دعا أحد المتشددين، الذين تم الإفراج عنهم في إطار صفقة الرهينة الفرنسية صوفي بترونين، المسلحين الناشطين في صفوف الجماعات الإرهابية في شمال مالي، لوقف نشاطهم والعودة إلى الجزائر.
وقال المتشدد الحسين ولد عمار ولد مغنية، المعروف بـ"مايس"، الذي اعتقله جهاز الأمن الجزائري أمس في منطقة تيمياوين بولاية تمنراست، في تسجيل مصور نشرته وزارة الدفاع الجزائرية، إنه يوجه رسالة إلى الجماعة من الجزائريين الذين ما زالوا هناك (في شمال مالي) للعودة إلى بلادهم الجزائر.
وتحدث مايس، الذي يبلغ من العمر 32 سنة، عن ظروف اعتقاله في مالي من قبل القوات الفرنسية، التي عثرت بحوزته على أسلحة كانت قد أودعتها لديه مجموعة مسلحة، قبل تسليمه إلى السلطات المالية، إذ أُودع السجن والتقى هناك بعدد من المتشددين الجزائريين، قبل أن يُفرج عنه في الصفقة بين فرنسا وتنظيم "أنصار الدين" المتمركز في شمال مالي.
وكانت الصفقة قد تمت في سبتمبر/أيلول في الماضي، وتم بموجبها إطلاق سراح أكثر من 200 متشدد ودفع فدية مالية قُدرت بتسعة ملايين يورو لجماعة متشددة مقابل الإفراج عن ثلاثة رهائن أوروبيين، وأكد أن الأمن الجزائري قام باعتقاله مباشرة بعدما نجح في دخول البلد والوصول إلى مسقط رأسه في بلدة تيماوين، وهي بلدة حدودية تقع على خط تماس مع منطقة شمال مالي.
وكانت وزارة الدفاع الجزائرية قد أعلنت عن اعتقال مايس، أمس، دون أن تعطي أي تفاصيل إضافية عما إذا كان يحمل أسلحة أو متفجرات، وما إذا كان بصدد العودة للبلاد، أو بغرض تنفيذ عمليات إرهابية داخل التراب الجزائري، مشيرةً إلى أن"هذه العملية النوعية تأتي لتؤكد مرة أخرى مدى عزم وحدات الجيش الوطني الشعبي على مواصلة إنجازاتها في ميدان مكافحة الإرهاب".
ويُعد ولد مغنية من بين المستفيدين من الصفقة التي أسفرت، بعد مفاوضات قادتها أطراف أجنبية، عن إطلاق السلطات المالية لسراح أكثر من 200 إرهابي في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، علاوة على دفع فدية مالية معتبرة للجماعات المتشددة مقابل الإفراج عن ثلاثة رهائن.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت وزارة الدفاع الجزائرية قد أعلنت إلقاء القبض على أول متشدد، من بين المفرج عنهم ضمن الصفقة المذكورة، إذ اعتقل جهاز الأمن الإرهابي مصطفى درار في منطقة تلمسان، أقصى غرب الجزائر، بعد مراقبة ومتابعة مستمرة له منذ دخوله عبر الحدود الجنوبية للجزائر.
ووجدت وزارة الدفاع الجزائرية، في عملية أمس، فرصة للتنديد مرة أخرى بالصفقة الفرنسية وإدانة سلوك باريس، وذكر بيان صادر عن الوزارة، اليوم، أن العملية تكشف أن مثل هذه التصرفات مشبوهة ومنافية للقرارات الأممية التي تجرّم دفع الفدية للجماعات الإرهابية.
وسبق أن وصفت الحكومة الجزائرية الصفقة بـ"المشؤومة"، واتهمت صراحة باريس بعرقلة مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وهاجمت بشدة الحكومة الفرنسية بعد إبرامها لهذه الصفقة مع التنظيم الإرهابي ودفع فدية لصالحه "بالتصرفات غير المقبولة والمنافية للقرارات الأممية التي تجرم دفع الفدية للجماعات الإرهابية".
وظلت الجزائر تقود منذ عام 2011 حملة دولية لتجريم دفع الفديات للجماعات الإرهابية كمقابل للإفراج عن الرهائن، لحرمان الإرهابيين من الاستفادة من عوائد الفدية لتمويل أنشطتهم الإجرامية.
وعبرت الجزائر، للمرة الثانية، عن مخاوفها من أن تؤدي الصفقة الفرنسية الأخيرة في مالي إلى تعزيز قدرات وإمكانات التنظيمات الإرهابية في شمال مالي ومنطقة الساحل، للتزود بالأسلحة والمتفجرات، واستخدامها لاحقاً في مهاجمة الجزائر، بسبب القرب الجغرافي، خاصة بلدة تيمياوين (نفسها التي أُلقي فيها القبض على الإرهابي اليوم).
الجزائر تعبر، للمرة الثانية، عن مخاوفها من أن تؤدي الصفقة الفرنسية الأخيرة في مالي إلى تعزيز قدرات وإمكانات التنظيمات الإرهابية في شمال مالي ومنطقة الساحل
وكانت تيمياوين قد شهدت في شهر فبراير/شباط الماضي تفجيراً انتحارياً بسيارة مفخخة استهدف ثكنة للجيش، كما أن أثبتت التحقيقات السابقة في سلسلة التفجيرات الانتحارية التي شهدتها الجزائر عام 2007، واستهدفت مقر قصر الحكومة وممثلية الأمم المتحدة ومقر المجلس الدستوري ومراكز أمنية وعسكرية في العاصمة وعدة مدن شرقي وجنوبي الجزائر، (أثبتت) أن تمويلها كان بفضل الفدية التي دفعتها ألمانيا ودول أوروبية لصالح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لأجل تحرير 33 من السياح الألمان عام 2003.