قُتل شخص يُعتقد أنه قيادي بارز في تنظيم "حراس الدين" المتطرف في شمال غربي سورية، أمس الجمعة، جراء عملية من المرجح أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية شنها ضمن استهداف متكرر لرؤوس هذا التنظيم بهدف إضعافه وإخراجه من دائرة التأثير بشكل كامل.
وقالت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في بيان، إن شخصين مجهولي الهوية قُتلا الجمعة بقصف صاروخي من طائرة مسيرة مجهولة الهوية، استهدف دراجة نارية يستقلانها على طريق قاح - دير حسان في ريف إدلب الشمالي.
وأوضح مراسل "العربي الجديد" في المنطقة أن أحد القتيلين من جنسية أجنبية، ويُعتقد أنه القيادي في تنظيم "حراس الدين" أبو عبادة العراقي. كذلك لفت إلى العثور على بقايا صاروخ في منطقة الاستهداف عادة ما تستخدمه طائرات التحالف، ما يشير إلى إمكانية مسؤوليتها عن تنفيذ هذا الهجوم.
وشكّل فصيل "حراس الدين" عام 2018 عقب انشقاق عدد من قياديي "هيئة تحرير الشام" عنها، إثر إعلانها فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" ضمن مساعيها لدرء تهمة الإرهاب عنها.
ويضم الفصيل الذي يعتبر الفرع الأحدث تأسيساً بين الفروع الإقليمية لـ"القاعدة" العديد من المجموعات المتشددة التي تسترشد بعدة شخصيات تتبنى الفكر الجهادي السلفي، منها من قتل في الشمال الغربي من سورية بضربات طيران التحالف الدولي. ويُعتقد أن سامي العريدي (لقبه أبو محمود الشامي) الأردني الجنسية شخصية محورية في "حراس الدين" وهو ما دفع واشنطن إلى عرض مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه تؤدي إلى قتله.
ولا يعد استهداف الجمعة الأول الذي يشنه التحالف الدولي ضد قياديين في تنظيم "حراس الدين"، إذ سبق أن قُتل العديد من عناصر التنظيم، آخرهم أبو حمزة اليمني، إذ استُهدف بصاروخ حين كان يتنقل بمفرده على دراجة نارية في ريف إدلب شمالي غربي سورية.
وقالت "القيادة الوسطى الأميركية" في حينه إن مقتله سيعطل قدرة "القاعدة" على تنفيذ هجمات "ضد الأميركيين وشركائهم والأبرياء حول العالم"، حسب تعبيرها.
وقتل طيران التحالف منتصف عام 2020 قياديَّين اثنين في "حراس الدين"، هما المدعو بلال اليمني أو بلال الصنعاني الذي يقود قطاع البادية في التنظيم، والأردني المدعو قسام الأردني الذي كان القائد العسكري في "حراس الدين".
وفي عام 2019، قتل التحالف الدولي بغارة جوية في ريف حلب الغربي أبو خديجة الأردني أو بلال خريسات، والذي كان قيادياً بارزاً في "حراس الدين". كما استهدف هذا الطيران في العام نفسه معسكرات تدريب لهذا التنظيم أكثر من مرة في ريف حلب وإدلب.
ويحاول التحالف الدولي "تحييد" العدد الأكبر من قياديي التنظيم المتطرف الموجودين في شمال غربي سورية الذي شهد خلال السنوات الفائتة مقتل قادة في الصف الأول من تنظيمي "داعش"، وحراس الدين.
وقتل عام 2019 زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي في ريف إدلب بغارة أميركية، ثم قتل خليفته عبد الله قرداش، الملقب بـ"أبو إبراهيم الهاشمي القرشي"، مطلع العام الفائت في عملية مماثلة في شمال غربي سورية.
وفي السياق، ذكرت مصادر محلية مواكبة لمشهد الفصائل المتطرفة في سورية أنه "لم يعد لتنظيم حراس الدين أي تأثير ذي قيمة في الشمال الغربي من سورية"، مشيرة إلى أنه "لم يبق من التنظيم سوى خلايا في عدة مناطق بعدما كان موجوداً في ريف إدلب الغربي وفي ريف اللاذقية الشمالي الشرقي".
وكانت هيئة تحرير الشام، وهي سلطة الأمر الواقع شمال غربي سورية، قد شنّت مطلع العام الفائت حملة واسعة النطاق ضد قيادات وعناصر تنظيم "حراس الدين"، واعتقلت العشرات من قادة الصفين الأول والثاني.
إلى ذلك، بيّن الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، عرابي عرابي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا جديد في سياسة التحالف الدولي اتجاه تنظيم حراس الدين بالذات".
وبحسب عرابي، فإن "هذا التنظيم منذ فترة طويلة فاقد للفعالية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هذا "التنظيم مكون من عدد من القياديين الذين يميلون إلى الجهاد المعولم، أي ليس لديهم مانع من الانتقال إلى بلدان أخرى وهم أصحاب خبرة".
ويضع عرابي استهداف القيادي، الجمعة، في ريف إدلب، "في سياق سياسة إنهاء أي وجود لهذا التنظيم رغم فقدانه أي تأثير"، مبيناً أن "خلايا التنظيم في سورية ضعيفة وتمويلها بالحد الأدنى، وبعض عناصر التنظيم اضطر للعمل ببيع الحطب، بسبب التضييق عليهم من قبل هيئة تحرير الشام".
ويعتقد عرابي أن التحالف الدولي "يجد أن الفرصة سانحة للقضاء على ما بقي من قيادات التنظيم كيلا يتسرّبوا إلى خارج سورية".