تجري الأحزاب السياسية في الجزائر اتصالات ومشاورات، للتوافق حول الشخصية التي سيتم إسناد منصب رئيس البرلمان إليها، على الرغم من أن كل المؤشرات تؤكد أن رئاسة الجمهورية هي التي ستحسم الأمر، بالنظر إلى حساسية المنصب من جهة، وإلى موالاة أغلب الأحزاب التي لديها كتل نيابية للسلطة، بعد انتخابات 12 يونيو/حزيران الماضي.
ويعقد البرلمان الجزائري الجديد جلسته الأولى يوم الخميس، الثامن من يوليو/تموز الجاري، ويشرف على الجلسة الأولى أكبر النواب برفقة أصغر نائبين، وتخصص لإثبات العضوية ثم إجراء انتخابات داخلية بالاقتراع السري لاختيار رئيس للبرلمان ونوابه، ويبدأ غداً الثلاثاء التحاق النواب الجدد بالعاصمة لاستكمال الترتيبات الأولية لجلسة الافتتاح.
وأعلن التجمع الوطني الديمقراطي أنه غير معني بالمنافسة على رئاسة البرلمان وعدم تقديم مرشح عن الحزب، لكن كتلة التجمع ستدعم أي مرشح تتوافق عليه قوى التيار الوطني، جبهة التحرير الوطني وجبهة المستقبل وكتلة المستقلين.
ويحسم حزب جبهة التحرير الوطني، بعد غدٍ الأربعاء، موقفه من اسم المرشح لرئاسة البرلمان، عندما يعقد الأمين العام للحزب أبو الفضل بعجي اجتماعا مع نواب الحزب، عشية الجلسة الأولى للبرلمان المقررة الخميس المقبل.
كما يعقد رئيس جبهة المستقبل بلعيد عبد العزيز، الأربعاء، لقاء مع نواب كتلة حزبه لمناقشة مسألة انتخاب رئيس البرلمان، وتعيين رئيس الكتلة النيابية للحزب.
ويُتوقع أن تدعم حركة البناء الوطني، ثاني الأحزاب الإسلامية في البرلمان، التوافقات التي ستتوصل إليها الكتلة الوطنية، بخلاف الحزب الإسلامي الأول حركة مجتمع السلم، التي وضعت نفسها خارج كتلة الأغلبية الرئاسية واختارت التموضع في المعارضة.
وكانت في مقدمة الأحزاب السياسية التي أعلنت أنها معنية بتقديم مرشح لرئاسة البرلمان، وسبق لها أن أعلنت عن تعيين أحمد صادوق رئيساً للكتلة النيابية، لكن قرار مجتمع السلم عدم المشاركة في الحكومة يضعف كل إمكانية فوز مرشحها المحتمل بمنصب رئاسة البرلمان.
وتُطرح في هذا السياق بعض الأسماء التي تم تداولها لتكون مرشحة لرئاسة البرلمان، أبرزها العضو القيادي في جبهة المستقبل والرئيس السابق للجنة مراقبة الانتخابات عام 2017 فاتح بوطبيق، إضافة إلى النائبة عن جبهة التحرير فريدة اليمي، لكن استمرار نفس معطيات العلاقة بين أحزاب الموالاة، التي تشكل الأغلبية في البرلمان والسلطة السياسية، تتيح لرئاسة الجمهورية حسم الموقف والإشارة إلى هذه الأحزاب باختيار رئيس للبرلمان من بين الشخصيات المعروفة والتي لها تجربة سياسية.
وقال المحلل السياسي محمد كريش لـ"العربي الجديد": "إن طبيعة الظرف السياسي الحساس في البلاد، وحساسية المنصب لكونه الرجل الثالث في السلم الدستوري، وكون أن الأغلبية من الموالاة، فإن الرئاسة تلعب دوراً رئيساً في اختيار رئيس للبرلمان، تضمن السلطة السياسية ولاءه، أو انسجامه على الأقل مع المؤسسة العليا في البلاد، وتجنب أي اختيار قد يشوش على اختيارات السلطة والحكومة في المرحلة المقبلة".
ويضم البرلمان الجديد الذي انبثق عن انتخابات 12 يونيو/حزيران الماضي ست كتل كبرى، تمثل أحزاب جبهة التحرير الوطني بـ98 مقعدا، وحركة مجتمع السلم بـ65 مقعداً، والتجمع الوطني الديمقراطي بـ57 مقعدا، وجبهة المستقبل بـ48 مقعداً وحركة البناء الوطني بـ39 مقعداً.