جفال إلى جلسة مخصصة للتداول حول توقيف النائب المستقل حمدي بن صالح (غير منتمٍ لأي كتلة) عن دائرة محافظة سوسة (وسط شرق). جاء هذا القرار في ظل احتجاجات من البرلمانيين الذين رفعوا شعارات تطالب بإطلاق سراح زميلهم، حيث وضع النواب لافتات صفراء على مكاتبهم بقاعة الجلسة العامة كتب عليها "كفى ظلماً، أطلقوا سراح حمدي" و"يزي ظلم، سيب حمدي"، إلى جانب صور للنائب الموقوف منذ أكثر من أسبوع، مما أدى إلى تأخير بداية الجلسة لمدة تقارب الساعة.
في تصريح لـ"العربي الجديد"، أكد رئيس كتلة الخط الوطني السيادي، عبد الرزاق عويدات، أنّ "الجلسة العامة اعتبرت أن إجراءات إيقاف النائب حمدي بن صالح تكتنفها شكوك تحتاج إلى توضيح". وأوضح أنّ "إيقاف النائب جاء عقب تبادل للعنف مع مسؤول بلدي في مقر البلدية، بينما تم الإبقاء على الطرف الآخر في حالة سراح". وأشار إلى أن "الشهادة الطبية التي قدمها الطرف الآخر تشير إلى ضرورة راحته لمدة 10 أيام، في حين أن ما يتطلبه الإيقاف هو 21 يوماً على الأقل".
وأعرب عويدات عن استغرابه من الاستناد إلى الفصل 66 من الدستور، الذي ينص على عدم تمتع النواب بالحصانة في قضايا الثلب والعنف، سواء داخل البرلمان التونسي أو خارجه، مشيراً إلى أن الهدف من هذا الفصل هو تفادي تعطيل أعمال البرلمان، وليس إسقاط الحصانة في كل الحالات. وأضاف أنه "يجب أن يتساوى النائب مع المواطنين في القانون، خصوصاً عندما يكون العنف متبادلاً بين طرفين من مؤسسات الدولة، أحدهما يمثل الوظيفة التشريعية والآخر الوظيفة التنفيذية".
وتساءل عويدات عن الإجراءات المتبعة، مشيراً إلى أن "هناك تمييزاً في التعامل مع الأطراف المعنية، إذ تم الاحتفاظ بالنائب دون الآخر، رغم أن كليهما كان يجب أن يكون في حالة سراح إلى حين مثولهما أمام المحكمة". كما تساءل عن السبب وراء استمرار توقيف النائب لأكثر من أسبوع دون وضوح الإجراءات المتخذة في هذه القضية.
وأوضح عويدات أن "البرلمان التونسي لا يطالب بمعاملة خاصة للنواب، بل يسعى إلى أن يعاملوا مثل باقي المواطنين"، مشيراً إلى أن جلسة الحوار تهدف فقط إلى طلب توضيحات وليس للتدخل في عمل السلطة القضائية التي يحترم استقلاليتها وقراراتها كافة. وأضاف أن "الجلسة، التي ستحدد لاحقاً، تهدف إلى توضيح كيفية التعامل مع النواب وفقاً للفصل 66 من الدستور، والذي ينص على معاملة النائب كمواطن عادي خارج إطار عمل المجلس". وأشار عويدات إلى أنه "في حالات العنف البسيط بين المواطنين، غالباً ما يتم عرضهم على المحكمة في حالة سراح وتغريمهم مالياً بدلاً من إيقافهم".
ونقلت وسائل إعلام محلية عن المتحدث الرسمي باسم محكمة سوسة، وسام الشريف، أن النيابة العمومية أصدرت أمراً بتوقيف النائب حمدي بن صالح، استناداً إلى شكوى قدمها موظف في بلدية سوسة في 21 أكتوبر/ تشرين الأول، زعم فيها تعرضه للعنف اللفظي والجسدي، بعد خلاف مع النائب وصل حدّ الاعتداء الجسدي، حسب رواية الشاكي.
ويرى مراقبون أن تصويت الجلسة العامة على طلب عقد جلسة حوارية مع وزارتي العدل والداخلية لا يضمن تحديد موعد لها، إذ يتطلب الأمر موافقة مسبقة من الوزيرين. كما يمكن للوزيرين تجاهل الطلب نظراً لعدم إلزامية حضورهم دستورياً، حيث لا يمنح الدستور صلاحيات رقابية مباشرة للنواب على أعضاء الحكومة، التي تخضع فقط لرئاسة الجمهورية.
وفي ظل توترات سابقة بين البرلمان التونسي وحكومة أحمد الحشاني، شهدت العلاقة توتراً ملحوظاً حيث رفض بعض الوزراء الرد على أسئلة النواب الشفوية، ووصل الخلاف مع وزارة التربية إلى تبادل بيانات تنديدية بين الطرفين.
في سياق مشابه، أوقف الصيف الماضي النائب معز بن يوسف عن كتلة الأمانة والعمل وأودع السجن بعد خلاف مع سائق أجرة تطور إلى مشادة مع أفراد دورية أمنية. وقد أثار هذا الموقف احتجاجات من بعض البرلمانيين على خرق إجراءات الدستور المتعلقة بالحصانة، حيث ينص الفصل 65 على أنه "لا يمكن تتبع أو إيقاف أحد النواب أثناء ولايته بسبب تهم جنائية دون رفع الحصانة من قبل مجلس نواب الشعب".
في 12 يوليو/ تموز 2024، أصدرت الدائرة الجناحية في المحكمة الابتدائية بسوسة حكماً يقضي بسجن النائب معز بن يوسف لمدة أربعة أشهر مع تأجيل التنفيذ، بالإضافة إلى غرامة مالية، وذلك بتهم "هضم جانب موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته بالقول والتهديد"، و"الاعتداء بالعنف الشديد" و"القذف العلني" و"السكر الواضح". وبعد الإفراج عنه، قدم بن يوسف استئنافًا على الحكم الابتدائي.
في السياق ذاته، يقبع النائب وجدي الغاوي في السجن منذ انطلاق أعمال البرلمان التونسي في 13 مارس/ آذار 2023، بعدما أوقفته وحدة أمنية من داخل مقر البرلمان تنفيذاً لبطاقة جلب صادرة بحقه. كما شهدت المحكمة في بن عروس حكمًا ابتدائياً بالسجن لمدة ثمانية أشهر، صدر في 9 مارس 2023، بحق نائبة برلمانية عن دائرة بن عروس-المدينة الجديدة، وهي بدورها استأنفت الحكم.
ويتواصل مسلسل القضايا، حيث يواجه عدد من النواب الآخرين أحكاماً ابتدائية، ويلاحقهم القضاء بتهم تتعلق بالثلب والتشهير وأخرى متصلة بالشؤون الانتخابية، مما يزيد من تعقيد العلاقة بين البرلمان والأجهزة القضائية.